كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَصَحَّ جَعْلُنَا قَوْلَهُ كَاسْتِسْعَاءِ إلَخْ مِثَالًا لَا تَشْبِيهًا اُنْظُرْ الْكَبِيرَ (ص) كَأَحَدِهِمَا إلَّا بِمَالٍ فَلَا يُرَدُّ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ إنْ حَلَفَ (ش) التَّشْبِيهُ فِي النَّقْضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بَعْدَ الْفَحْصِ عَنْ حَالِهِمَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ يُرِيدُ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يُنْقَضُ أَمَّا إنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالًا أَوْ يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ لَا يُنْقَضُ إذَا حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ شَاهِدِهِ الْبَاقِي وَلَا يُرَدُّ الْمَحْكُومُ بِهِ وَيَمْضِي الْحُكْمُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِنَّ الْمَطْلُوبَ يَحْلِفُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ الْمَحْكُومُ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ لَا شَيْءَ لَهُ فَالضَّمِيرُ فِي يُرَدُّ لِلْحَقِّ الْمَحْكُومِ بِهِ لِيَشْمَلَ الْمَالَ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ وَأَتَى بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ

(ص) وَحَلَفَ فِي الْقِصَاصِ خَمْسِينَ مَعَ عَاصِبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فِي قِصَاصٍ فِي نَفْسٍ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ عَبْدٌ مَثَلًا فَإِنَّ وَلِيَّ الدَّمِ يَحْلِفُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَتِمُّ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَوَثٌ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ نُقِضَ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ الْمَحْكُومُ لَهُ بِالْقَتْلِ عَنْ حَلِفِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً مَعَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ وَرُدَّتْ شَهَادَةُ الْبَاقِي فَالضَّمِيرُ فِي رُدَّتْ لِلشَّهَادَةِ لَا لِلْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُرَدَّ
(ص) وَغَرِمَ شُهُودٌ عَلِمُوا وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ الْبَاقِيَ إذَا عَلِمَ أَنَّ رَفِيقَهُ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الدِّيَةَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ تت وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الْآخَرِ مَعَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَإِنَّ الْغَرَامَةَ لِلدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْإِمَامُ وَإِلَّا كَانَتْ فِي مَالِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ انْفَرَدَ بِالْعِلْمِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ فَالْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ هُنَا بِأَنَّ مَنْ شَهِدَ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِكَذِبِهِمْ ثُمَّ إنَّ الْجَمْعِيَّةَ فِي الشُّهُودِ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِ جُزْئِيَّاتِ الْمَسَائِلِ إذْ الْمُرَادُ الْجِنْسُ وَإِلَّا فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا شَاهِدَانِ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافِرٌ مَثَلًا

(ص) وَفِي الْقَطْعِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ الَّذِي الْمُرَادُ بِهِ الْقَتْلُ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ شَاهِدَيْ الْقَطْعِ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَطْعِ مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي تَمَّ الْحُكْمُ وَنَفَذَ؛ لِأَنَّ جِرَاحَ الْعَمْدِ تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَالْمَالِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ ثَانِيًا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ وَانْتَقَضَ الْحُكْمُ وَغَرِمَ الشَّاهِدُ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْجَرْحُ وَإِنَّمَا مَثَّلَ بِالْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ الْأَشْيَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّرِقَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُسْتَسْعَى وَالْوَارِدُ بِأَنَّهُ يُسْتَسْعَى ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَارِدٌ بِاخْتِصَاصِ الشُّفْعَةِ بِالشَّرِيكِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ رَاجِحٌ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يَقْتَضِي الشُّفْعَةَ مَرْجُوحٌ. (قَوْلُهُ: فَصَحَّ إلَخْ) أَقُولُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْحُكْمُ فِي الْبَقِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هَلْ كَوْنُهَا خَالَفَتْ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَنَصَّهُ فِي ك بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَهُوَ قِيَاسُ الْكَافِرِ عَلَى الْفَاسِقِ ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ نَصَّهَا عَنْ غَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا بَعْضُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْفُرُوقِ هَذَا وَقَدْ دَلَّ كَلَامُهُ أَنَّ النَّقْضَ فِيمَا عَدَا شَهَادَةَ الْكَافِرِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَأَنَّهُ فِيهَا لِمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ فَالْمَسَائِلُ الْأَرْبَعُ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ مَا خَالَفَ قَاطِعًا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ شَهَادَةِ الْكَافِرِ فَهِيَ أَيْضًا كَذَلِكَ وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ أَيْضًا فَتَكُونُ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ أَمْثِلَةً لِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْمِثَالَ جُزْئِيٌّ يُذْكَرُ لِإِيضَاحِ الْقَاعِدَةِ إلَخْ

. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ وَلِيَّ الدَّمِ يَحْلِفُ) لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الدَّمِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تُرَدَّ) الْمُنَاسِبُ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ أَنَّ رَفِيقَهُ عَبْدٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِأَنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ وَيَخْتَصُّونَ بِغُرْمِ دِيَةِ عَمْدٍ وَإِنْ شَارَكَهُمْ الْمُدَّعِي فِي الْعِلْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الدِّيَةَ) أَيْ يَغْرَمُهَا وَحْدَهُ فِي مَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَالِمِينَ هُمْ الْمُخْتَصُّونَ بِالْغُرْمِ دُونَ الْعَبْدِ أَوْ الْكَافِرِ أَوْ الْفَاسِقِ وَكَانَ الْقِيَاسُ اخْتِصَاصُهُ بِالْغُرْمِ أَوْ مُشَارَكَتُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَمَّا عَدَمُ غُرْمِهِ مَعَ أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ فَمُشْكِلٌ، وَقَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ يَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ كَامِلِينَ وَالشَّخْصُ جُبِلَ عَلَى أَنْ يَرَى نَفْسَهُ كَامِلًا فَهُمْ مَعْذُورُونَ بِتِلْكَ الْمَثَابَةِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ هَدَرٌ

. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ) أَيْ فَالْمَعْنَى وَحَلَفَ الْمُدَّعِي فِي الْقَطْعِ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ: حَلَفَ الْمَقْطُوعُ مُرَتَّبٌ عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي حَلَفَ الْمَقْطُوعُ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ نَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ رُدَّتْ وَفِي الْقَطْعِ حَلَفَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ إذَا تَبَيَّنَ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَطْعِ يَدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَطْعِ أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً فِيهِ أَنَّ هَذَا الْحَلِفَ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ وَالْقَاعِدَةُ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّرِقَةِ) أَيْ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى زَيْدٍ بِأَنَّهُ سَرَقَ وَقُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَحْلِفُ مُقِيمُهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي عَلَى ثُبُوتِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي مِثْلِ حَدِّ السَّرِقَةِ بَلْ عَلَى ثُبُوتِ الْمَسْرُوقِ حَيْثُ كَانَ يَغْرَمُهُ السَّارِقُ كَمَا يَأْتِي آخِرَ بَابِ السَّرِقَةِ فَإِنْ حَلَفَ تَمَّ الْحُكْمُ بِالْغُرْمِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لَمْ يَغْرَمْ الْمَالَ وَغَرِمَ لَهُ الشَّاهِدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ دِيَةَ يَدِهِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ شُمُولُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لِلْقَطْعِ قِصَاصًا وَلِلسَّرِقَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ أَيْ وَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ عَنْ

الصفحة 165