كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أَنْ يَشْتَرِطَ الْخَلَفَ وَإِلَّا أَدَّى إلَى الْغَرَرِ الثَّامِنُ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَإِذَا اتَّجَرَ بِالْمِائَةِ فَنَقَصَتْ فِي خِلَالِ السَّنَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَهُ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهَا الْمُشْتَرِي وَلَا كَلَامَ لَهُ انْتَهَى، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْخَلَفُ وَهَذَا وَاضِحٌ سَوَاءٌ وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ أَوْ طَلَبَ الْخَلَفَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الرِّبْحِ ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ أَيْضًا وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الْمُشْتَرَاةُ وَقَدْ اتَّجَرَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ السَّنَةِ كَانَ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيمَا اتَّجَرَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهِ وَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ فِي الْمِائَةِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْمُشْتَرِي بِالْمِائَةِ إلَّا نِصْفَ السَّنَةِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ وَقَدْ فَاتَتْ فَقِيمَةُ الْعَيْبِ قَدْ وَجَبَتْ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ تُنْقِصُهَا الرُّبُعَ رَجَعَ مُشْتَرِي السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرُبُعِ الْمِائَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَرْجِعُ أَيْضًا بِرُبُعِ قِيمَةِ الْإِجَارَةِ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ وَيَتَّجِرُ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْبَاقِيَةِ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ دِينَارًا؛ لِأَنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ رُبُعَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَنْ يَتَّجِرَ فِي شَيْءٍ وَقَدْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَكَانَ الْعَيْبُ يُنْقِصُهَا الرُّبُعَ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَتَّجِرُ لَهُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ يَتَّجِرُ لَهُ بِهَا.

(ص) كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ (ش) هَكَذَا الصَّوَابُ كَمَا فِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ لِيُوَافِقَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِعَيْنِهَا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّ مَا مَاتَ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ مَا تَلِفَ مِنْهَا أَخْلَفَهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ قِيلَ لِلرَّاعِي اذْهَبْ بِسَلَامٍ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ.
(ص) وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ الْغَنَمُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلِلرَّاعِي الْخَلَفُ بِالْقَضَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فِيمَا هَلَكَ مِنْهَا إلَى تَمَامِ عَمَلِهِ وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ الرَّاعِي الْخَلَفَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ قِيلَ لِلْعَامِلِ اذْهَبْ بِسَلَامٍ وَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَغَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي الْجَوَازِ بِدُونِ قَوْلِهِ إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ أَيْ: وَجَازَ بَيْعُهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ عُيِّنَتْ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ بِمَعْنَى عَلَى وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُوَ الرَّاعِي وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَرْطُ الْخَلَفِ عَلَى آجِرِهِ وَهُوَ رَبُّ الْغَنَمِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ.

(ص) كَرَاكِبٍ (ش) أَيْ: أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَرَثَتَهُ إنْ مَاتَ أَنْ يَأْتُوا بِخَلَفِهِ أَوْ يَدْفَعُوا جَمِيعَ الْأُجْرَةِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْخَلَفِ أَيْ: كَمَا يَجِبُ خَلَفُ الرَّاكِبِ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ وَحَلُّ الشَّارِحِ أَيْضًا وَاضِحٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخُلْفَ) هَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَالْمُشْتَرِطُ الْبَائِعُ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَرَضِ وَبَعْضُ الشُّيُوخِ فَهِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِطَ إنَّمَا هُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ فِي الشَّرْطِ فَائِدَةٌ وَهِيَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عَلَى تَقْدِيرِ تَلَفِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْغَرَرِ يُفِيدُ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ ذِكْرَ الشَّرْطِيَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ جَرَى عُرْفٌ بِهِ لَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِهِ ثُمَّ إذَا حَصَلَ شَرْطُ الْخَلَفِ وَحَصَلَ تَلَفُ الْبَعْضِ وَرَضِيَ رَبُّ السِّلْعَةِ بِالتَّجْرِ بِمَا بَقِيَ جَازَ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ) هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ جَعْلِ التِّجَارَةِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ وَالرِّبْحُ لَيْسَ مَعْلُومًا وَقَيَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرِّبْحُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُتَقَارِبًا وَإِلَّا جَازَ.
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ اخْتَلَّ الْحُضُورُ فَالرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ تِجَارَةَ سَنَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَقِيمَةُ التَّجْرِ خَمْسُونَ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ قِيمَةِ سِلْعَتِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَهَلْ يَرْجِعُ شَرِيكًا بِثُلُثِهَا أَوْ بِثُلُثِ قِيمَتِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَحْضَرَ الثَّمَنَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّجْرَ بِالرِّبْحِ فَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ) وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْخَلَفُ أَيْ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَلَفُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ سَنَةٍ وَهُوَ يَتَّجِرُ فِي الْمِائَةِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ تَرْكُ التَّجْرِ نِصْفَ سَنَةٍ (قَوْلُهُ فِي السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ) أَيْ: لِأَنَّهُ كَشَفَ الْعَيْبَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاتِّجَارُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ لَا بِالْمِائَةِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ: فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْخَلَفِ) أَيْ: بَعْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ وَمَاتَ شَيْءٌ مِنْهَا أَوْ تَلِفَ فَإِنَّ رَبَّهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِالْخَلَفِ يَسْتَحِقُّ الرَّاعِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ) أَيْ: بِفَتْحِ الْجِيمِ.
(فَرْعٌ) لَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهُ رَاعِيًا آخَرَ وَلَوْ بِرِضَا رَبِّ الْغَنَمِ وَيَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْأَمَانَةِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِثْلَهُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجَرِ شَرْطُ الْخَلَفِ) أَيْ: اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ أَيْ: يَجِبُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ عَلَى رَبِّهَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَرَثَتَهُ) سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا بِخِلَافِ مَوْتِ الدَّابَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فُسِخَ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ الْآتِي لَا بِهِ فَصَارَ لِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ تَرْجِيحٌ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ صَرِيحًا فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ الدَّابَّةُ الْمُكْتَرَاةُ لِعَرُوسٍ تُزَفُّ عَلَيْهَا فَيَتَعَذَّرُ زَفُّهَا فَعَلَى وَلِيِّهَا الْكِرَاءُ (قَوْلُهُ وَحَلُّ الشَّارِحِ وَاضِحٌ)

الصفحة 15