كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِوَاوِ الْعَطْفِ بَعْدَ أَوْ وَأَيْ كَأَعْمَرْتُك فَقَطْ أَوْ أَعْمَرْتُك وَأُورِثُك فَهُمَا مِثَالَانِ انْتَهَى وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ لَا مَانِعَةَ جَمْعٍ فَيَصْدُقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ.

(ص) وَرَجَعَتْ لِلْمُعَمِّرِ أَوْ وَارِثِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ تَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ لِلْمُعَمِّرِ مِلْكًا أَوْ لِوَارِثِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُعَقَّبَةً أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ الْمُعَقَّبَةُ تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَا تَرْجِعُ لِلْمُعَمِّرِ وَالْمُرَادُ وَارِثُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْمَرْجِعِ مَثَلًا لَوْ مَاتَ الْمُعَمِّرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلَهُ وَلَدٌ وَأَخٌ فَلَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا تُدْفَعُ لِلْأَخِ.
(ص) كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِآخَرِكُمَا مِلْكًا (ش) التَّشْبِيهُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْجَوَازِ أَيْ: فِي جَوَازِ رُجُوعِهَا فِي الْعُمْرَى مِلْكًا وَرُجُوعِهَا لِلْآخَرِ فِي الْحَبْسِ مِلْكًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدِي هَذَا حَبْسٌ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِلْآخَرِ مِنْكُمَا جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ مِلْكًا يَفْعَلُ فِيهِ مَا يَشَاءُ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مِلْكٌ لَيْسَ بِكَلَامِ الْمُحْبِسِ بَلْ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: رَجَعَ أَوْ الرُّجُوعُ مِلْكٌ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مِلْكًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي رَجَعَتْ انْتَهَى أَيْ: رَجَعَتْ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ أَوْ وَارِثِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُمْرَى وَلِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ وَتَأْخِيرُهُ هُنَا لِيَكُونَ نَصًّا فِي رُجُوعِهِ لِمَسْأَلَةِ الْحَبْسِ أَيْضًا الْمُحْتَاجُ إلَى طَلَبِ ذَلِكَ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ نُصُوصِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ إذْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلٌ فَلَوْ أُسْقِطَ وَهُوَ لِآخِرِكُمَا فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا رَجَعَ لِلْآخَرِ حَبْسًا، فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ فَهَلْ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ أَوْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحْبِسِ أَوْ وَارِثِهِ.

(ص) لَا الرُّقْبَى (ش) عَطْفٌ عَلَى الْعُمْرَى وَالْمَنْعُ ضِدُّ الْجَوَازِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى بَيَانِ حَقِيقَتِهَا الْعُرْفِيَّةِ بِالْمِثَالِ بِقَوْلِهِ (كَذَوِي دَارَيْنِ قَالَا إنْ مِتّ قَبْلِي فَهُمَا لِي وَإِلَّا فَلَكَ) أَيْ: كَصَاحِبَيْ دَارَيْنِ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ مِتّ قَبْلَك فَدَارِي حَبْسٌ عَلَيْك فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَلِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ إلَى الْمُخَاطَرَةِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ فُسِخَ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ رَجَعَتْ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا وَلَا تَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ بَاطِلٌ.

(ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَشْتَرِكَانِ أَيْ: يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَارِثُهُ بِالْفِعْلِ وَيُحْتَمَلُ وَارِثُهُ بِالْقُوَّةِ فَيَشْمَلُ ابْنَهُ الْمَوْجُودَ الْآنَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَثَابَةِ قَوْلِك أَعْمَرْتُك (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ إلَخْ) هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ أَوْ وَارِثَك أَيْ: أَنَّ ذَلِكَ الْإِعْمَارَ إمَّا لَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ) أَيْ: فَيَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْ: جَمْعُ الْأَمْرَيْنِ هُوَ وَوَارِثُهُ وَقَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَالثَّالِثَةُ هِيَ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فِي الْإِعْمَارِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ نُسْخَتِهِ أَوْ وَوَارِثَك هِيَ الْجَامِعَةُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ سَاكِنًا عَنْ نُسْخَةِ إعْمَارِ الْوَارِثِ فَقَطْ بِخِلَافِ هَذِهِ النُّسْخَةِ فَتَكُونُ شَامِلَةً لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِجَعْلِ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ.

(قَوْلُهُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ) أَيْ: لَا بِمَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَفِي الْعِبَارَةِ عَلَى انْقِرَاضِ الْعَقِبِ (قَوْلُهُ مَثَلًا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثَّلَ بِابْنٍ رَقِيقٍ وَأَخٍ حُرٍّ كَانَا مَوْجُودَيْنِ حِينَ مَوْتِ الْمُعَمِّرِ وَلَكِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُعَمَّرُ بِالْفَتْحِ حَتَّى عَتَقَ الِابْنُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِلْأَخِ لَا لِلِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا حِينَ مَاتَ الْمُعَمِّرُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا) وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَكُمَا أَمْ لَا وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ لِآخَرِكُمَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وَقَوْلُ شَارِحِنَا فَلَوْ أَسْقَطَ وَهُوَ لِآخَرِكُمَا أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَكُمَا (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْجَوَازِ) وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَجَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ إلَخْ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ وَفِي رُجُوعِهِمَا مِلْكًا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ بَلْ فَاعِلٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَيْ: إنْ مَلَّكَهُ لِأَحَدِهِمَا رَجَعَ، وَأَمَّا جَعْلُهُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ فَوَاضِحٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الرُّجُوعَ الْمَذْكُورَ عَلَى طَرِيقِ الْمِلْكِيَّةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي تَرْجِيعِهِ لِلْعُمْرَى أَيْ: مِنْ حَيْثُ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَاجُ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَبْسِ أَيْ: طَلَبَ الرُّجُوعَ لَهَا طَلَبًا أَكِيدًا وَأَصْلُ الْمَعْنَى الْمُحْتَاجُ إلَى الرُّجُوعِ الْمَطْلُوبُ لَهَا طَلَبًا أَكِيدًا وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِيَكُونَ نَصًّا (قَوْلُهُ إذْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَتْ فَقَوْلُهُ مَلَكَ فِي الْمَعْنَى مُتَقَدِّمٌ فَأَيْنَ النُّصُوصِيَّةُ (قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعُ إلَخْ) فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَهَذَا الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَعَلَى عَشَرَةٍ حَيَاتَهُمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَهُمْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِذَلِكَ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَفِي عب تَبَعًا لِمُفَادِ عج أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَبَقِيَ مَا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَيْكُمَا حَيَاتَكُمَا وَهُوَ لِآخَرِكُمَا كَانَتْ لِلْآخَرِ حَبْسًا فَإِنْ مَاتَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِمَا الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ بِصُورَةِ الْمُصَنِّفِ فَتَدَبَّرْهَا.

(قَوْلُهُ وَالْمَنْعُ ضِدُّ الْجَوَازِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا الرُّقْبَى فَهِيَ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ ضِدُّ الْجَوَازِ (قَوْلُهُ فَهُمَا لِي) لَا يَخْفَى أَنَّ دَارَ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ مِتّ قَبْلِي فَدَارُك لِي مَضْمُومَةٌ لِدَارِي وَإِنْ مِتّ قَبْلَك فَدَارِي لَك مَضْمُومَةٌ لِدَارِك فَهُوَ مِنْ الْمُشْبِهِ لِلنَّوْعِ الْمُسَمَّى فِي الْبَدِيعِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135] (قَوْلُهُ فَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ عج ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا وَقَعَ مَا ذُكِرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُمَا تَفْسِيرٌ) لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ رَجَعَتْ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ صَوَابُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رَجَعَتْ لِوَارِثِهِ

الصفحة 112