كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعْجِيزِ لَا يَقْطَعُ الْحُجَّةَ فِيهِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَعْجِيزُ الطَّالِبِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَتِهِ مَتَى وَجَدَهَا وَيَحْكُمُ الْآنَ بِإِبْطَالِ الدَّمِ وَبِإِبْطَالِ الْحَبْسِ وَبِبَقَاءِ الرِّقِّ وَبِعَدَمِ النَّسَبِ وَبِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ وَيُطَالِبَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَعْجِزَ عَنْهَا فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِعَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَجَدَ بَيِّنَتَهُ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ الْقِصَاصِ الْآنَ، وَالثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ أَنَّ شَخْصًا حَبَسَ عَلَيْهِ دَارًا وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَيَعْجِزُ عَنْهَا فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ إنْ وَجَدَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ الْآنَ عَنْهَا، الثَّالِثُ عَبْدٌ ادَّعَى أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِذَلِكَ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ وَجَدَهَا وَإِنْ حَكَمَ بِبَقَائِهِ فِي الرِّقِّ الْآنَ، الرَّابِعُ إنْسَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنْ وَجَدَهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ الْآنَ، الْخَامِسُ امْرَأَةٌ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَعَجَزَتْ عَنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِإِبْطَالِ دَعْوَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَجَدَتْ بَيِّنَةً وَإِنْ حُكِمَ بِبَقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا الْآنَ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ التَّعْجِيزِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَ إلَخْ وَلَمْ يَأْتِ بِمَدْفَعٍ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحُجَجِ فَإِذَا عَجَّزَهُ الْحَاكِمُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ حَتَّى فِي الدَّمِ وَنَحْوِهِ كَمَا ارْتَضَاهُ الْجِيزِيُّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (وَكَتَبَهُ) لِلتَّعْجِيزِ أَوْ لِلتَّلَوُّمِ أَوْ لِلْإِعْذَارِ أَوْ لِلْإِنْظَارِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ وَهَذَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْظَارَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيهِ وَلَكِنْ رُجُوعُهُ لِلتَّعْجِيزِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِهِ كَتْبُ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ إلَّا وَيَكْتُبُ التَّلَوُّمَ أَيْ وَكَتْبُ كَيْفِيَّةِ التَّعْجِيزِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعْجِيزِ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ سَابِقًا لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْجِيزُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ التَّعْجِيزَ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالتَّعْجِيزِ لِلتَّصْوِيرِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيزَ صِفَتُهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ. (قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ) أَيْ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَعْوَى إثْبَاتٍ وَهِيَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي دَعْوَى النَّفْيِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ وَهِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَخْ) فَإِذَا أُقِيمَتْ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْ عَلَى الْمُطَلِّقِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْقَاتِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُطَلِّقُ ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَجْرَحُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ إنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْمُجَرِّحَةِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِتَعْجِيزِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَكَمَ بِقَتْلِهِ ثُمَّ إنَّ أَوْلِيَاءَهُ أَقَامَتْ بَيِّنَةً تَجْرَحُ الشَّهَادَةَ بِالْقَتْلِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَمَضَى الْقَتْلُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْ مِنْ وَلِيِّهِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَأْتِ بِمَدْفَعٍ أَيْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُبْطِلُ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي بِالْقَتْلِ أَوْ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْحُجَجِ أَيْ مِنْ الْإِعْذَارِ وَالتَّلَوُّمِ وَقَوْلُهُ: فَإِذَا عَجَّزَهُ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ فَإِذَا عَجَّزَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) وَهُوَ النَّسَبُ وَمَا عُطِفَ عَلَى الدَّمِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ إلَخْ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى عج؛ لِأَنَّ عج يَقُولُ لَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ أَصْلًا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَقُولُهُ عج أَنَّ النَّفْيَ كَالْإِثْبَاتِ فِي عَدَمِ التَّعْجِيزِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَيْ الدَّمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْجِيزِيَّ يَقُولُ لَيْسَ النَّفْيُ كَالْإِثْبَاتِ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِي ك عَنْ بَعْضِ التَّقَارِيرِ يُقَوِّي كَلَامَ عج. (قَوْلُهُ: كَمَا ارْتَضَاهُ الْجِيزِيُّ) هُوَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْجِيزِيُّ عَصْرِيُّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيِّ مِمَّنْ أَخَذَ عَنْ الشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: لِلتَّعْجِيزِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُعَجِّزُهُ وَهُوَ أَوْلَى لِقُرْبِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّلَوُّمِ أَيْ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الْإِنْظَارِ الْمُفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْظَرَهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلْإِعْذَارِ أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُهُ) أَيْ كَوْنُ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الْإِنْظَارِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِنْظَارَ إلَخْ) رَوْحُ الْعِلَّةِ قَوْلُهُ: وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيهِ أَيْ إذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُنْظِرْهُ وَادَّعَى الْقَاضِي أَنَّهُ أَنْظَرَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَاضِي أَنَّهُ أَنْظَرَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْكَتْبِ وَمُفَادُهُ أَنَّ التَّنَازُعَ إذَا حَصَلَ فِي التَّعْجِيزِ بِأَنْ يَقُولَ الْقَاضِي أَنَا عَجَّزْتُك فَيَقُولُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنْتَ لَمْ تُعَجِّزْنِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا قَوْلَ الْقَاضِي فَلِذَا كَتَبَ التَّعْجِيزَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ثَمَرَةَ الْكَتْبِ خَوْفًا مِنْ تَطَاوُلِ الزَّمَنِ وَنِسْيَانِ ذَلِكَ أَوْ عَزْلِ هَذَا الْقَاضِي وَقِيَامِ غَيْرِهِ مَقَامَهُ وَيَحْصُلُ التَّنَازُعُ عِنْدَ قِيَامِ غَيْرِهِ فَيَرْجِعُ لِلْكِتَابَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِ التَّعْجِيزِ كَتْبُ التَّلَوُّمِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا طَلَبَ فِي الشَّرْعِ لَا عَقْلًا وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ إلَّا وَيَكْتُبُ التَّلَوُّمَ أَيْ لِأَنَّ التَّعْجِيزَ شَرْعًا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَمَتَى كَتَبَ الْمُتَأَخِّرُ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيزُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ كَتْبِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ الْإِنْظَارُ الَّذِي هُوَ التَّلَوُّمُ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِ التَّلَوُّمِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُتَقَدِّمُ كَتْبُ الْمُتَأَخِّرِ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيزُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَتْبَ التَّعْجِيزِ مُسْتَلْزِمٌ لِكَتْبِ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ التَّعْجِيزُ وُجُودُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ التَّلَوُّمُ دُونَ الْعَكْسِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَتْبِ التَّلَوُّمِ كَتْبُ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وُجُودُ الْمُسَبَّبِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْصُلَ الْإِنْظَارُ وَيَمْنَعَ مِنْ التَّعْجِيزِ مَانِعٌ وَقَوْلُهُ: أَيْ وَكَتَبَ كَيْفِيَّةَ التَّعْجِيزِ أَيْ اللَّازِمِ مِنْهُ كَتْبُ التَّعْجِيزِ وَقَوْلُهُ: هَلْ عَجَّزَهُ بَيَانٌ لِلْكَيْفِيَّةِ فَكِتَابَتُهُ أَنَّهُ عَجَّزَهُ بَعْدَ ادِّعَاءِ الْحُجَّةِ أَوْ ابْتِدَاءِ كِتَابَةٍ لِكَيْفِيَّةِ التَّعْجِيزِ أَيْ لِصِفَةِ التَّعْجِيزِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ وَقَوْلُهُ: لَا وَكَتَبَ أَنَّهُ عَجَّزَ أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ أَيْ فَكَتَبَهُ أَنَّهُ عَجَّزَ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ الْكَيْفِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ نَقُولُ بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ وَأَنَّهُ مَا كَتَبَ أَنَّهُ عَجَّزَ إلَّا بَعْدَ كِتَابَةِ

الصفحة 160