كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

سَفَرِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ وَفِي كَثْرَةِ الْوَحْلِ وَالْمَطَرِ؛ لِأَنَّهُ مُضِرٌّ بِالنَّاسِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ فَقَوْلُهُ وَمَطَرٍ أَيْ وَكَثْرَةِ مَطَرٍ فَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِيدٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِجَلَسَ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَيْدِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِهِ أَيْ أَنَّ جُلُوسَهُ فِي الْعِيدِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ، وَأَمَّا مِصْرُ وَنَحْوُهَا فَيَنْبَغِي الْجُلُوسُ أَيَّامَ خُرُوجِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ وَسَفَرِ الْقَوَافِلِ لِلشَّامِ وَغَيْرِهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَكْرِيَاءِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَإِذَا غَفَلَ عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ هَرَبُوا

(ص) وَاِتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَمْنَعُ مَنْ لَا حَاجَةَ عِنْدَهُ وَبَوَّابًا بِالْبَابِ ثِقَةً عَدْلًا

(ص) وَبَدَأَ بِمَحْبُوسٍ ثُمَّ وَصِيٍّ وَمَالِ طِفْلٍ وَمَقَامٍ ثُمَّ ضَالٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَحْبُوسِينَ فَيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِمْ فَمَنْ اسْتَحَقَّ الْإِفْرَاجَ أَفْرَجَ عَنْهُ وَمَنْ لَا أَبْقَاهُ، وَهَذَا بَعْدَ النَّظَرِ فِي الْكَشْفِ عَنْ الشُّهُودِ الْمُوَثِّقِينَ فَيَفْحَصُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ فَيُثْبِتُ مَنْ كَانَ عَدْلًا وَيُسْقِطُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَدَارَ الْأَمْرِ كُلِّهِ عَلَى الشُّهُودِ ثُمَّ بَعْدَ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِ يَنْظُرُ فِي الْأَوْصِيَاءِ مَعَ الْأَيْتَامِ الَّذِينَ تَحْتَ حِجْرِهِمْ فَإِنَّ الْيَتِيمَ عَاجِزٌ عَنْ رَفْعِ أَمْرِهِ إلَى الْقَاضِي وَفِي مَالِ الْأَطْفَالِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ فِي مَالِ طِفْلٍ مَعَ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَامٍ عَلَيْهِ الْأَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ لِعُمُومِ النَّظَرِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي أَمْرِ الْمُقَامِ الَّذِي أَقَامَهُ الْقَاضِي الَّذِي قَبْلَهُ مَعَ يَتِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ مُطَالَبَةٌ عَلَى الْمُقَامِ فَيَعْجِزُ وَلَا يَعْرِفُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ بَعْدَ النَّظَرِ فِيمَا مَرَّ يَنْظُرُ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّوَالِّ وَفِي تت وَبَدَأَ أَوَّلَ وِلَايَتِهِ اسْتِحْبَابًا بِمَحْبُوسٍ خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ

(ص) وَنَادَى بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ يَتِيمٍ وَسَفِيهٍ وَرَفَعَ أَمْرَهُمَا ثَمَّ فِي الْخُصُومِ (ش) قَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا قَعَدَ أَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ فِي النَّاسِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ لَهُ فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مِنْ مُدَايَنَتِهِ وَمُتَاجَرَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَنْهُ فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدُ أَوْ بَاعَ مِنْهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ انْتَهَى ثُمَّ بَعْدَ مَا مَرَّ يَنْظُرُ بَيْنَ الْخُصُومِ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَمُسَاوَاةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ.

(ص) وَرَتَّبَ كَاتِبًا عَدْلًا شَرْطًا كَمُزَكٍّ وَاخْتَارَهُمَا وَالْمُتَرْجِمُ مُخَيَّرٌ كَالْمُحَلِّفِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ لَهُ كَاتِبًا عَدْلًا يَضْبِطُ الْوَقَائِعَ الَّتِي يَحْكُمُ فِيهَا وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْدَلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَمُ الْجُلُوسِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مُطْلَقًا

. (قَوْلُهُ: وَبَوَّابٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْحَاجِبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ فَالْبَوَّابُ الَّذِي يَقِفُ خَارِجَ بَابِ الدَّارِ فَلَا يُدْخِلُ إلَّا مَنْ لَهُ حَاجَةٌ، وَالْحَاجِبُ هُوَ الَّذِي يَقِفُ عَلَى بَابِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَعَدَّهُ الْقَاضِي لِلْجُلُوسِ فِيهِ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَدْخُلَ وَاحِدٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَوَّابِ أَوْ يَكُونَ بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهِ لَهُ حَاجَةٌ، وَيَكُونُ الدُّخُولُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي الْقَاضِي فِيهِ عَلَى التَّدْرِيجِ بِحَيْثُ إنَّ أَصْحَابَ الدَّعَاوَى لَا يَدْخُلُونَ دُفْعَةً بَلْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ أَنَّ اسْمَهُ عُثْمَانُ وَكَانَ أَبُوهُ حَاجِبَ الْأَمِيرِ بِقُوصَ.
(قَوْلُهُ: ثِقَةً عَدْلًا) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَكُونُ الْحَاجِبُ وَالْبَوَّابُ ثِقَةً عَدْلًا وَيُنْهَى عَنْ اتِّخَاذِهِ مَنْ يَحْجُبُ النَّاسَ وَقْتَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ

