كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

اسْتِعْمَالِهَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ وَبِعِبَارَةِ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا نَقَصَتْ بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا كَمَا إذَا كَانَتْ بَاقِيَةً بِحَالِهَا وَهَذَا إذَا نَوَى تَمَلُّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ نَوَاهُ قَبْلَهَا فَهُوَ كَالْغَاصِبِ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ.

(ص) وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ نُبِذَ كِفَايَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَدَ طِفْلًا مَنْبُوذًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لَقْطُهُ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّقِيطَ بِقَوْلِهِ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ وَلَا رِقُّهُ فَيَخْرُجُ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ لُقَطَةٌ لَا لَقِيطٌ فَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ وَلَدُ الزَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُعْلَمْ أَبُوهُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ أَحَدُهُمَا وَفِي خُرُوجِ مَا ذُكِرَ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ الْأَبُ وَلَوْ حُكْمًا وَالْأُمُّ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الْحَقِيقِيِّ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ نَسَبُهُ مِنْ أَبِيهِ وَثَبَتَ لَهَا وَهَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى نُسْخَةِ أَبُوهُ بِالْإِفْرَادِ فَقَوْلُهُ لَقْطُ طِفْلٍ أَيْ الْتِقَاطُهُ، وَقَوْلُهُ نُبِذَ جُمْلَةٌ بَعْدَ نَكِرَةٍ فَهِيَ صِفَةٌ لَهَا أَيْ طِفْلٌ مَنْبُوذٌ، وَقَوْلُهُ كِفَايَةً حَالٌ مِنْ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْفِعْلِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْوُجُوبِ وُجُوبَ كِفَايَةٍ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، وَقَوْلُهُ نُبِذَ إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ مَعْنَى اللَّقِيطِ وَالْمَنْبُوذِ كَمَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْمُتَقَدِّمِينَ، وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ صَغِيرًا فِي الشَّدَائِدِ وَالْجَلَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ وَالْمَنْبُوذُ مَا دَامَ مَطْرُوحًا وَلَا يُسَمَّى لَقِيطًا إلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ، وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَا وُجِدَ بِفَوْرِ وِلَادَتِهِ، وَاللَّقِيطُ بِخِلَافِهِ وَالْمُرَادُ بِالطِّفْلِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الِالْتِقَاطِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَقْتَ إرَادَتِهَا الْأَخْذَ وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا فَإِنْ أَخَذَتْهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ أَمْ لَا تَأَمَّلْ

(ص) وَحَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حَضَانَةَ الطِّفْلِ الْمَنْبُوذِ وَنَفَقَتَهُ وَاجِبَتَانِ عَلَى مَنْ الْتَقَطَهُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا وَمَا نَقَصَهَا إذَا نَقَصَتْ نَقْصًا قَوِيًّا بِسَبَبِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِلَّا فَيَأْخُذُهَا مَعَ مَا نَقَصَهَا، وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا نَقَصَهَا فَقَطْ فَقَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ أَيْ فِيمَا إذَا نَقَصَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ أَمَّا بِالسَّمَاوِيِّ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَفْهُومُ إلَخْ، وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِمَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَقْوَالَ مَنْقُولَةٌ أَيْضًا وَتَلَخَّصَ أَنَّ النَّقْصَ مَتَى كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَوْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا نَقَصَ بِالِاسْتِعْمَالِ وَأَمَّا لَوْ نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ فَيَضْمَنُ وَلَوْ السَّمَاوِيَّ

