كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَالْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ إلَخْ الْقُضَاةُ، وَتَرَكَ مِنْ هُنَاكَ بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ مَا نَقَصَهُ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ وَعَبَّرَ هُنَاكَ بِالْقِصَاصِ وَهُنَا قَيَّدَ بِالْقَتْلِ فَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا هُنَا.

(ص) وَمَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَكَّمَ إذَا حَكَمَ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحْكِيمُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَمْضِي إنْ كَانَ صَوَابًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لِحَاكِمٍ غَيْرِهِمَا أَنْ يَنْقُضَهُ وَلَكِنْ إذَا اسْتَوْفَى الْحُكْمَ بِالْحَدِّ وَالْقَتْلِ يُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَإِلَّا فَلَا يُؤَدَّبُ بَلْ يُزْجَرُ وَلَا يُؤَدَّبُ عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ إذَا حَكَمَ بِالْقَتْلِ وَعَفَا عَنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَدَبٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ

(ص) وَفِي صَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَفَاسِقٍ ثَالِثُهَا إلَّا الصَّبِيَّ وَرَابِعُهَا وَفَاسِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالْفَاسِقَ إذَا حَكَمُوا فِي الْمَالِ وَالْجُرْحِ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا لِأَصْبَغَ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا لِمُطَّرِفٍ وَالثَّالِثُ الصِّحَّةُ إلَّا فِي تَحْكِيمِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ جَازَ وَهُوَ لِأَشْهَبَ، وَالرَّابِعُ الصِّحَّةُ إلَّا فِي تَحْكِيمِ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ وَهُوَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَلَك أَنْ تُقَدِّرَ وَفِي جَوَازِ تَحْكِيمِ صَبِيٍّ إلَخْ وَعَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا لَا يَجُوزُ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَوْلُهُ، وَفِي صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ إلَخْ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَالْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ، وَقَوْلُهُ ثَالِثُهَا بَدَلٌ مَقْطُوعٌ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثَالِثُهَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ إلَّا تَحْكِيمَ الصَّبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَفَاسِقٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَرَابِعُهَا إلَّا تَحْكِيمَ صَبِيٍّ وَفَاسِقٍ، فَإِنْ قِيلَ الْمُؤَلِّفُ حَذَفَ حَرْفَ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَوَّلُهَا كَذَا وَثَانِيهَا وَثَالِثُهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَرَابِعُهَا فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ خَالٍ مِنْ حَرْفِ الْعَطْفِ أَيْ أَوَّلُهَا، وَكَذَا ثَانِيهَا كَذَا ثَالِثُهَا كَذَا وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَرَابِعُهَا بِالْعَطْفِ لِوُجُودِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ

(ص) وَضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَ إذَا لَدَّ عَنْ إعْطَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَضْرِبَهُ وَأَنْ يَسْجُنَهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ بَلْ يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَحُكْمُ الْأَدَبِ الْوُجُوبُ عَلَى الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَلَدَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِصَاحِبِهِ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَاقِبَهُ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ إلْدَادَهُ إيذَاءٌ لَهُ وَإِضْرَارٌ بِهِ فَوَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَكُفَّهُ وَيُعَاقِبَهُ عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ وَفِي حِفْظِي عَنْ بَعْضِهِمْ إنْ قَالَ لِخَصْمِهِ ظَلَمْتنِي أَوْ غَصَبْتنِي وَنَحْوَهُ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي أَوْ تَظْلِمُنِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ يَا ظَالِمُ وَنَحْوَهُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أُدِّبَ انْتَهَى، فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مُطْلَقٌ عَلَيْهِ الْإِذْنُ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ أَوْ يُقَالُ الْوَاجِبُ زَجْرُهُ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الضَّرْبِ، وَأَمَّا بِخُصُوصِ الضَّرْبِ فَحُكْمُهُ الْجَوَازُ إذْ الضَّرْبُ أَمْرُهُ سَدِيدٌ

