كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

إخْرَاجٌ لِلَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّاهِدَ الْمُبَرِّزَ فِي الْعَدَالَةِ أَيْ الْفَائِقُ أَقْرَانِهِ فِيهَا لَا يُعْذَرُ فِيهِ لِغَيْرِ الْعَدَاوَةِ وَيُعْذَرُ فِيهِ فِيهَا، وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ وَمِنْهَا أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْهُ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ أَيْ وَشَاهِدُ مَنْ يُخْشَى مِنْهُ وَبِعِبَارَةٍ أَيْ وَالشَّاهِدُ عَلَى مَنْ يُخْشَى مِنْهُ لَا يُسَمِّي لَهُ

(ص) وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ حَكَمَ كَنَفْيِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ إذَا قَالَ لِي حُجَّةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنْظِرُهُ لَهَا أَيْ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِهَا بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ لَا حُجَّةَ لِي وَنَفَاهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُهْلَةٍ فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ كَالْعِرَاقِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ وَيُقِيمُهَا عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ غَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي لَهَا لِلْحُجَّةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.

(ص) وَلْيُجِبْ عَنْ الْمُجَرِّحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَإِذَا سَأَلَ الْمُدَّعِي عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ وَيُوَجِّهُ لَهُ الْإِعْذَارَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ الْمُجَرِّحِ وَالْمُدَّعِي عَدَاوَةٌ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَرَابَةٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ التَّجْرِيحُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِبَيِّنَةٍ وَإِنَّمَا الْقَاضِي عَلِمَ مِنْ الشَّاهِدِ شَيْئًا يَرُدُّ شَهَادَتَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ الْجَوَابُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفٌ أَيْ وَلْيُجِبْ الْحَاكِمُ السَّائِلَ عَنْ تَعْيِينِ الْمُجَرِّحِ.

(ص) وَيُعَجِّزُهُ (ش) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لِي حُجَّةٌ وَأَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ لِأَجْلِ الْإِتْيَانِ بِهَا بِاجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُعَجِّزُهُ وَيَكْتُبُ التَّعْجِيزَ فِي سِجِلِّهِ بِأَنْ يَقُولَ فُلَانٌ ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَلَمْ يَأْتِ بِهَا وَقَدْ عَجَّزْته خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمَ التَّعْجِيزِ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ بِالْقَبُولِ ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُؤَلِّفُ مَسَائِلَ لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْجِيزُ فِيهَا بِقَوْلِهِ.

(ص) إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَا يَقْطَعُ فِيهَا الْحُجَّةُ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ لَيْسَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: إخْرَاجُ اللَّفْظِ عَنْ مَوْضُوعِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي التَّزْكِيَةِ فَكَيْفَ يَشْمَلُ التَّجْرِيحَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْقَرَابَةُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعْذَارَ بِالْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ قَاصِرٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُبَرِّزِ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ لَا بِعَدَاوَةٍ وَلَا بِقَرَابَةٍ وَلَا بِغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: لَا يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَقٍّ وَكَذَا بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ لَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى لَهُ فِيهَا) أَيْ حَيْثُ لَا تُسَمَّى فَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُهْمِلَ حَقَّهُ فِي تَفْتِيشِ حَالِ الشُّهُودِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ لَهُمْ وَلَوْ قِيلَ بِتَحْلِيفِ الْمَشْهُودِ لَهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدَّعْوَى عَلَى صَغِيرٍ وَغَائِبٍ لَكَانَ حَسَنًا

. (قَوْلُهُ: وَأَنْظَرَهُ إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ: بِاجْتِهَادِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ مَحْدُودًا بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَمَحَلُّ الْإِنْظَارِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدُهُ فَيَحْكُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا) أَيْ بِأَنْ أَتَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَيَقُولُ الْمُدَّعِي إنَّ لِي حُجَّةً فَأَنْظِرُونِي وَقَوْلُهُ: أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ بِأَنْ أَرَادَ التَّجْرِيحَ فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ) أَيْ بِمَا قَالَ خَصْمُهُ تت. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ كَالْعِرَاقِ) أَيْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِي بَيِّنَةٌ بِالْعِرَاقِ تَشْهَدُ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي

. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُخْبِرَهُ) إنْ لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ مِنْهُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَنْ الْمُجَرِّحِ) ظَاهِرًا لَا الْمُجَرِّحِ السِّرَّ فَلَا يُجِيبُ عَنْهُ

. (قَوْلُهُ: وَيُعَجِّزُهُ) التَّعْجِيزُ هُوَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ بِعَدَمِهَا لَهُ لِلْحُجَّةِ الَّتِي ادَّعَاهَا لَا الْحُكْمُ بَعْدَ تَبَيُّنِ اللَّدَدِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت التَّعْجِيزُ هُوَ الْحُكْمُ عَلَى الْمُعَجِّزِ فَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الْحُكْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِالتَّعْجِيزِ وَإِنَّمَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ لِمَنْ سَأَلَهُ تَأْكِيدًا لِلْحُكْمِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَذَكَرَ النَّقْلَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مُجَرَّدَ الْحُكْمِ هُوَ التَّعْجِيزُ ثُمَّ قَالَ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي دَمٍ إلَخْ لَا يَأْتِي عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ إلَخْ وَقَبُولُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ نِسْيَانٍ وَعَدَمِ عِلْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُمَا فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا خُصُوصِيَّةً لِهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ مَا يَأْتِي بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَذَكَرَ النُّقُولَ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ الْأَسْمِعَةِ وَغَيْرِهَا مَا قُلْنَاهُ إنَّ التَّلَفُّظَ بِالتَّعْجِيزِ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ وَإِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الْقِيَامُ بَعْدَهُ لِلطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَهُوَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إذْ الْقَبُولُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْبَلُ فِيهِ مَا أُتِيَ بِهِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ التَّعْجِيزَ فِي سِجِلِّهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَكَتَبَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: خَوْفًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَكْتُبُ التَّعْجِيزَ أَيْ إنَّمَا كَانَ يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ خَوْفًا مِنْ أَنْ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ بَاقٍ وَمَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَدَمُ التَّعْجِيزِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْ كَتَبَهُ خَوْفًا مِنْ دَعْوَاهُ كَذَا وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ تِلْكَ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ: رَفْعًا لِلنِّزَاعِ عِلَّةٌ لِلْكَتْبِ مَعَ عِلَّتِهِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: خَوْفًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ هُنَاكَ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ بِالرَّفْعِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ الرَّفْعِ

. (قَوْلُهُ: وَضَابِطُ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الدَّمِ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَتْلِ الْغِيلَةِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ

الصفحة 159