. (قَوْلُهُ: فِي أَوَّلِ جُلُوسِهِ) أَيْ فِي أَوَّلِ وِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُوَثِّقِينَ) أَيْ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْوَثَائِقَ أَوْ يَحْضُرُونَ كَتْبَ الْوَثَائِقِ أَيْ الشُّهُودِ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَاضِي الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الدَّعْوَى وَتُوضَعُ شَهَادَتُهُمْ فِي الْوَثَائِقِ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَالِ الْأَطْفَالِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَمَالِ طِفْلٍ عَلَى مَا هُوَ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الطِّفْلِ مُهْمَلًا أَوْ ذَا وَصِيٍّ أَوْ ذَا مَقَامٍ وَقَوْلُهُ: الْأَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ لَكِنْ أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَالِ طِفْلٍ أَخَصَّ مِمَّا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَصِيٌّ أَيْ وَأَخَصُّ مِمَّا بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: وَمَقَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ وَصِيٍّ وَمُقَامٍ صَادِقٍ بِالنَّظَرِ لِمَالِ الطِّفْلِ وَحَالَةِ الْقِيَامِ بِشَأْنِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُمُومٌ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْمُهْمَلِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي أَمْرِ الْمُقَامِ هَذَا حَلٌّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مُقَامٍ، قَوْلُهُ (يُنْظَرُ فِي اللُّقَطَةِ وَالضَّوَالِّ) أَرَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَضَالٍّ قَاصِرٍ إذْ كَمَا يَنْظُرُ فِي الضَّوَالِّ فِي اللُّقَطَةِ وَيُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالضَّالِّ مَا يَشْمَلُ اللُّقَطَةَ أَيْ أَنَّ اللُّقَطَةَ وَالضَّوَالَّ الْمَوْضُوعَةَ فِي حَوْزِ بَيْتِ الْمَالِ يُنْظَرُ فِي شَأْنِهَا هَلْ أَتَى لَهَا طَالِبٌ أَوْ لَا فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ مِنْ إبْقَاءٍ أَوْ صَرْفٍ فِيمَا يَصْرِفُ فِيهِ بَيْتُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلدَّمِيرِيِّ) تِلْمِيذِ النَّاصِرِ شَارِحِ خَلِيلٍ أَيْ حَيْثُ جَعَلَهُ وَاجِبًا وَهُوَ الَّذِي حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا أَوَّلًا

. (قَوْلُهُ: وَنَادَى) أَيْ أَمَرَ أَنْ يُنَادِيَ إلَخْ وَرُتْبَةُ الْمُنَادَاةِ فِي رُتْبَةِ النَّظَرِ فِي أَمْرِهِمَا فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِينَ كَمَا تُفِيدُهُ التَّبْصِرَةُ خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ الْبِسَاطِيِّ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ وَالْمُنَادَاةُ الْمَذْكُورَةُ مَنْدُوبَةٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّارِحِ وتت وَلَازِمَةٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّبْصِرَةِ ثُمَّ نِدَاؤُهُ يَمْنَعُ مُعَامَلَةَ السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَفْعَالِهِ لَا عَلَى رَدِّهَا إذْ لَا فَائِدَةَ لِلْمُنَادَاةِ حِينَئِذٍ قَالَ فِي ك وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُنَادِي بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ الْيَتِيمِ وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (قَوْلُهُ: وَرَفْعِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْعِ. (قَوْلُهُ: ثَمَّ فِي الْخُصُومِ) أَيْ أَنَّ مَرْتَبَةَ ذَلِكَ مُتَأَخِّرَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسَافِرُونَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (قَوْلُهُ: قَالَ أَصْبَغُ) قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ أَصْبَغَ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُنَادَاةَ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحَجْرِ عَلَيْهِمَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَلَا وَكِيلَ) أَرَادَ بِهِ الْمُقَدَّمَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي

. (قَوْلُهُ: وَرَتَّبَ كَاتِبًا) أَيْ وُجُوبًا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَنَدْبًا عَلَى مَا فِي الْحَطَّابِ. (قَوْلُهُ: شَرْطًا) حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْعَدَالَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ عَدْلًا شَرْطًا. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُمَا) أَيْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَأَمَّلَ بِحَيْثُ يَأْخُذُ الْخِيَارَ مِنْ النَّاسِ وَيَجْعَلُهُ كَاتِبًا وَمُزَكِّيًا

الصفحة 148