كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

هَذَا إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ أَمَّا إنْ أُعْطِيَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (ص) إلَّا أَنْ يُمْلَكَ كَهِبَةٍ أَوْ يُوجَدَ مَعَهُ أَوْ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ إنْ كَانَ مَعَهُ رُقْعَةٌ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ نَفَقَةِ الطِّفْلِ عَلَى مُلْتَقِطِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّقِيطَ تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْ الَّذِي الْتَقَطَهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ إمَّا بِهِبَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ وَجَدْنَا مَالًا مَعَهُ بِثِيَابِهِ مَرْبُوطًا أَوْ مَحْزُومًا عَلَيْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَوْ وَجَدْنَا تَحْتَهُ مَالًا مَدْفُونًا وَمَعَهُ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا إنَّ الْمَالَ لِلطِّفْلِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَإِنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ لَهُ وَتَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الَّذِي الْتَقَطَهُ فَقَوْلُهُ مَعَهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِيُوجَدَ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ نَائِبَ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ مَعَ مِنْ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا تَتَصَرَّفُ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ أَوْ يُوجَدُ مَعَهُ مَالٌ، وَلَوْ صَرَّحَ بِمَالٍ يَكُونُ مَدْفُونٌ مَعْطُوفًا عَلَى صِفَةِ مَالٍ الْمُقَدَّرَةِ أَيْ إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَعَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أَوْ مَدْفُونٌ لَكَانَ أَحْسَنَ

(ص) وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِي الطِّفْلِ الْمُلْتَقَطِ بِفَتْحِ الْقَافِ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَبُوهُ طَرَحَهُ عَمْدًا بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ الْإِنْفَاقُ وَيَحْلِفَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُوسِرًا حِينَ الْإِنْفَاقِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ تَاهَ مِنْهُ أَوْ هَرَبَ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ شَخْصٌ نَفَقَةً فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ وَلَوْ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِثْبَاتِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ أَبِيهِ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَاعْتَمَدَ الْبَاتَّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي طَرْحِهِ عَمْدًا فَادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ أَبُوهُ طَرَحَهُ عَمْدًا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْأَبُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّفَقَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْخَطَّابَ وَانْظُرْ قَوْلَهُ عَمْدًا مَعَ قَوْلِهِ طَرَحَهُ؛ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ قَصْدُهُ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ عَمْدًا مُسْتَدْرَكًا إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِوَقْعِ طَرْحِهِ تَأَمَّلْ وَهَلْ مِنْ الطَّرْحِ عَمْدًا مَا إذَا طَرَحَهُ لِوَجْهٍ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ خَارِجًا بِقَوْلِهِ عَمْدًا وَقَوْلُهُ وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إمَّا مُبْتَدَأٌ أَوْ خَبَرٌ أَيْ وَرُجُوعُهُ ثَابِتٌ عَلَى أَبِيهِ وَالْجُمْلَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبُلُوغٍ بِدُونِ اسْتِغْنَاءٍ فَلَا سُقُوطَ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ) أَيْ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ) بِالتَّشْدِيدِ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَحَبْسٍ فَيُنْفِقُ مِنْ ذَلِكَ وَيَحُوزُهُ الْمُلْتَقِطُ بِدُونِ نَظَرِ حَاكِمٍ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، وَكَذَا مِنْهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَحُوزُهَا لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَدْفُونٌ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مَدْفُونٌ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ يُمَلَّكْ بِالْعَطْفِ عَلَى يُعْطَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا مُلِّكَ يُقَدَّمُ مَالُهُ عَلَى الْفَيْءِ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَالُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ الْفَيْءِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ. (قَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْحَالَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ التَّمْلِيكِ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) أَيْ كَكِيسٍ فِيهِ مَالٌ مُعَلَّقٌ فِيهِ. (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِيُوجَدَ) قَالَ الْبَدْرُ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا فَيَكُونُ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا.
(قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ إلَخْ) أَيْ مَدْفُونٌ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلٍ بِتَقْدِيرِ صِفَةٍ أَيْ مَالٌ ظَاهِرٌ أَوْ مَدْفُونٌ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى الضَّمِيرِ مَعَ تَقْدِيرِهِ صِفَةً يُفِيدُ أَنَّ الضَّمِيرَ يُوصَفُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَعَيِّنًا لَا أَحْسَنَ

. (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمْدِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ) أَيْ فَلَوْ أَنْفَقَ خَالِي الذِّهْنِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْقَوْلُ إنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ خَالِيَ الذِّهْنِ يَرْجِعُ، وَالْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ عج وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَحْلِفُ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ مَا لَمْ يَشْهَدْ حِينَ الْإِنْفَاقِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ بِالسَّرَفِ إذَا كَانَ فِي الْإِنْفَاقِ سَرَفٌ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ تَاهَ مِنْهُ أَوْ هَرَبَ إلَخْ) هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ التَّفْرِقَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَعَلَّهُمْ عَذَرُوهُ بِعَدَمِ تَعَمُّدِ طَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ) أَيْ تُحْمَلُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَارِمٌ) هَكَذَا الْفِقْهُ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَحْلِفُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ: اُنْظُرْ الْحَطَّابَ) عِبَارَةُ شب وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ وَعُسْرِهِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْأَمْرُ فِي الثَّانِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ فِيمَا إذَا طُولِبَ الْأَبُ بِالنَّفَقَةِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْيُسْرِ أَوْ الْعُسْرِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ قَصْدُهُ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرْحِ التَّرْكُ، وَالتَّرْكُ يَكُونُ عَمْدًا أَوْ غَيْرَ عَمْدٍ وَكَذَا يُقَالُ تَرَكَهُ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا وَلَا الْتِفَاتَ لِهَذَا الْمُتَبَادَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِوَقَعَ طَرْحُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ بَاقٍ. (قَوْلُهُ: تَأَمَّلْ) أَقُولُ تَأَمَّلْنَاهُ فَوَجَدْنَا الْبَحْثَ بَاقِيًا لَمْ يَنْفَعْ فِيهِ ذَلِكَ الْجَوَابُ. (قَوْلُهُ: مَا إذَا طَرَحَهُ لِوَجْهٍ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ مَنْ طَرَحَ وَلَدَهُ يَعِيشُ وَلَا يُسْرِعُ لَهُ الْمَوْتُ. (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ خَارِجًا بِقَوْلِهِ عَمْدًا) هُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ طَرْحَهُ لِوَجْهٍ كَالْعَمْدِ فَيَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.
(فَرْعٌ) فَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ خَمْسَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ، وَأَنْ يُعْلَمَ بِهِ وَيَحْلِفَ مَا لَمْ يَشْهَدْ حِينَ الْإِنْفَاقِ فَلَا يَمِينَ، وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ سَرِفٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ نَقْدٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ) وَكَذَا أُمُّهُ إنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً لَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ وَلَوْ وَجَبَ عَلَى الْأُمِّ الْإِرْضَاعُ وَطَرْحُ الْأَبِ فَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى

الصفحة 131