كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَعْرِيفَ اللُّقَطَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا وَيُقْصَدُ أَنْ يَطْلُبَهَا أَرْبَابُهَا فِيهَا كَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ لَا يُعَرِّفُهَا فِيهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ يَدْفَعَهَا لِمِثْلِهِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ لِيُعَرِّفَهَا وَالتَّعْرِيفُ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ مَرَّةً أَوْ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، وَهَذَا غَيْرُ أَوَّلِ أَيَّامِ الِالْتِقَاطِ، وَأَمَّا فِي أَوَّلِهَا فَيُعَرِّفُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (ص) أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا إنْ لَمْ يُعَرِّفْ مِثْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُعَرِّفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْهَا مَنْ يُعَرِّفُ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ مِثْلُهُ يُعَرِّفُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْجِرُ مِنْ عِنْدِهِ مَنْ يُعَرِّفَهَا إنْ لَمْ يَلِ تَعْرِيفَهَا بِنَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْنِيَ بِتَعْرِيفِهَا ثُمَّ ضَاعَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَإِذَا دَفَعَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ وَضَاعَتْ مِنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (ص) وَبِالْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا (ش) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا تَقْدِيرُهُ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ وَفِي الْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا فَاقْتَضَى أَنَّ الْمَظَانَّ تُطْلَبُ هُنَا أَيْضًا

(ص) وَلَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ (ش) أَيْ بَلْ يُلَفِّقُ اسْمَهَا مَعَ غَيْرِهَا وَيَقُولُ يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ جِنْسَهَا انْسَاقَ ذِهْنُ بَعْضِ الْحُذَّاقِ إلَى قَدْرِهَا أَوْ مَا تُجْعَلُ فِيهِ أَوْ مَا تُرْبَطُ بِهِ وَأَوْلَى أَنْ لَا يَذْكُرَ نَوْعَهَا وَلَا صِفَتَهَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَأَنْ لَا يُسَمِّيَ أَحْسَنُ، وَفِي عَزْوِ الْمُؤَلِّفِ ذَلِكَ لِلَّخْمِيِّ مَعَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالْمَنْعِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ

(ص) وَدُفِعَتْ لِحَبْرٍ إنْ وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ (ش) الْحَبْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا هُوَ الْعَالِمُ مِنْ الْكُفَّارِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى عَالِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَالرَّاهِبُ هُوَ الْعَابِدُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ فَإِنَّهُ يَدْفَعُهَا لِحَبْرِهِمْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهَا هُوَ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ خِدْمَةٌ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَبْرُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ اللُّقَطَةُ أَمْ لَا وَبِعِبَارَةٍ وَالدَّفْعُ لِلْحَبْرِ مَنْدُوبٌ إذْ لَهُ أَنْ يُعَرِّفَهَا بِنَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَبْرٌ فَهَلْ تُدْفَعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِلرَّاهِبِ، وَقَوْلُهُ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ أَيْ بِقَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُمْ

(ص) وَلَهُ حَبْسُهَا بَعْدَهَا أَوْ التَّصَدُّقُ أَوْ التَّمَلُّكُ وَلَوْ بِمَكَّةَ ضَامِنًا فِيهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَلَمْ يَأْتِ رَبُّهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَحْبِسَهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ رَبُّهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا جَاءَ رَبُّهَا ضَمِنَهَا لَهُ فِي التَّصَدُّقِ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَفِي التَّمَلُّكِ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ لُقَطَةِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْطَارِ فِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ الْحَاجِّ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُقَالُ هَلْ لَا عَكْسَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ جَوَازَ الْأَكْلِ يُجَامِعُ التَّعْرِيفَ كَمَا فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ السَّنَةِ

. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ بِأَمَانَتِهِ مِثْلُ نَفْسِهِ وَلَوْ لِإِمَامٍ مَأْمُونِ الْجِهَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ كَالسُّوقِ وَلَوْ دَاخِلَهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعَرِّفُهَا فِيهِ) أَيْ يُكْرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُهَا لِمِثْلِهِ إلَخْ أَرَادَ تَفْسِيرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي أَوَّلِ أَيَّامِ الِالْتِقَاطِ) يَقْتَضِي أَنَّ الِالْتِقَاطَ وَقَعَ فِي أَيَّامٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يَكُونُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَلْ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ جَمَعَ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ اللُّقَطَةِ وَيُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَنِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهَذَا فِي غَيْرِ أَوَّلِ أَزْمِنَةِ الِالْتِقَاطِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ أَوْ بِأُجْرَةٍ وَحِينَئِذٍ فَقَيْدُ التَّوَثُّقِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَبِالْبَلَدَيْنِ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَقْرَبَ مِنْ الْأُخْرَى وَيَنْبَغِي إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى قُرْبًا مُتَأَكِّدًا بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْقَاطِعُ بِأَنَّهَا مِنْ هَذِهِ دُونِ الْأُخْرَى أَنَّهُ إنَّمَا يُعَرِّفُهَا فِي الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ

. (قَوْلُهُ: يُلَفَّقُ اسْمُهَا مَعَ غَيْرِهَا) الْمُرَادُ بِتَلْفِيقِ اسْمِهَا مَعَ غَيْرِهَا التَّعْبِيرُ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَصْدُقُ بِهَا وَبِغَيْرِهَا كَشَيْءٍ فِي قَوْلِهِ يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ شَيْءٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجْمَعُ الِاسْمَيْنِ مَعًا أَيْ يَذْكُرُهُمَا مَعًا، وَصُورَةُ عَدَمِ التَّلْفِيقِ أَنْ يَقُولَ يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ بَقَرَةٌ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ التَّلْفِيقَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ بِذِكْرِ النَّوْعِ كَمَا يَصْدُقُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: إشَارَةً لِذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ حَسَنٌ أَيْ أَحْسَنُ الْقَوْلَيْنِ أَيْ أَرْجَحُهُمَا إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَحَبَّهُ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ صِيغَةَ الِاسْمِ لِاخْتِيَارِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَذْكُرُ جِنْسَهَا، وَالْحَاصِلُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَ إذَا أَنْشَدَهَا هَلْ يُسَمِّي جِنْسَهَا أَوَّلًا وَالرَّاجِحُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ أَيْ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْجِنْسِ

. (قَوْلُهُ: وَكَسْرِهَا) أَيْ هُوَ الْفَصِيحُ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ سُمِّيَ بِاسْمِ الْحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ. (قَوْلُهُ: هُوَ الْعَالِمُ مِنْ الْكُفَّارِ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَبْرِ فِي الْمَقَامِ هُوَ الْعَالِمُ مِنْ الْكُفَّارِ قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ أَيْضًا حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَبْرَ هُوَ الْعَالِمُ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَكُونَ إلَخْ) هَذَا يُنْتِجُ الْحُرْمَةَ لَا عَدَمَ الْوُجُوبِ الصَّادِقِ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَوْلَى دَفْعُهَا لِحَبْرِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَهْلِ الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: وَالدَّفْعُ لِحَبْرٍ مَنْدُوبٌ) كَذَا قَالَ عج إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدَّفْعَ مَنْدُوبٌ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَدُفِعَتْ لِحَبْرٍ جَوَازًا إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهَا بِنَفْسِهِ، وَالظَّاهِرُ قَوْلُ عج وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيُصَدَّقُ بِالنَّدْبِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ تُدْفَعُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ لِلرَّاهِبِ) أَيْ الْعَابِدِ، وَالظَّاهِرُ دَفْعُهَا لِلرَّاهِبِ لِقِلَّةِ شُغْلِهِ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ. (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ عِبَارَتُهُمْ) أَيْ الْعِبَارَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْحَصْرِ؛ وَلِذَا قَالَ بَهْرَامُ يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا وُجِدَتْ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِنَّهَا تُدْفَعُ إلَى أَحْبَارِهِمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْ فَمَتَى كَانَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِحَبْرِهِمْ وَتَكُونُ مِثْلَ اللُّقَطَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ

. (قَوْلُهُ: وَفِي التَّمَلُّكِ) أَيْ وَمَا دَخَلَ فِي التَّمَلُّكِ وَهُوَ مَا إذَا تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِلْبَاجِيِّ مِنْ أَنَّ لُقَطَتَهَا لَا تُسْتَبَاحُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ سَنَةً وَعَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا أَبَدًا

الصفحة 125