كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَيَنْظُرُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالشَّيْخِ وَالْهَرَمِ وَلِلدَّابَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْقَوِيَّةِ وَالضَّعِيفَةِ وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا أَيْ: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ يُسْتَأْجَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا وَبِعِبَارَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ فِي النَّقْدِ أَيْ: وَجَازَ النَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا كَانَ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَالنَّقْدُ فِيهِ.

(ص) وَيَوْمٍ أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ يَجُوزُ أَنْ تُحَدَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ تُحَدَّدُ أَيْضًا بِعَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ جُبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ مَثَلًا لَيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ وَيَوْمٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ وَاسْتِئْجَارُ يَوْمٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُون عَطْفًا عَلَى طُرِحَ أَيْ وَعَلَى يَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ بَعْضٌ أَيْ: أَنَّ الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ صَنْعَةً فَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالزَّمَنِ وَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالْعَمَلِ وَقَوْلُهُ مَثَلًا يَرْجِعُ لِيَوْمٍ وَخِيَاطَةِ وَثَوْبٍ وَهُوَ مَا يُسْفِرُ عَنْهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِتَرَدُّدِ الْبِسَاطِيِّ وَمَثَلًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ أُمَثِّلُ لَك مَثَلًا.

(ص) وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا أَوْ تُسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ خِطْ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِدِرْهَمٍ فَجَمَعَ بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْعَمَلِ فِي عَقْدٍ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ تَفْسُدُ إذَا كَانَ الزَّمَانُ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ وَالْآخَرُ عَدَمُ الْفَسَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ الْمَشْهُورَ الثَّانِيَ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا حَكَى فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ وَإِذَا كَانَ الزَّمَنُ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ جَازَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا وَيُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ خِلَافٌ حَقُّهُ أَنْ يُعَبَّرَ بِتَرَدُّدٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ أَسْتَأْجِرُك عَلَى بَيْعِ هَذَا الثَّوْبِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ فِي الْجُعَلِ عِنْدَ قَوْلِهِ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ وَالْفَرْقُ خِفَّةُ الْغَرَرِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الِاسْتِصْنَاعِ أَيْ: أَنَّ تَيَسُّرَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ أَقْوَى مِنْ تَيَسُّرِ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ.

(ص) وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَرْضٍ لِعَشْرٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُسْتَأْجَرَ أَوْ الْمَبِيعَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ عِنْدَ عَقْدِ إجَارَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ شَرَعَ هُنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى مِقْدَارِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا فَبَيَّنَ أَنَّهَا فِي الدَّارِ سَنَةٌ وَفِي الْأَرْضِ عَشْرُ سِنِينَ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهَا سَنَةً ثُمَّ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَرْضَهُ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهَا عَشْرَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ يَقْبِضَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لِقُوَّةِ الْأَمْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِسُرْعَةِ التَّغَيُّرِ فِيهِ.
(تَنْبِيهٌ) : ضَمَانُ الدَّارِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَدَمَ التَّغَيُّرِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً) أَقُولُ إذَا كَانَ شَرْطُ النَّقْدِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ غَالِبًا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إذْ يُنْظَرُ حِينَئِذٍ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ هَلْ عَدَمُ التَّغَيُّرِ أَوْ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ فِي الْعَبْدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فِي بَعْضِ الْعَبِيدِ وَمَا زَادَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ إلَّا فِي الْعَشَرَةِ لَا أَزْيَدَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لِلضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ فَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالزَّمَنِ وَتَارَةً يُقَيَّدُ بِالْعَمَلِ) مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى الْخِيَاطَةِ يَوْمًا مَثَلًا وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ ثَوْبًا مُعَيَّنًا وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِتَرَدُّدِ الْبِسَاطِيِّ) فَالْبِسَاطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَرَدَّدَ هَلْ مَثَلًا رَاجِعٌ لِيَوْمٍ وَخِيَاطَةٍ أَوْ لِخِيَاطَةٍ فَقَطْ هَذَا حَاصِلُهُ فَعَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ نَقُولُ الشَّهْرُ وَالْجُمُعَةُ وَالسَّنَةُ كَالْيَوْمِ وَالْجُبَّةُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ.

(قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَيَجُوزُ وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقًا وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَمَامِهَا وَلَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ بِتَمَامِهَا وَلَا عَلَى الطَّرِيقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشِيرُ لَهُمَا بِتَرَدُّدٍ لَا بِخِلَافٍ ثُمَّ نَقُولُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ زَادَتْ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ أَمْ لَا عَمِلَهُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ عَمِلَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ فَيُقَالُ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ، فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَ فِيهِ، فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعٌ حَطَّ فِيهِ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا إلَّا عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ.
(قَوْلُهُ جَازَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا) أَيْ: كَمَنْعِهِ إنْ نَقَصَ (قَوْلُهُ أَيْ: إنْ تَيَسَّرَ إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّيَسُّرِ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي جَزْءٍ لَطِيفٍ مِنْ الزَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُدْرَةِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَجِيءَ مُشْتَرٍ وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْحُكْمَ سَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ إلَخْ) لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا حَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي بَابِ الْبُيُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُسْتَثْنَى هَلْ هُوَ مُبْقًى أَوْ مُشْتَرًى؟ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ الْجَمِيعَ ثُمَّ اشْتَرَى الْمَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَهَذِهِ إجَارَةٌ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ) هَذَا فِي دَابَّةِ غَيْرِ الرُّكُوبِ وَمَا سَيَأْتِي فِي التَّقْيِيدِ بِالثَّلَاثَةِ فَفِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَلَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةً لَيْسَ الْمُرَادُ دَابَّةَ

الصفحة 12