كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

اسْمٌ لِمَا تَأْكُلُهُ الدَّابَّةُ مِنْ فُولٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا بِسُكُونِهَا فَهُوَ اسْمٌ لِلْفِعْلِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ مَضْمُونًا أَيْ مَضْمُونًا عَاقِبَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبٍ

(ص) وَرُكُوبُ دَابَّةٍ لِمَوْضِعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ اللُّقَطَةَ مِنْ مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ إلَى مَنْزِلِهِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ أَوْ يَتَعَسَّرْ قَوْدُهَا عَلَيْهِ كَمَا فِي تت وَالْمَوَّاقِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا ضَمِنَ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثِ مَسَائِلَ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَكْرَاهَا فِي أَزْيَدَ مِنْ عَلَفِهَا أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ ضَمِنَ وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ مُتَعَلِّقَ ضَمِنَ فَيَعُمُّ الْقِيمَةَ إنْ هَلَكَتْ وَالْمَنْفَعَةَ إنْ لَمْ تَهْلِكْ

(ص) وَغَلَّاتُهَا دُونَ نَسْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَهُ غَلَّةُ اللُّقَطَةِ أَيْ لَهُ مِنْهَا بِقَدْرِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ لُقَطَةٌ هَكَذَا قَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ، لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّاتِ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ أَيْ مَا عَدَا الصُّوفَ وَمَا عَدَا الْكِرَاءَ وَمَا عَدَا النَّسْلَ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْكِرَاءَ فِي قَوْلِهِ: وَكِرَاءُ وَمَا زَادَ مِنْهُ عَنْ عَلَفِهَا فَهُوَ لِرَبِّهَا وَسَيَأْتِي النَّسْلُ بَعْدَ هَذَا، وَالصُّوفُ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّسْلِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَامًّا أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ وَغَلَّتُهَا لَكَانَ أَخْصَرَ مَعَ أَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ، وَضَمِيرُ غَلَّاتِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَأَمَّا نَسْلُ اللُّقَطَةِ فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَقِطُ

(ص) وَخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ أَوْ إسْلَامِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ نَفَقَةً مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَفْتَكَّ اللُّقَطَةَ فَيَدْفَعَ لِلْمُلْتَقِطِ نَفَقَتَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ اللُّقَطَةَ لِمَنْ الْتَقَطَهَا فِي نَفَقَتِهِ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَهُ أَشْهَبُ فَلَوْ ظَهَرَ عَلَى صَاحِبِهَا دَيْنٌ فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ يُقَدَّمُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ كَالرَّهْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهُ.

(ص) وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا بَاعَ اللُّقَطَةَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بَعْدَ أَنْ عَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فَلَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، قَوْلُهُ فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ أَيْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ عَدِيمًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمُحَابَاةِ أَيْضًا كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَعْدَمَ فِي هَذِهِ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا حَابَاهُ بِخِلَافِ أَصْلِ الثَّمَنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا شَارَكَ الْبَائِعَ فِي الْعَدَاءِ بِالْمُحَابَاةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ عُدْمِ بَائِعِهِ وَلَا كَذَلِكَ عَدَمُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَقَالَ التَّتَّائِيُّ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ رَبَّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (تَنْبِيهٌ) : يُقَدَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكِرَاءِ غَيْرِ الْمَأْمُونِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ عَلَى الْمُكْرِي لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا فِي الشَّارِحِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ يَعْنِي وَكَذَلِكَ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ إلَى مَوْضِعِهِ لِتَعَذُّرِ قَوْدِهَا عَلَيْهِ أَوْ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَعْتَرِيهِ فِي قَوْدِهَا وَرُبَّمَا شَغَلَهُ عَنْ مُهِمَّاتِهِ.

. (قَوْلُهُ: لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَوْ زَادَتْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَفِي كَلَامِ عج مَيْلٌ إلَى تَرْجِيحِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّاتِ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ) أَيْ وَكَذَا الزُّبْدُ وَالسَّمْنُ. (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي النَّسْلُ بَعْدَ هَذَا) أَيْ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ دُونَ نَسْلِهَا وَقَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ رَاجِعٌ لِلصُّوفِ أَيْ الصُّوفِ فِي الْجُمْلَةِ وَفَسَّرَ قَوْلَهُ فِي الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ كَانَ تَامًّا أَمْ لَا إشَارَةً مِنْهُ إلَى أَنَّ الصُّوفَ مَتَى أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلتَّامِّ وَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ لَمَا احْتَاجَ لِقَوْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ

. (قَوْلُهُ: بِالنَّفَقَةِ) قَالَ عج وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ فِي ذَاتِ اللُّقَطَةِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَسْأَلَةَ كِرَائِهَا الْمُتَقَدِّمَةَ لَوْ نَقَصَ عَنْ نَفَقَتِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِبَاقِيهَا اهـ. أَيْ حَتْمًا وَيَكُونُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ رَبُّهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهَا) الْبِسَاطِيُّ وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي عَكْسِهِ اهـ. وَهُوَ مَا إذَا فَكَّهَا وَدَفَعَ النَّفَقَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا. (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُلْتَقِطَ أَحَقُّ بِهَا) أَيْ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّهِ أَقْوَى وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْقِيَامِ وَالنَّفَقَةِ مِنْ غَلَّةٍ وَكِرَاءٍ يَكُونُ لُقَطَةً وَإِذَا سَاوَتْ أُجْرَةُ الْقِيَامِ وَالنَّفَقَةِ الْغَلَّةَ وَالْكِرَاءَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ وَأُجْرَةُ الْقِيَامِ عَلَى الْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ فَلَا يَكُونُ الزَّائِدُ فِي الصُّوفِ وَلَا فِي النَّسْلِ وَلَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا بَلْ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ رَبُّهَا هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي هُوَ لَيْسَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُلْتَقِطِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا كِرَاءٌ أَوْ لَهَا كِرَاءٌ لَا يَفِي بِالنَّفَقَةِ أَنَّهَا تَضِيعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا مِنْ صُوفٍ وَنَسْلٍ أَيْ وَيَكُونُ رَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ اللُّقَطَةَ لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ مَا أَنْفَقَهُ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ: أَوْ إسْلَامُهَا كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَالْحَطَّابِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْعَطْفُ فِي مِثْلِ هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِوَاوٍ وَجَعَلَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ
مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سَافِعِ
يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي النَّثْرِ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ بِلَقْطَتِهَا تَمَلُّكَهَا قَبْلَ الْتِقَاطِهِ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ ثُمَّ الْتَقَطَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا سَوَاءٌ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْوِ تَمَلُّكًا إلَّا بَعْدَ الْتِقَاطِهَا وَبَاعَهَا بِاسْمِ نَفْسِهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ اهـ. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ الِالْتِقَاطِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِيعَتْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَمْ لَا

الصفحة 128