كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

عِنْدَ مَالِكٍ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) فَالْمُؤَلِّفُ وَافَقَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي وُجُوبِ الْأَخْذِ إذَا خَافَ خَائِنًا وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَفِي حُرْمَتِهِ إذَا عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ خَافَ خَائِنًا أَمْ لَا، وَفِي الْكَرَاهَةِ إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، وَجَزْمُ الْمُؤَلِّفِ بِالْكَرَاهَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُنَافِي حِكَايَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ أَحَدُهَا، وَخَالَفَهُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ خَافَ خَائِنًا أَمْ لَا فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ يُكْرَهُ وَعِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ يَحْرُمُ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ أَخْذُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ أَيْ أَخْذُ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ أَيْ أَخْذُ الْمُلْتَقِطِ إيَّاهُ

(ص) وَتَعْرِيفُهُ سَنَةً وَلَوْ كَدَلْوٍ (ش) الدَّلْوُ وَاحِدُ الدِّلَاءِ الَّتِي يُسْقَى بِهَا وَجَمْعُ الْقِلَّةِ أَدْلٍ وَفِي الْكَثْرَةِ دِلَاءٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللُّقَطَةَ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا سَنَةً مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاطِ وَلَوْ كَانَتْ دَلْوًا وَمِخْلَاةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَوْ أَخَّرَ تَعْرِيفَهَا سَنَةً ثُمَّ عَرَّفَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَهَا وَبِعِبَارَةِ تَعْرِيفِهِ يُحْتَمَلُ إضَافَةُ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ بِكَسْرِ الْقَافِ أَوْ الْمُلْتَقَطِ بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقَطِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ لَكِنْ عَلَى إضَافَةِ تَعْرِيفِهِ لِلْفَاعِلِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ يُغْنِي عَنْهُ وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ يَكُونُ قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ تَأْكِيدًا لِلْمَحْذُوفِ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ بِالْكَسْرِ، وَيَجُوزُ حَذْفُ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ إذَا عُلِمَ وَإِضَافَتُهُ لِلْمَفْعُولِ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ كَدَلْوٍ لَا تَافِهًا وَعَلَى إضَافَتِهِ لِلْوَجْهَيْنِ تَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً مِثْلُ جَاءَ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ وَهِنْدٌ بِعَيْنِهَا وَهُوَ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ (لَا تَافِهًا) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَتَعْرِيفُهُ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ الشَّيْءَ الْمُلْتَقَطَ لَا عَلَى أَنَّهُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ إذْ تَافِهًا مَنْصُوبٌ وَيَجُوزُ عَطْفُ تَافِهًا عَلَى مَحَلِّ كَدَلْوٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَيْ لَوْ كَانَ الْمُلْتَقَطُ مِثْلَ الدَّلْوِ انْتَهَى. وَالتَّافِهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ الْحَقِيرُ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ وَهُوَ الَّذِي لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ وَشِبْهِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ أَصْلًا وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ التَّصْرِيحِ بِجَوَازِ أَكْلِ التَّافِهِ بِنَفْيِ التَّعْرِيفِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ نَفْيُ التَّعْرِيفِ

(ص) بِمَظَانِّ طَالِبِهَا بِكَبَابِ مَسْجِدٍ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِنَفْسِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَمَانَتَهُ بِأَنْ شَكَّ كَانَ خَائِنًا أَمْ لَا فَيُكْرَهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ كُرِهَ عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: أَقْوَالًا ثَلَاثَةً) هِيَ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ إلَّا تَرْكُهُ أَوْلَى وَأَحْسَنُ، فَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ رَبَّهَا قَدْ يَأْتِي إلَى مَوْضِعِهَا لِيَطْلُبَهَا فَإِذَا لَمْ يَجِدْهَا فَلَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا وَعَرَّفَهَا كَانَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لِرَبِّهَا عَلَيْهَا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْأَحْسَنِيَّةَ فِي الثَّلَاثَةِ صَارَ الْمَفْهُومُ مِنْ بَهْرَامَ أَنَّهَا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ ذَاتُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ أَحَدُهَا) أَيْ وَيَكُونُ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ الرَّاجِحَ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ: فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ يُكْرَهُ أَيْ وَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي رَأَيْت بَهْرَامَ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ الَّذِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: ثَمَّ إنَّ أَخْذَهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ)

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَدَلْوٍ) ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ كَالدَّلْوِ وَالدُّرَيْهِمَاتِ وَالدِّينَارِ تُعَرَّفُ أَيَّامًا هِيَ مَظِنَّةُ طَلَبِهَا وَلَا تُعَرَّفُ سَنَةً وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْفَاسِيُّ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يُعَرَّفُ سَنَةً قَالَ الْبَدْرُ فَيُحْمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ظَهَرَ لَهُ تَرْجِيحٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ اُنْظُرْ الْبَدْرَ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَّرَ تَعْرِيفَهَا سَنَةً) لَا مَفْهُومَ لِسَنَةٍ بَلْ مَتَى أَخَّرَ تَعْرِيفَهَا وَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: أَيْ تَعْرِيفُ الْمُلْتَقِطِ بِكَسْرِ الْقَافِ) أَيْ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ) لَا وَجْهَ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ. (وَأَقُولُ) لَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ يُعَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ وَتَعْرِيفُهُ أَيْ بِنَفْسِهِ فَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لَهُ. (قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ لِلْمَحْذُوفِ) أَيْ وَيَنْزِلُ الْعِلْمُ بِالْمَحْذُوفِ مَنْزِلَةَ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِضَافَتُهُ لِلْمَفْعُولِ أَحْسَنُ) فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ إضَافَتُهُ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ كَدَلْوٍ مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ. (قَوْلُهُ: عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْطُوفَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ عَطْفُ تَافِهًا عَلَى مَحَلِّ كَدَلْوٍ) زَادَ عب فَقَالَ بِنَاءً عَلَى إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (أَقُولُ) وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُتَعَيِّنٍ بَلْ وَلَوْ عَلَى إضَافَتِهِ لِلْمَفْعُولِ يَصِحُّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ) وَإِنْ شِئْت قُلْت مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ وَقَوْلُهُ: كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ أَيْ اللَّذَيْنِ قِيمَتُهُمَا أَقَلُّ مِنْ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالنِّصْفُ وَالنِّصْفَانِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ كُلُّ ذَلِكَ تَافِهٌ، وَظَاهِرُ هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا وَقَعَ لِي مَعَ شَيْخِنَا الصَّغِيرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّافِهِ بِالنِّسْبَةِ لِرَبِّهِ فَقَدْ يَكُونُ الْجَدِيدُ مِنْ النُّحَاسِ لَيْسَ بِتَافِهٍ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَكْلُهُ وَيَضْمَنُ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ. (قَوْلُهُ: بِنَفْيِ التَّعْرِيفِ لَهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ التَّعْرِيفِ جَوَازُ الْأَكْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ نَفْيُ التَّعْرِيفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ جَوَازَ الْأَكْلِ وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا

الصفحة 124