كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا (ش) هُوَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيُفِيدُ أَنَّ وُجُودَهُ بَعْدَمَا اسْتَحْلَفَهُ وَحَلَفَ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْحَلِفَ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَقَامَ شَاهِدًا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا أَوْ فِي دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ وَيَضْمَنَهُ لِلْأَوَّلِ وَيَعْمَلَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِانْفِرَادِهِ، وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ اُنْظُرْ وَجْهَهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ (ش) الْمَعْطُوفُ عَلَى نِسْيَانِ مَحْذُوفٍ مَعَ حَذْفِ ثَلَاثِ مُضَافَاتٍ بَعْدَهُ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ شَاهِدٍ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى عَدَمِ قَبُولِ الْحَاكِمِ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ ذَلِكَ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا فِيمَا يُقْضَى فِيهِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ أَصْلًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ أَيْ طَلَبَ الْمُقِيمُ يَمِينَهُ وَحَلَفَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ الَّذِي لَمْ يَقْبَلْهُ حَيْثُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَيَحْلِفُ مَعَهُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ تَارَةً وَلَا يَرَاهُ أُخْرَى كَالْمَالِكِيِّ وَكَانَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَرَاهُ فِيهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضُمُّهُ لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ حِينَ تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ نَاسِيًا لَهُ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيِّنَةِ.

(ص) وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا، قَالَ وَكَذَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي أَنْتِ حَلَّفْتنِي عَلَى ذَلِكَ قَبْلُ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ قَبْلَ تَارِيخِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ لَا يَحْلِفُ مَرَّةً أُخْرَى وَكَذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ بَعْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِيَ أَنْ يَحْكُمَ بِالشَّهَادَةِ فَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حُضُورِ الْخَصْمِ لَا فِي غَيْبَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا) قَالَ فِي ك ثُمَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَطْفُ الْفِعْلِ الْمَاضِي عَلَى الْمَصْدَرِ وَهُوَ لَيْسَ بِقَوِيمٍ وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى أَيْ كَنِسْيَانٍ أَوْ وُجُودِ ثَانٍ قَدْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصَحَّ عَطْفُ الْفِعْلِ الْمَاضِي عَلَى الْمَصْدَرِ حَيْثُ رُوعِيَ الْمَعْنَى دَائِمًا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: فِي حَيِّزِ إلَخْ) أَيْ فَلَا بَيِّنَةَ إلَّا لِعُذْرٍ وَإِلَّا لِوُجُودِ ثَانٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ وُجُودِ الثَّانِي لَمْ تَنْتَفِ بَيِّنَتُهُ بَلْ بَقِيَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي دَعْوَى أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا) أَيْ كَأَنْ نَسِيَهُ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، وَكَلَامُهُ هُنَا غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَى شَيْءٍ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِانْفِرَادِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ لِعِلَّةِ الِانْفِرَادِ فَحَيْثُ فُقِدَ الِانْفِرَادُ لِوُجُودِ الثَّانِي صَحَّ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ فتت جَعَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيمَنْ ادَّعَى عِنْدَ مَنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمَطْلُوبُ أَيْضًا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ثُمَّ وَجَدَ ثَانِيًا فَإِنَّهُ يَضُمُّهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ وَجَدَ الثَّانِيَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ أَيْضًا لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَأَيْضًا فَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَفْهُومِ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُمَا وَمَا هُنَا فِيمَا لَا تَثْبُتُ بِهِمَا لِكَوْنِ الْحَاكِمِ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا ضَمَّ. (قَوْلُهُ: مَعَ حَذْفِ ثَلَاثِ مُضَافَاتٍ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ إنَّمَا هُوَ مُضَافَانِ لَا ثَلَاثٌ. (قَوْلُهُ: لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُوجِبُ بُطْلَانَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ) أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ كَانَ مُجْتَهِدًا لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَصَارَ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فَيُرْفَعُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ أَوَّلًا بِالرَّدِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ أَيْ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الشَّاهِدَ وَيَحْلِفَ مَعَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ مَالِكِيٍّ يَرَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بَلْ أَعْرَضَ؛ لِأَنَّ إعْرَاضَ الْحَاكِمِ لَيْسَ حُكْمًا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا تُصَدَّقُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ بِالرَّدِّ فَإِنْ حَكَمَ بِالرَّدِّ فَلَيْسَ لِلْخَصْمِ أَنْ يَرْفَعَ لِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَذَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْرِيرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ بِمَا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْقَاضِي بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَلَهُ الْحُكْمُ يَنْبُو عَنْهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ يُقْرَأُ الْأَوَّلُ بِالنَّصْبِ أَيْ لَمْ يَرَهُ الزَّمَنَ الْأَوَّلَ وَفِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ مَا لَا يَخْفَى فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ لَا يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ وُلِّيَ آخَرُ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ حُكْمُ الثَّانِي فَسْخًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ يُرِيدُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ بَابِ التَّرْكِ كَذَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَتَأَمَّلْ فِي الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنَّمَا يَضُمُّهُ لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي شَرَحَ بِهِ شَارِحُنَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ كَانَ قَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ مَا أَشَرْنَا لَهُ بِقَوْلِنَا أَيْ كَأَنْ نَسِيَهُ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ

. (قَوْلُهُ: أَوَّلًا) لَوْ أَسْقَطَ أَوَّلًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالْأَوَّلِيَّةِ بِاعْتِبَارِ طَلَبِهَا مِنْهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا أَنَّهُ عَالِمٌ) أَيْ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ عَالِمٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ وَسَقَطَ الْحَقُّ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ أَوَّلًا وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ إلَخْ) فَإِنْ أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى فِسْقِهِمْ شَاهِدًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ

الصفحة 157