. (قَوْلُهُ: مَنْبُوذًا) أَيْ مَطْرُوحًا بِمَا يُقَالُ هَذَا لَا يَشْمَلُ مَنْ لَا يُطْرَحُ كَابْنِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسِ سِنِينَ وَإِنَّمَا يَشْمَلُ الْمُرْضِعَ مَثَلًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالنَّبْذِ التَّرْكُ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: لُقَطَةٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ لُقَطَةٌ لَا لَقِيطٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا عِلْمُ أَحَدِهِمَا) الْمُنَاسِبُ لِلْبَحْثِ الَّذِي بَعْدُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ أَبُوهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي خُرُوجِ مَا ذُكِرَ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ عُلِمَ أَبُوهُ بَلْ مَا عُلِمَ إلَّا أُمُّهُ وَقَوْلُهُ: وَالْأُمُّ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الْحَقِيقِيِّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْأُمُّ أَبٌ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى نُسْخَةِ أَبُوهُ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى نُسْخَةِ أَبَوَاهُ وَهِيَ نُسْخَةُ شَارِحِ الْحُدُودِ فَلَا يَخْرُجُ وَلَدُ الزَّانِيَةِ بَلْ وَلَدُ الزَّانِيَةِ يَدْخُلُ فِي اللَّقِيطِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى لَمْ يُعْرَفْ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ لَمْ يُعْرَفَا مَعًا دَخَلَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ فِي التَّعْرِيفِ وَإِنْ أُرِيدَ لَمْ يُعْرَفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا خَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْتِقَاطُهُ) كَأَنَّهُ أَتَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّقْطَ تُعُورِفَ فِي رَفْعِ الْحَبِّ مِنْ الْأَرْضِ إلَخْ وَهُوَ لَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ الْتِقَاطُ الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ وُجُوبَ كِفَايَةٍ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ الْوُجُوبِ كِفَايَةً أَيْ كِفَائِيًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ) التَّقْدِيرُ وَوَجَبَ لَقْطُ الطِّفْلِ وُجُوبًا كِفَائِيًّا وَقَوْلُهُ: أَوْ تَمَيَّزَ أَيْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْوُجُوبِ كِفَايَةً أَيْ جِهَةَ كَوْنِهِ كِفَائِيًّا.
(قَوْلُهُ: إلَى اتِّحَادٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَنْبُوذَ غَيْرُ اللَّقِيطِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ اللَّقِيطَ هُوَ الطِّفْلُ الْمَوْصُوفُ بِأَنَّهُ نُبِذَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إلَى اتِّحَادِ مَعْنَى اللَّقِيطِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ وُجِدَ مَطْرُوحًا وَأُخِذَ أَيَّامَ الرَّخَاءِ لَا يُقَالُ لَهُ لَقِيطٌ لِعَدَمِ الْجَلَاءِ وَلَا مَنْبُوذٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدُمْ مَطْرُوحًا بَلْ قَدْ أُخِذَ فَعَلَيْهِ يَكُونُ وَاسِطَةً. (قَوْلُهُ: الشَّدَائِدُ) أَيْ كَصُعُوبَةِ الْقُوتِ وَالْجَلَاءِ أَيْ انْتِقَالِ مَوَاطِنِهِمْ وَهُوَ عَطْفٌ مُسَبَّبٌ وَقَوْلُهُ: وَشَبَهُ ذَلِكَ أَيْ كَالطَّاعُونِ وَقَوْلُهُ: وَالْمَنْبُوذُ مَا دَامَ مَطْرُوحًا وَهَذَا هُوَ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى دَامَ مَطْرُوحًا لَا يُقَالُ لَهُ لَقِيطٌ وَلَا مَنْبُوذٌ فَيَكُونُ وَاسِطَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ صَادِقٍ بِصُورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاللَّقِيطُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ بِفَوْرِ الْوِلَادَةِ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يُوجَدَ أَصْلًا بِأَنْ يَكُونَ قَدْ دَامَ مَطْرُوحًا بِأَنْ يُوجَدَ لَا بِفَوْرِ الْوِلَادَةِ بَلْ يُوجَدُ بَعْدَ مُدَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا) أَيْ فَتُلْتَقَطُ بِإِذْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ عج، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ فَهِيَ كَالذَّكَرِ تُؤْمَرُ بِالِالْتِقَاطِ كَمَا أَفَادَهُ عج وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ يَكُونُ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا) فَلَوْ أَخَذْته بَعْدَ الْمَنْعِ فَيَرُدُّ الْوَلَدُ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهَا لَهَا مَالٌ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَتْهُ أَيْ وَكَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا ثُمَّ قَدِمَ فَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ بَقِيَ الْوَلَدُ وَإِلَّا رُدَّ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ مَطْرُوقًا

. (قَوْلُهُ: وَاجِبَتَانِ عَلَى مَنْ الْتَقَطَهُ) أَيْ عَيْنًا لَا كِفَايَةً.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ) ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْبُلُوغُ وَالِاسْتِغْنَاءُ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وُجُوبُ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَمَتَى اسْتَغْنَى، وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الشَّخْصِ الصَّغِيرِ فِي السُّقُوطِ فَهُوَ مُسَاوٍ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ بُلُوغٌ وَاسْتِغْنَاءٌ فَتَسْقُطُ وَكَذَلِكَ إذَا حَصَلَ اسْتِغْنَاءٌ فَقَطْ وَأَمَّا حُصُولُ

الصفحة 130