كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْقُرْعَةِ

(ص) فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الدَّعْوَى مِنْ الْمُدَّعِي الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ كَمَا إذَا قَالَ لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا فَاحْتَرَزَ بِالْمَعْلُومِ مِمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ كَلِيِّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ وَبِالْمُحَقَّقِ مِمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَظْنُونٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَقَوْلُهُ مُحَقَّقٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ فِي قَوْلِهِ وَاسْتَحَقَّ بِهِ بِيَمِينٍ إنْ حُقِّقَ (ص) قَالَ وَكَذَا شَيْءٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَالَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ مُعَامَلَةٍ مَثَلًا وَأَنَا أَتَحَقَّقُ ذَلِكَ وَلَكِنْ جَهِلْت قَدْرَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ إمَّا بِالتَّفْصِيلِ وَإِمَّا بِالْإِنْكَارِ جُمْلَةً أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَلَعَلَّ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فَقَدْ قَالَ الْبِسَاطِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ صَوَابٌ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ قَالَ وَبَيَانُهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَقْبَلُ الْإِقْرَارَ بِشَيْءٍ وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَقُولُوا تُقْبَلُ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فَلَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ قُبِلَتْ فَهُوَ الَّذِي يَقُولُهُ الْمَازِرِيُّ وَإِنْ كَانَ احْتَجَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت إقْرَارُهُ بِشَيْءٍ يَلْزَمُ تَفْسِيرُهُ فَيَرْجِعُ لِلتَّفْسِيرِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إذَا تَعَذَّرَ قُلْنَا إلْزَامُهُ بِالتَّفْسِيرِ فَرْعُ إلْزَامِهِ بِالْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. .

(ص) وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ كَأَظُنُّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ بَلْ قَالَ أَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ حَقًّا فَإِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاعْتُمِدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ (ص) وَكَفَاهُ بِعْت وَتَزَوَّجْت وَحُمِلَ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَلْيَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْ السَّبَبِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى مِنْ تَبْيِينِ السَّبَبِ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنْ سَلَفٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ شِرَاءً صَحِيحًا أَوْ نِكَاحًا صَحِيحًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَنْ السَّبَبِ الَّذِي تَرَتَّبَ الْحَقُّ بِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ وُجُوبًا عَلَيْهِ وَيَسْأَلُ الْمُدَّعِي عَنْ ذَلِكَ السَّبَبِ إذْ لَعَلَّهُ فِي الْأَصْلِ بَاطِلٌ لَا يَلْزَمُهُ بِسَبَبِهِ حَقٌّ فَإِنْ قَالَ الطَّالِبُ لَا أَعْلَمُ السَّبَبَ أَوْ لَا أُبَيِّنُهُ لَمْ يُطْلَبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَإِنْ قَالَ نَسِيت السَّبَبَ قُبِلَ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّبَبِ بَلْ يَسْأَلُ عَنْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ وَالْقَبْضِ وَعَدَمِهِ فَاسْتَغْنَى الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ لِاسْتِلْزَامِ قَوْلِهِ وَكَفَاهُ بِعْت إلَخْ لَهُ إذْ الْبَيْعُ وَالتَّزْوِيجُ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبٌ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِسُؤَالِ الْمُدَّعِي عَنْ السَّبَبِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُهُ فَإِنْ تَنَبَّهَ فَهُوَ الَّذِي يُسْأَلُ كَمَا يَأْتِي وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ وَمَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ لِمُخَالَفَةِ الشَّافِعِيِّ فِي الثَّانِي فَلَا بُدَّ عِنْدَهُ أَنْ يَقُولَ عَقَدْته بِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ انْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ.

(ص) ثُمَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ تَرَجَّحَ قَوْلِهِ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ بِجَوَابِهِ (ش) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَتِهِ وَمَا يُطْلَبُ مِنْهُ مِنْ تَبْيِينِ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ عَنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ يَرْجِعُ إلَى تَصَوُّرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا فِي ذِهْنِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَذِهْنُ الْقَاضِي وَالْمُحَقِّقِ رَاجِعٌ لِجَزْمِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ النِّزَاعُ فَهُوَ مِنْ نَوْعِ التَّصْدِيقِ فَلِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ لَا يُسْمَعُ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلِاشْتِرَاطِ التَّحْقِيقِ لَا يُسْمَعُ أَشُكُّ أَنَّ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَمَا أَشْبَهَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ) وَأَمَّا لَوْ ذَكَرَ سَبَبَهُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى عَلَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُجِيبَ بِالْإِنْكَارِ أَوْ بِالتَّفْصِيلِ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ تَكُنْ دَعْوَى اتِّهَامٍ) فِيهِ أَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ تَرْجِعُ لِلظَّنِّ أَوْ الشَّكِّ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلٍ وَهُنَاكَ عَلَى قَوْلٍ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ جَهِلْت قَدْرَهُ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِي عِنْدَهُ شَيْءٌ وَامْتَنَعَ مِنْ ذِكْرِ قَدْرِهِ فَلَا تُسْمَعُ حَتَّى عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَبَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ لَيْسَتْ مَحَلَّ خِلَافٍ كَهَذِهِ وَهِيَ أَنْ يَدَّعِيَ جَهْلَ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَهُ وَفِي هَذِهِ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ فَلَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَالثَّانِي بَاطِلٌ فَعَدَمُ الْقَبُولِ بَاطِلٌ فَالصَّوَابُ الْقَبُولُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ الَّذِي يَقُولُهُ الْمَازِرِيُّ) أَيْ فِي الْقَبُولِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ احْتَجَّ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَيَكُونُ جَازِمًا بِأَنَّهُ احْتَجَّ بِدَلِيلٍ آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ مُتَرَدِّدًا هَلْ احْتَجَّ بِذَلِكَ أَمْ بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ فِي الْإِقْرَارِ يَلْزَمُ بِالتَّفْسِيرِ لِحَقِّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الدَّعْوَى فَهِيَ فِي حَقِّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّفْسِيرِ هُوَ الْإِقْرَارُ اللَّازِمُ وَالْمُوجِبُ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِهِ هُوَ النُّطْقُ بِهِ فَهُوَ الْأَصْلُ فَصَحَّ قِيَاسُ الدَّعْوَى عَلَى الْإِقْرَارِ، وَبَعْدُ فَالْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَقَوْلُهُ: الْمُصَنِّفُ قَالَ وَكَذَا شَيْءٌ مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا

. (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ أَظُنُّ) وَكَذَا أَشُكُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْوَ الظَّنُّ) اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ مَا يَأْتِي جَازِمٌ فِي اللَّفْظِ وَمُعْتَمَدٌ عَلَى مَا يُحَصِّلُ الظَّنَّ كَخَطِّ أَبِيهِ وَمَا هُنَا فَهُوَ مُصَرِّحٌ بِالظَّنِّ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ قَوِيَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَعْوَى الِاتِّهَامِ لَا تُقْبَلُ وَالْمُعْتَمَدُ قَبُولُهَا. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ إلَخْ) أَيْ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَوْ يُقَالُ إنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلَيْنِ فَتَبِعَ مَا هُنَا الْمُتَيْطِيَّ وَفِيمَا سَيَأْتِي أَشْهَبَ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ صَاحِبِ الْإِمَامِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ) أَيْ أَتَى بِالْمِثَالِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ

. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ: عَنْ مُصَدِّقٍ وَإِنْ شِئْت قُلْت الْمُدَّعِي مَنْ ادَّعَى خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ مَنْ ادَّعَى الظَّاهِرَ

الصفحة 154