كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

تَأْثِيرَ فِي صِفَتِهَا فَلَمْ تَمْنَعْ الِاعْتِصَارَ كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ وَلَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ بَيْنَ الْمَعْنَوِيَّةِ كَتَعْلِيمِ صَنْعَةٍ لَهَا بَالٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ كَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَ يَعْمَلُ صَنْعَةً فَنَسِيَهَا أَوْ الْحِسِّيَّةِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ وَسِمَنِ الْهَزِيلِ وَهَلْ هُوَ عَامٌّ فِي الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ أَوْ فِي الدَّوَابِّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقَالَةِ وَمِمَّا يُفَوِّتُ الْهِبَةَ خَلْطُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَهَا بِمِثْلِهَا فَلَوْ زَالَ النَّقْصُ وَرَجَعَ الزَّيْدُ فَإِنَّهُ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ.
(ص) وَلَمْ يَنْكِحْ أَوْ يُدَايِنْ لَهَا أَوْ يَطَأْ ثَيِّبًا أَوْ يَمْرَضْ كَوَاهِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الِاعْتِصَارِ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْوَلَدُ قَدْ تَزَوَّجَ أَيْ عَقَدَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَإِنَّ عَقْدَ الْوَلَدِ النِّكَاحَ مُفَوِّتٌ لِلِاعْتِصَارِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَدَايَنَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِلِاعْتِصَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي التَّدَايُنِ لِأَجْلِ الْهِبَةِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ قَصْدُ الْوَلَدِ وَحْدَهُ فَلَوْ تَدَايَنَ لِغَيْرِ الْهِبَةِ بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَلِيلَةً فِي نَفْسِهَا لَا يُزَوَّجُ وَلَا يُعَامَلُ لِأَجْلِهَا فَإِنَّ التَّزَوُّجَ وَالتَّدَايُنَ حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ مِنْ اعْتِصَارِهَا وَلِلْأَبِ أَوْ الْأُمِّ الِاعْتِصَارُ، وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَ الْوَلَدُ الْبَالِغُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الِاعْتِصَارُ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا حَمَلَتْ، وَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا إلَى أَجَلٍ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ افْتِضَاضَ الْبِكْرِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَالِغٍ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ النَّقْصِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَذَلِكَ يَفُوتُ الِاعْتِصَارُ بِمَرَضِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِالْهِبَةِ أَوْ بِمَرَضِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا صَارَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَارِثٌ وَقَدْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الِابْنِ.
(ص) إلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْأُمَّ إذَا وَهَبَ أَحَدُهُمَا وَلَدَهُ هِبَةً وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ أَوْ وَهُوَ مِدْيَانٌ أَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَصِرَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَقْتَ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الِاعْتِصَارِ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِيمَا إذَا وَهَبَهُ وَلَيْسَ ثَمَّ مَرَضٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا مُدَايَنَةٌ وَهَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ وَهُوَ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ.
(ص) أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَرَضَ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ إذَا زَالَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِصَارُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَأَمَّا النِّكَاحُ وَالْمُدَايَنَةُ إذَا زَالَا فَإِنَّهُ يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِصَارِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرَضِ وَبَيْنَ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ أَنَّ الْمَرَضَ أَمْرٌ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَإِذَا زَالَا عَادَ الِاعْتِصَارُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَامَلَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَإِذَا زَالَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ الِاعْتِصَارُ وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَنُقِلَ هَذَا الْفَرْقُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(ص) وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَوْدَ الصَّدَقَةِ إلَى مِلْكِ مَنْ تَصَدَّقَ بِهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَاحْتُرِزَ بِالصَّدَقَةِ مِنْ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ مِمَّا إذَا عَادَتْ لَهُ بِمِيرَاثٍ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَقَوْلُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ أَيْ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُهُ وَلَا تَأْثِيرَ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ: وَلَا ذُو تَأْثِيرٍ وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي الدَّوَابِّ فَقَطْ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقَالَةِ) (قَوْلُهُ فَلَوْ زَالَ النَّقْصُ إلَخْ) أَيْ: كَأَنْ حَدَثَ نَقْصٌ ثُمَّ زَالَ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّيْدُ أَيْ: حَدَثَ زَيْدٌ ثُمَّ رَجَعَتْ لِحَالِهَا الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَيْ: عَقَدَ لِأَجْلِ الْهِبَةِ إلَخْ) هَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْكِحْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَدَايَنَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ يُقْرَأَ وَلَمْ يُدَايِنْ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَاحِبِ الدَّيْنِ إلَخْ يَقْتَضِي صِحَّةَ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَصَارَ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يُزَوَّجْ يَقْتَضِي قِرَاءَةَ وَلَمْ يُنْكَحْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَيُخَالِفُ مُقْتَضَى مَا صَدَرَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَيُقَالُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ أَنَّ قَصْدَ الْوَلَدِ وَحْدَهُ لَا يَكْفِي فِي الدَّيْنِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ أَوْ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَمُفَادُ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَكْفِي قَصْدُ الِابْنِ وَحْدَهُ وَكَذَا مُفَادُ غَيْرِهِ وَيَكُونُ قَصْدُ الْغَيْرِ أَوْلَى غَيْرَ أَنَّ مُحَشَّى تت يُفِيدُ قُوَّةَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تت حَلَّ الْمُصَنَّفَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَجَاءَ الْمُحَشَّيْ فَقَالَ هَذَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّأِ وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ) أَيْ الْعَلِيَّةَ لَا الْوَخْشَ فَلَا يَفُوتُهَا الْوَطْءُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الِابْنِ) كَالزَّوْجَةِ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ ابْنِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ أَوْ يَزُولُ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ: وَكَذَا لَوْ اعْتَصَرَ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ صَحَّ الْمَرِيضُ فَيَصِحُّ الِاعْتِصَارُ السَّابِقُ وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ زَوَالَ الزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ لَيْسَ كَزَوَالِ الْمَرَضِ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ) وَذَلِكَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا مَرِضَ الِابْنُ ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ هَلْ يَعُودُ الِاعْتِصَارُ لِزَوَالِ مَانِعِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْمُغِيرَةِ وَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ بِأَنَّ الِاعْتِصَارَ لَا يَعُودُ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ أَمْرٌ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ) أَيْ: غَيْرَ دَاخِلِينَ عَلَيْهِ مُتَرَقِّبِينَ لَهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمُدَايَنَةِ فَإِنَّ النَّاسَ يُعَامِلُونَهُ عَلَيْهِمَا أَيْ: مُتَرَقِّبُونَ نِكَاحَهُ وَمُدَايَنَتَهُ وَالْمُعَامَلَةُ فِي الْمَقَامِ هِبَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) ظَاهِرُهُ لَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ) أَيْ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا إلَخْ) أَيْ: يَجُوزُ تَمَلُّكُهَا بِعِوَضٍ، وَأَمَّا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ الرِّضَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ لِعَبْدِ الْوَاهِبِ يُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَوْدِ

الصفحة 115