(ص) وَعَزْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَمْ يَنْبَغِ إنْ شُهِرَ عَدْلًا لَا بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ، وَلْيَبْرَأْ عَنْ غَيْرِ سَخَطٍ (ش) عَزْلُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ هُوَ الْأَمِيرُ أَوْ الْخَلِيفَةُ أَيْ وَجَازَ عَزْلُ الْأَمِيرِ أَوْ الْخَلِيفَةِ الْقَاضِيَ
لِمَصْلَحَةٍ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَرَحَهُ كَكَوْنِ غَيْرِهِ أَفْضَلَ أَوْ أَصْبَرَ وَأَجْلَدَ مِنْهُ فَلَوْ عَزَلَهُ لَا
لِمَصْلَحَةٍ
فَالنَّقْلُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَعَزْلُ مَنْ فِي بَقَائِهِ مَفْسَدَةٌ وَاجِبٌ وَمَنْ يُخْشَى مَفْسَدَتُهُ مُسْتَحَبٌّ، وَلِذَا قَالَ بَعْضٌ الْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ فَيَتَنَاوَلُ الْوَاجِبَ وَلَا يَنْبَغِي لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَعْزِلَ الْقَاضِيَ الْمَشْهُورَ بِالْعَدَالَةِ بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ حَتَّى تَكْثُرَ فِيهِ الشَّكَاوَى وَتَتَظَافَرَ فَحِينَئِذٍ يَعْزِلُهُ وَإِذَا عَزَلَهُ فَإِنَّهُ يُوقِفُهُ لِلنَّاسِ لِيَرْفَعَ مَنْ يَرْفَعُ وَيَخْفِضَ مَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَتَرَكَ مِنْ هُنَاكَ بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا هُنَا) أَيْ وَهِيَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَاللِّعَانُ. (قَوْلُهُ: فَيُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا هُنَا) أَيْ فَيُرَادُ بِالْقِصَاصِ فِيمَا تَقَدَّمَ الْقَتْلُ فَقَطْ فِي شَرْحِ عب وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ إبْقَاءُ مَا فِي الْحَجْرِ مِنْ قَوْلِهِ وَقِصَاصٌ عَلَى شُمُولِهِ لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا لَا مَا قَالَهُ عب لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي مَالٍ وَجَرْحٍ

. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ إلَخْ) أَيْ فَالتَّأْدِيبُ لَيْسَ عَامًّا بَلْ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَدِّ وَالْقَتْلِ.

. (قَوْلُهُ: إذَا حَكَمُوا فِي الْمَالِ وَالْجَرْحِ) هِيَ جَارِيَةٌ فِيمَا يُحْكَمُ بِهِ ابْتِدَاءً وَفِيمَا يَمْضِي حُكْمُهُ فِيهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمَالِ وَالْجَرْحِ. (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مَقْطُوعٌ) لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ بَدَلًا ثُمَّ قُطِعَ فَلَوْ جُعِلَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِمُقَدَّرٍ لَكَانَ أَظْهَرَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: صَبِيٌّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا تَحْكِيمَ صَبِيٍّ وَلَا مَانِعَ مَنْ نَصْبِهِ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا الصَّبِيَّ وَفَاسِقًا وَيَصِحُّ رَفْعُهُ وَتَقْدِيرُهُ، وَرَابِعُهَا هُوَ وَفَاسِقٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا سُؤَالٌ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَثَالِثُهَا بَدَلٌ، وَقَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَحْذُوفَ خَالٍ عَنْ حَرْفِ الْعَطْفِ أَيْ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ مَحْذُوفٌ

. (قَوْلُهُ: وَضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ) بِيَدِهِ أَوْ يَدِ أَعْوَانِهِ بِاجْتِهَادٍ فِي قَدْرِهِ وَكَذَا يُؤَدَّبُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الشَّرْعِ إنْ كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الرَّسُولِ وَإِلَّا فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ شب وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ بِغَيْرِ الضَّرْبِ. (قَوْلُهُ: فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي ذِكْرِهِ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: وَفِي حِفْظِي إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. (قَوْلُهُ: أُدِّبَ) أَيْ فَفَرْقٌ بَيْنَ ظَالِمٍ وَتَظْلِمُنِي؛ لِأَنَّ لَفْظَ ظَالِمٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ الظُّلْمَ صِفَتُهُ وَطَبِيعَتُهُ بِخِلَافِ يَظْلِمُنِي فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ حُدُوثَ ذَلِكَ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: انْتَهَى أَيْ كَلَامُ الْمَوَّاقِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْإِذْنُ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَاكِمٌ بِالْجَوَازِ وَذَلِكَ أَنَّ ضَرْبٌ مَرْفُوعًا مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ) الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِهِ أَنْ يَقُولَ أَرَادَ بِالْإِذْنِ الْوُجُوبَ مَا لَا يَشْمَلُ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ الْوَاجِبُ إلَخْ) هَذَا أَحْسَنُ.

. (قَوْلُهُ: عَدْلًا) خَبَرٌ لِكَوْنِ الْمُقَدَّرِ وَالتَّقْدِيرُ إنْ شُهِرَ كَوْنُهُ عَدْلًا وَقِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَوْ نَائِبِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَجْلَدَ) عَطْفُ مُرَادِفٍ. (قَوْلُهُ: بَلْ حَتَّى تَكْثُرَ فِيهِ الشَّكَاوَى إلَخْ) أَقُولُ فَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ. (قَوْلُهُ: وَتَتَظَافَرُ) أَيْ تَتَقَوَّى. (قَوْلُهُ: لِيَرْفَعَ مَنْ يَرْفَعَ) أَيْ لِيَرْفَعَهُ إنْ كَانَ مَا فِيهِ كَذِبٌ

الصفحة 146