كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَالْكَلَامِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا وَيَجْعَلُ نَظَرَهُ وَفِكْرَهُ لَهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ

(ص) وَقَدَّمَ الْمُسَافِرَ وَمَا يَخْشَى فَوَاتَهُ ثُمَّ السَّابِقَ قَالَ وَإِنْ بِحَقَّيْنِ بِلَا طُولٍ ثُمَّ أَقْرَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَدَاعَيَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمُسَافِرُونَ وَغَيْرُهُمْ وَتَزَاحَمُوا عَلَى التَّقَدُّمِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وُجُوبًا يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ سَابِقًا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُقِيمِ ضَرَرٌ بِسَبَبِ تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ عَلَيْهِ فَإِنْ حَصَلَ الضَّرَرُ فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الَّذِي يُخْشَى فَوَاتُهُ إذَا قُدِّمَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُسَافِرُ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَيُقَدَّمُ مَا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ ثُمَّ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ عَلَى غَيْرِهِ يُقَدَّمُ السَّابِقُ فِي الزَّمَانِ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِحَقَّيْنِ إذَا كَانَ لَا يُطَوِّلُ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا بَلْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ بِأَنْ حَضَرَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا لَمْ يُعْلَمْ فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ، وَصِفَتُهَا أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي رِقَاعٍ وَتُخْلَطَ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِحَقَّيْنِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ الطُّولِ فَإِنْ حَصَلَ طُولٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ السَّابِقِ بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ وَتَأْخِيرُ حَقِّهِ الْآخَرِ عَمَّا يَلِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بَعْضٌ

(ص) وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ كَانَتْ خُصُومَتُهُنَّ فِيمَا بَيْنَهُنَّ أَوْ مَعَ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُنَّ، وَقَوْلُهُ (كَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدَّمَ السَّابِقَ يَعْنِي أَنَّ الْمُفْتِيَ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَكَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَأَمَّا الطَّحَّانُ وَالْفَرَّانُ وَالْمُقْرِئُ وَسَائِرُ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ لَهُمْ عُرْفٌ عُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ وَيُقَدَّمُ فِي الْقِرَاءَةِ مَنْ فِيهِ نَافِلَةٌ عَلَى غَيْرِهِ لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا
(ص) وَأَمْرُ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ وَإِلَّا فَالْجَالِبُ وَإِلَّا أُقْرِعَ (ش) فَقَوْلُهُ تَجَرَّدَ إلَخْ صِفَةٌ لِمُدَّعٍ، وَقَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ أَيْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَيْ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ مَا يُصَدِّقُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَتَمَسَّكْ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ أَيْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مَعْهُودٌ وَأَصْلٌ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ تَجَرُّدُهُ مِنْهَا فَغَيْرُ بَيِّنَةٍ قَيْدٌ مُدْخِلٌ يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ الْمُدَّعِيَ وَهُوَ الَّذِي تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَمَّنْ يُصَدِّقُهُ الْآنَ بِالْكَلَامِ أَيْ بِالدَّعْوَى، فَقَوْلُهُ وَأَمَرَ وُجُوبًا أَيْ يَجِبُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُدَّعِي وَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا فَإِنَّ الْجَالِبَ لِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِ الْقَاضِي مَثَلًا بِمَجْلِسِ الشَّرْعِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْجَالِبُ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُطَابِقْ الْوَاقِعَ

. (قَوْلُهُ: وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ) أَيْ وَمُدَّعِي مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَبَيْنَ رَبِّ الطَّعَامِ كَنِكَاحٍ اسْتَحَقَّ فَسْخًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَخَافُ إنْ أَخَّرَ النَّظَرَ فِيهِ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ أَوْ طَعَامٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ) أَيْ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لِلْمُسَافِرِ الضَّرَرُ وَاسْتَوَيَا وَإِلَّا قَدَّمَ الْأَشَدَّ ضَرَرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبَيْنِ) أَيْ أَوْ جَاءَا مُتَرَتِّبَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَوَيَا. (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ السِّبَاقِ بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ) وَلَوْ مَعَهُ طُولٌ وَاعْلَمْ أَنَّ شَارِحَنَا فَرَضَ الْحَقَّيْنِ فِي سَابِقِ الْغَيْرِ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُقَدَّمُ بِحَقَّيْنِ وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ.
(تَنْبِيهٌ) : فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِقَالَ نَظَرٌ إذْ مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ مُسْتَفَادٌ مِمَّا فِي النَّوَادِرِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ

