كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا (ش) التَّشْبِيهُ فِيمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِأَكْلِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَكُولٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِأَكْلٍ وَسَطٍ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ تَظْهَرُ أَكُولَةً فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَمُسْتَأْجَرٌ اسْمُ مَفْعُولٍ وَجُمْلَةُ أُوجِرَ بِأَكْلِهِ صِفَةٌ لَهُ وَقَوْلُهُ أَكُولًا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ فَقَدْ اُسْتُغْنِيَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ خَارِجًا عَنْ عَادَةِ النَّاسِ فِي الْأَكْلِ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَوُجِدَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُضَافِ هُنَا صَالِحًا لِلْعَمَلِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ ظُهُورًا مَصْدَرٌ.

(ص) وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ مِنْ وَطْءٍ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا رَضِيَ لِزَوْجَتِهِ أَنْ تُؤَجِّرَ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ وَفَعَلَتْ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَلْزَمُهَا وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً لَا يَلْزَمُهَا رِضَاعُ وَلَدِهَا وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ حِينَئِذٍ مِنْ وَطْئِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ وَطْؤُهُ يَضُرُّ بِالطِّفْلِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا خِلَافًا لَأَصْبَغَ فِيهِمَا فَلَوْ تَعَدَّى وَوَطِئَ فَهَلْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا قَوْلَانِ قِيلَ لِأَهْلِ الطِّفْلِ الْفَسْخُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ الْفَسْخُ.

(ص) وَسَفَرٍ كَأَنْ تُرْضِعَ مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً كَعَكْسِهِ (ش) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى وَطْءٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِهِ كَذَلِكَ يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ بِهَا حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيُسَافِرَ بِهَا، وَكَذَلِكَ تُمْنَعُ الظِّئْرُ مِنْ أَنْ تُرْضِعَ مَعَ الطِّفْلِ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ بِهَا كِفَايَةٌ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ اشْتَرَوْا جَمِيعَ لَبَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ رَضِيعٌ حَالَ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ رَضَاعِهِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ، وَمَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً تُرْضِعُ وَلَدَهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَحْضُنَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى حَضَانَتِهِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرْضِعَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ فَفَاعِلُ يَسْتَتْبِعُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ السَّابِقِ.
(تَنْبِيهٌ) : وَأَمَّا سَفَرُ الْأَبَوَيْنِ بِالْوَلَدِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى الظِّئْرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَجَّرَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَتَنَازَعَتْ مَعَهُ لِمَنْ يَكُونُ مَا أَخَذَتْ فِي أُجْرَةِ رَضَاعِهَا فَوَقَعَ الْحُكْمُ بِأَنَّ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ لَهَا بِحِسَابِهِ وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَا حُجَّةَ لِلزَّوْجِ بِأَنَّهُ مَلَكَ مَنَافِعَهَا فَبَاعَتْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا إلَّا مَنَافِعُ الْأَشْيَاءِ الْبَاطِنَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَشَذَّالِيُّ.

(ص) وَبَيْعَةُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَصُورَتُهَا شَخْصٌ بَاعَ سِلْعَةً لِآخَرَ تُسَاوِي مِائَةً وَخَمْسِينَ مَثَلًا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ سَنَةً فَآلَ الْأَمْرُ إنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَمَلُهُ سَنَةً فِيهَا وَحَلُّ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ وَالْوَسَطِ مُعْتَرَضٌ، وَلِجَوَازِ الْمَسْأَلَةِ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، الثَّالِثُ: أَنْ يُعَيِّنَ النَّوْعَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ، الْخَامِسُ: أَنْ يَحْضُرَ الثَّمَنُ لِيَخْرُجَ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَى أَمَانَتِهِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي الذِّمَّةِ فَيَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ وَيَزِيدَهُ فِيهِ، السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَكِرَ إنَّمَا يَبِيعُ إذَا غَلَتْ السِّلَعُ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ السَّابِعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَبُ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَمَحَلُّ كَوْنِهِمْ يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا قَدِمَ بِوَضْعِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ خَوْفًا أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ فَلَا يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ بَاقِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ مِنْ الْأَبِ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَكُولَ الطَّعَامَ الْوَسَطَ وَأَبَى الْأَجَلُ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِهِ جَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ) أَيْ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَبُنِيَ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَمُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ الْخِيَارُ فِي عَبْدٍ مَبِيعٍ ظَهَرَ أَكُولًا وَلَكِنْ أَفْتَى النَّاصِرُ بِعَدَمِ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوهُ مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْصُرْ عُيُوبَ الْمَبِيعِ بَلْ قَالَ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةً بِالْكَافِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ: وَلَيْسَ مَفْعُولَ ظُهُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ.

(قَوْلُهُ وَمُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا كَذَا قَالَ عج وَلَكِنْ جَزَمَ اللَّقَانِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ فِيهِمَا) أَيْ: فِي التَّعْمِيمَيْنِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الضَّرَرِ أَوْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً) أَيْ: لَا يَلْزَمُهَا حَضَانَتُهُ لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمَنْ يَكُونُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ مَا أَخَذَتْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ فَوَقَعَ الْحُكْمُ) أَيْ حُكْمُ الْقُضَاةِ (قَوْلُهُ الْأَشْيَاءُ الْبَاطِنَةُ) كَالْعَجْنِ وَالطَّبْخِ وَحَاصِلُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ مِنْ زَوْجَتِهِ إنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ صَدَاقًا فِي وَطْءٍ إكْرَاهًا أَوْ شُبْهَةً كَانَ لَهَا لَا لَهُ.

(قَوْلُهُ وَحَلَّ الشَّارِحُ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ قَالَ يَعْنِي إذَا بَاعَهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا) هَذَا يُفْهَمُ مِنْ تَعَلُّقِ التِّجَارَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَنْ يُعَيِّنَ النَّوْعَ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ الْأَنْوَاعِ يَخْتَلِفُ مُؤْنَتُهُ بِالثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ فَبَعْضُهَا أَشَقُّ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي السَّنَةِ) هَذَا مِنْ جَعْلِ الْفِعْلِ مُضَارِعًا الْمُقْتَضَى لِلتَّجَدُّدِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَيُفِيدُ أَنَّهُ مُدِيرٌ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ.
(قَوْلُهُ أَنْ يُحْضِرَ الثَّمَنَ) أَيْ: وَأَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِضَافَةَ فِي ثَمَنِهَا لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ فَهُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا هَذَا الثَّمَنُ الْحَاضِرُ فَيُفِيدُ بِتِلْكَ الْمَعُونَةِ اشْتِرَاطَ

الصفحة 14