كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا فَهَلَكَتْ فَعَلَى الْمُكْرِي خَلَفُهَا انْتَهَى فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْخَلَفِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا.

(ص) وَحَافَّتَيْ نَهْرِك لِيَبْنِيَ بَيْتًا وَطَرِيقٍ فِي دَارٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُؤَاجِرَ حَافَّتَيْ نَهْرِك لِمَنْ يَبْنِي عَلَيْهِ بَيْتًا أَوْ لِمَنْ يَنْصِبُ عَلَيْهِ رَحًى وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَأْجِرَ طَرِيقًا فِي دَارِ رَجُلٍ لِتَتَوَصَّلَ مِنْهَا إلَى مَنَافِعِك وَمَا تُرِيدُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَا مَفْهُومَ لِدَارٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ طَرِيقٌ فِي أَرْضِ غَيْرِك كَانَتْ دَارًا أَوْ أَرْضًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَحَافَّتَيْ نَهْرِك بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُوجِرٍ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ كَمَا أَنَّ مَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى غَنَمٍ مِنْ قَوْلِهِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي طَرِيقٍ وَمَا بَعْدَهُ.

(ص) وَمَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ (ش) الثَّلَاثَةُ اسْمُ مَكَان فَمَسِيلٌ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ كَالْمُجْرَاةِ وَمَصَبٌّ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ وَمِرْحَاضٌ اسْمٌ لِمَكَانِ الرَّحْضِ وَهُوَ صَبُّ الْمَاءِ أَيْ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ مَكَان يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ وَبِعِبَارَةٍ مَسِيلٌ اسْمُ مَكَان وَمَصَبٌّ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى انْصِبَابٍ وَمِرْحَاضٌ مِنْ الرَّحْضِ وَهُوَ الصَّبُّ.

(ص) لَا مِيزَابٍ (ش) أَيْ: لَا شِرَاءَ مَاءِ مِيزَابٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِيزَابُ مَنْسُوبًا وَمُضَافًا لِمَنْزِلِك تَسْتَأْجِرُ مِنْ جَارِك مَسِيلَهُ لِيَجْرِيَ مَاءُ مِيزَابِك فِي أَرْضِهِ لِيَخْرُجَ إلَى خَارِجِ دَارِ الْجَارِ وَيَسْتَقِرَّ فِيهَا فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ كَمَسْأَلَةِ مَصَبِّ الْمِرْحَاضِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْجَارٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ وَبِعِبَارَةٍ لَا مِيزَابٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: لَا شِرَاءِ مَاءِ مِيزَابٍ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسِيلٍ لَا عَلَى مِرْحَاضٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ أَيْ وَجَازَ اسْتِئْجَارُ طَرِيقٍ فِي دَارٍ لَا شِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَكُونُ وَلَا يَكُونُ وَسَوَاءٌ طَالَ أَمَدُ الْمَاءِ أَوْ قَصُرَ وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ وَهَذَا الْفَرْعُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ.

(ص) وَكِرَاءِ رَحَى مَاءٍ بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَهُ رَحَا تَدُورُ بِالْمَاءِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحَى لَمَّا كَانَتْ مُتَشَبِّثَةً بِالْأَرْضِ وَيُعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّقْدِيرَ مِنْ جِهَةِ الدَّابَّةِ وَقَيَّدَهَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إلَّا أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْخَلَفِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَجَوُّزٌ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْخَلَفِ) إنَّمَا عَبَّرَ بِمُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ فِي الْأَوَّلِ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ وَالتَّلَفُ فِي الثَّانِي عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الْحَلِّ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَلَفُ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ) أَيْ: بِخِلَافِ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ قَالَ تت وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعَرِّضُ الْجِدَارَ فَيَضِيقُ مَجْرَى النَّهْرِ، ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الْبِنَاءِ أَيْ: مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ (قَوْلُهُ لِتَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى مَنَافِعِك) فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) فَإِنْ قُلْت هُوَ هِبَةٌ قُلْت لَمَّا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُعْطَ حُكْمَ الْهِبَةِ وَعُدَّ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى غَنَمٍ مِنْ قَوْلِهِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ) أَيْ: عَلَى غَنَمٍ عُيِّنَتْ مَدْخُولُهُ الْكَافُ أَيْ: وَالْمَعْنَى كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رَعْيِ غَنْمٍ مُعَيَّنَةٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى حَافَّتَيْ نَهْرِك.

(قَوْلُهُ كَالْمُجْرَاةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ فِي دَارِ الْجَارِ الَّتِي يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى الْخَارِجِ أَوْ إلَى الْخَلِيجِ كَمَا فِي مِصْرَ وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ هُوَ الْمَسِيلُ الْمَنْسُوبُ لِلْجَارِ وَالْمُرَادُ بِالْمِرْحَاضِ مَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَقَدْ جُعِلَ الْمَصَبُّ اسْمَ مَكَان يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْمُجْرَاةِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّهَا يُصَبُّ فِيهَا مَاءُ الْجَارِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ إضَافَةُ مَسِيلٍ لَهَا لِلْبَيَانِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا نَفْسُ الْمِرْحَاضِ؛ لِأَنَّهُ يَصُبُّ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَعَلَيْهِ تَكُونُ إضَافَةُ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ وَمَصَبٌّ بِمَعْنَى انْصِبَابٍ) أَقُولُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَالْمَعْنَى جَازَ اسْتِئْجَارُ مَسِيلِ مَاءٍ ذِي انْصِبَابٍ مِنْ مِرْحَاضٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الرَّحْضِ وَهُوَ الصَّبُّ أَيْ: لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ كَمَا قُلْنَا يَصُبُّ فِيهَا الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ.

(قَوْلُهُ بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك إلَخْ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ وَإِلَّا لَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَنْعُ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ فَيُنَاقِضُ قَوْلَهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلٍ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا شِرَاءَ إلَخْ بِدَلِيلِ إلَخْ أَيْ: قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْزِلِك فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَيَسْتَقِرُّ فِيهَا) أَيْ: فِي خَارِجِهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَسِيلٍ) الْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ عَلَى اسْتِئْجَارٍ (قَوْلُهُ وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصَّلَةُ ضَعِيفَةٌ) حَاصِلُهَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَمَدِ الْقَصِيرِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهِ الْمَطَرُ فَهُوَ غُرُورٌ وَالْكَثِيرُ جِدًّا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَمَدَ الْكَثِيرَ جِدًّا يَقَعُ فِيهِ الْمَطَرُ عَلَى جَرْيِ الْمُتَعَارَفِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ) لَا مَعْنَى لِلتَّرْتِيبِ مَعَ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمِيزَابِ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا نَصَّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَائِلًا اُنْظُرْ مَا الَّذِي يُتَوَهَّمُ هَلْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُطْحَنُ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مَنَافِعَ هَذَا الْمَاءِ بِطَعَامٍ أَوْ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُتَشَبِّثَةً بِالْأَرْضِ يُعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ انْتَهَى وَمَعْنَى مُتَشَبِّثَةٍ مُتَعَلِّقَةٌ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ أَيْ: أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ فَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ بِأَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَأَمَّا

الصفحة 16