. (قَوْلُهُ: لِلنِّسَاءِ) أَيْ اللَّاتِي يَخْرُجْنَ لَا الْمُخَدَّرَاتِ وَاَللَّاتِي يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ كَلَامِهِنَّ فَيُوَكِّلْنَ أَوْ يَبْعَثُ لَهُنَّ فِي مَنْزِلِهِنَّ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَدَّمَ السَّابِقَ) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا عَطْفَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ السَّابِقُ. (قَوْلُهُ: يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ) أَيْ فِي الْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ) أَيْ فِي الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَدَّمَ الْآكَدَ فَالْآكَدَ) أَيْ كَصَاحِبِ الْعِيَالِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ فِي الْقِرَاءَةِ مَنْ فِيهِ نَافِلَةٌ) أَيْ فَضِيلَةٌ وَهَذَا مُسْتَأْنَفٌ، وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ أَنَّ الطَّالِبَ الَّذِي لَا قَابِلِيَّةَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِعُرْفٍ وَلَا غَيْرِهِ لَا فِي الْمُقْرِئِ وَلَا فِي الْمُدَرِّسِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ دُونَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُقْرِئَ كَالطَّحَّانِ يَعْمَلُ بِالْعُرْفِ وَإِلَّا فَالْآكَدُ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَالْمُقْرِئُ. (قَوْلُهُ: لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ) أَيْ لِتَرْجِيحِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ مُدَّعٍ إلَخْ) لَمْ يُعَرِّفْ الْمُصَنِّفُ الدَّعْوَى وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ لَوْ سَلَّمَ أَوْجَبَ لِقَائِلِهِ حَقًّا وَلَهَا شُرُوطٌ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا وَزَادَ غَيْرُهُ مُعْتَبَرَةٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لَمْ يُكَذِّبْهَا الْعَادَةُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُعْتَبَرَةٌ مِنْ نَحْوِ دَعْوَى الْقَمْحَةِ وَالشَّعِيرَةِ وَبِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ دَعْوَى أُجْرَةٍ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَبِقَوْلِهِ لَا يُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ مِنْ دَعْوَى دَارٍ بِيَدِ حَائِزٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ فَإِنْ قِيلَ فِي هَذَا تَقْدِيمُ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصْوِيرِ إذْ قَوْلُهُ: بِالْكَلَامِ مُتَعَلِّقٌ بِأَمَرَ فَالْجَوَابُ لَا ضَرَرَ فِي تَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصْوِيرِ إذْ الْمُقَدَّمُ عَلَى التَّصْدِيقِ التَّصَوُّرُ لَا التَّصْوِيرُ الَّذِي يَكُونُ لِأَجْلِ الْغَيْرِ
فَإِنْ قِيلَ كَوْنُهُ مُدَّعِيًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَلَامِهِ وَأَمْرُهُ بِالْكَلَامِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِهِ مُدَّعِيًا فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ، فَالْجَوَابُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَوْنَهُ مُدَّعِيًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَلَامِهِ لِإِمْكَانِ عِلْمِهِ بِتَصْدِيقِ خَصْمِهِ أَنَّهُ الْمُدَّعِي أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْجَالِبُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ فَالْجَالِبُ وَهُوَ الطَّالِبُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَسُولِهِ أَوْ خَاتَمٍ أَوْ وَرَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ لِدَلَالَةِ قَرِينَةِ الْحَالِ عَلَى صِدْقِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَقُرِعَ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ الْجَالِبُ وَلَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا، وَبِعِبَارَةٍ الْمُدَّعِي مَنْ يَقُولُ كَانَ أَوْ لَمْ يَطْلُبُ إنْ سَكَتَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَكْسِ كَمَا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ مِنْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَنْ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ سَكَتَ يُطْلَبُ. (قَوْلُهُ: قَيْدٌ مُدْخِلٌ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ تَصْدِيقُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَارَ الْمَعْنَى مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ: عَنْ مُصَدِّقٍ أَيْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

الصفحة 153