كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

كَهِبَةِ نَخْلٍ وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا سِنِينَ وَالسَّقْيِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (ش) هُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَهَبَ شَخْصًا نَخْلًا وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ لِنَفْسِهِ ثَمَرَتَهَا سِنِينَ مَعْلُومَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ السَّقْيَ لِلنَّخْلِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِلنَّخْلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ وَلِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا أَعْوَامًا مُعَيَّنَةً وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي سَقْيَهَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَصِيرُ النَّخْلُ إلَيْهِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَعْوَامِ فَهُوَ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ ثَمَرَتِهَا لِأَكْلِهَا لَجَازَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَالسَّقْيِ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّقْيُ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَلَكِنْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ لَجَازَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَهِبَةِ نَخْلٍ أَيْ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى سَقْيٍ وَعِلَاجٍ وَلَا مَفْهُومَ لِسِنِينَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْغَرَرُ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ التَّغَيُّرِ فَيَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ وَالثَّمَرَةُ وَالْأُصُولُ لِرَبِّهَا وَإِنْ فَاتَتْ بِتَغَيُّرِ مِلْكِهِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وَضَعَ يَدَهُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا أَكَلَهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ تَأَمَّلْ.

(ص) أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا سِنِينَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَدْفَعَ فَرَسًا لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً بِشَرْطِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ وَيَكُونُ لَهُ بَعْدُ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْفَرَسَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ تِلْكَ السِّنِينَ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْلَمُ الْفَرَسُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ بَاطِلًا فَهَذَا غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ وَاوُ الْحَالِ وَالْحَالُ قَيْدٌ أَيْ: شَرْطٌ فِي عَامِلِهَا وَصَاحِبِهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ شَرْطٌ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي تَعَقُّبِ الْبِسَاطِيِّ لَهُ نَظَرٌ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ أَيْ: أَنْ لَا يَمْلِكَهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَيَنْبَغِي إذَا سَقَطَ الشَّرْطُ صَحَّ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ خُيِّرَ رَبُّ الْفَرَسِ إمَّا أَنْ يُسْقِطَ الشَّرْطَ وَتَكُونَ الْفَرَسُ لِمَنْ أُعْطِيت لَهُ أَوْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيُؤَدِّيَ لِلرَّجُلِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ كَانَتْ الْفَرَسُ لِلْآخِذِ بَتْلًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ.

(ص) وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ (ش) وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَائِزِ وَضَمِيرُ اعْتِصَارِهَا عَائِدٌ عَلَى الْهِبَةِ لَا الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِصَارَ لَهُ فِيهِمَا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ دَنِيَّةٌ إذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ كَهِبَةِ نَخْلٍ) فَصَلَ بِالْكَافِ وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الرُّقْبَى مِنْهُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْهِبَةُ وَإِنْ مِنْ الْآنَ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْهِبَةَ وَاقِعَةٌ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا مِنْ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ إلَخْ إنَّمَا يَنْتِجُ عَنْ كَوْنِهِ بَيْعًا فَقَطْ لَا كَوْنِهِ مُتَأَخِّرَ الْقَبْضِ وَقَالَ شَارِحُنَا لَعَلَّ الْإِطْلَاقَ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَرَةَ أَيْ: الْغَرَرَ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَاشْتُرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي) لَا يَخْفَى أَنَّ مُلَاحَظَةَ الشَّرْطِيَّةِ فِي ذَلِكَ تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَنٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ سَابِقًا؛ لِأَنَّ سَقْيَهُ لِلنَّخْلِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَدْرِي عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي إلَخْ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا فِي النَّظِيرِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَ نَخْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَكَأَنَّهُ قَبَضَهُ لِكَوْنِ الثَّمَرَةِ لَهُ (قَوْلُهُ لَجَازَ ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّ قَبْضَ الْبُسْتَانِ حَصَلَ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ بِمَاءِ الْوَاهِبِ) ابْنُ عَاشِرٍ وَرُبَّمَا يُقَالُ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى مُعَانَاةٍ فِي السَّقْيِ بِمَاءِ الْوَاهِبِ فَيُشْكِلُ حِينَئِذٍ الْجَوَازُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ) اعْتَمَدَ عج كَلَامَ الْبِسَاطِيِّ جَاعِلًا أَنَّهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مَلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ مَلَكَ النَّخْلَ وَثَمَرَهُ وَلَا نَظَرَ لِلِاسْتِثْنَاءِ.

. (قَوْلُهُ أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو عَلَيْهَا سِنِينَ) قَالَ عج الْجَمْعُ هُنَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ السَّابِقِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ شَرْطٌ) الشَّرْطِيَّةُ بِحَسْبِ الْمَقَامِ لَا فِي كُلِّ حَالٍ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَك جَاءَ زَيْدٌ رَاكِبًا فَالْحَالُ فِي هَذَا قَيْدٌ لَا يُقَالُ لَهُ شَرْطٌ وَقَوْلُهُ وَصَاحِبُهَا فِيهِ تَسَامُحٌ إنَّمَا هِيَ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا (قَوْلُهُ وَفِي تَعْقِيبِ الْبِسَاطِيِّ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ وُهِبَ لَهُ الْآنَ وَصَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَجَلِ وَبِأَنَّ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَالْمُصَنِّفُ قَالَ سِنِينَ وَبِأَنَّهُ أَخَلَّ بِقَوْلِهِ ثُمَّ هِيَ لَهُ وَبِأَنَّ فِي كَلَامِهَا وَاشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ وَالْمُصَنِّفُ حَذَفَ وَاشْتَرَطَ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذِهِ الْإِيرَادَاتِ أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَبِيعُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ يُفِيدُ ذَلِكَ لِقَصْرِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي الثَّلَاثَةِ فَأَحْرَى فِي أَقَلَّ مِنْهَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ فَمَفْهُومَانِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَالْحَالُ قَيْدٌ أَيْ: شَرْطٌ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ صَحَّ) أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَبِيعُهُ.
(قَوْلُهُ كَانَتْ لِلْآخِذِ بَتْلًا) أَيْ فَالتَّفْصِيلُ حَيْثُ لَمْ يَنْقَضِ الْأَجَلُ وَإِلَّا مَلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ) وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّجَرِ مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ هُنَا قَدْ انْقَضَى وَلَمْ يَنْقَضِ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ الْأَشْجَارَ تَغَيَّرَتْ فِي ذَاتِهَا فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا فَاتَ فَلَوْ انْقَضَى الْأَجَلُ فَقَدْ مَلَكَهَا مِنْ غَيْرِ دَفْعِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَتِهَا كَالْفَرَسِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ دَنِيَّةٌ) أَيْ: الْحُرَّ وَقَوْلُهُ مِنْ وَلَدِهِ أَيْ: الْحُرِّ أَيْ ارْتِجَاعُهَا بِدُونِ عِوَضٍ جَبْرًا عَلَيْهِ

الصفحة 113