كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَقْطُوعُ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا مَرَّ

(ص) وَنَقَضَهُ هُوَ فَقَطْ إنْ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ أَوْ خَرَجَ عَنْ رَأْيِهِ أَوْ رَأْيِ مُقَلِّدِهِ (ش) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي لِحَاكِمِهَا وَلِغَيْرِهِ نَقْضُهَا أَخَذَ يَتَكَلَّمُ الْآنَ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ لَا يَنْقُضُهَا إلَّا حَاكِمُهَا فَقَطْ أَيْ مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ أَيْضًا وَحَذَفَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ تَعْلِيلُهُ الْأُولَى إذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ بَاقِيًا عَلَى وِلَايَتِهِ أَوْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ مَرَّةً أُخْرَى خِلَافًا لِمُطَّرِفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ فِيمَا إذَا عُزِلَ وَوُلِّيَ ثَانِيًا، وَهَذَا فِي الْمُجْتَهِدِ إذَا حَكَمَ بِرَأْيِهِ مُسْتَنِدًا لِدَلِيلٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ وَفِي الْمُقَلِّدِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا إذَا حَكَمَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَثَلًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونَ مَثَلًا أَرْجَحُ مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ الثَّانِيَةُ إذَا حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِيهِ عَنْ رَأْيِهِ بِأَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَيُحْمَلُ عَلَى السَّهْوِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ وَيَحْكُمُ بِمَا رَآهُ
الثَّالِثَةُ إذَا حَكَمَ الْمُقَلِّدُ لِمَذْهَبٍ فِي قَضِيَّةٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا مَذْهَبُ إمَامِهِ فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ غَلَطًا فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ لِجَرَيَانِهِ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ خَرَجَ عَنْ رَأْيِهِ أَوْ رَأْيِ مُقَلِّدِهِ أَيْ خَطَأً وَالْمُرَادُ ادَّعَى الْخَطَأَ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ وَإِلَّا فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا فَأَخْطَأَ وَهَذَا إذَا صَادَفَ خُرُوجُهُ عَنْ رَأْيِهِ قَوْلَ عَالِمٍ وَكَانَ قَاصِدًا الْعَمَلَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ الْحُكْمَ بِشَيْءٍ غَيْرِ مُسْتَنِدٍ لِقَوْلِ أَحَدٍ فَصَادَفَ قَوْلَ عَالِمٍ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ

(ص) وَرَفَعَ الْخِلَافَ لَا أُحِلُّ حَرَامًا (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ يَرْفَعُ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا رُفِعَ لِمَنْ لَا يَرَاهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَوْجُودٌ عَلَى حَالِهِ فَمَنْ لَا يَرَى وَقْفَ الْمَشَاعِ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ ثُمَّ رُفِعَ لِمَنْ كَانَ يُفْتِي بِبُطْلَانِهِ نَفَّذَهُ وَأَمْضَاهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ نَقْضُهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ شَخْصٌ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ فَاَلَّذِي يَرَى لُزُومَ الطَّلَاقِ لَهُ أَنْ يُنْفِذَ هَذَا النِّكَاحَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ نَقْضُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَهُ ظَاهِرٌ جَائِزٌ وَبَاطِنٌ مَمْنُوعٌ بِحَيْثُ لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ بِجَوَازِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ كَمَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَحُكِمَ لَهُ بِهِ فَلَيْسَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمَا، وَأَمَّا مَا ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ فَيُحِلُّ الْحَرَامَ كَالْحُكْمِ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ وَطْءَ الصَّغِيرِ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ، وَالْمُرَادُ بِالْحَرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَقَوْلُنَا فِي صَدْرِ التَّقْرِيرِ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَلِفِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِصَاصِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَيْ وَلَمْ يَغْرَمْ الْمَالَ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ فَلَا يُعْقَلُ مِنْ الطَّالِبِ حَلِفٌ حَتَّى يَتَأَتَّى نُكُولٌ إنَّمَا يَتَأَتَّى النُّكُولُ مِنْ الطَّالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ

. (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَرَاهُ حَقًّا فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ لِضَعْفِ مُدْرِكِ إمَامِهِ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إلَخْ) الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ مَا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (قَوْلُهُ: ادَّعَى الْخَطَأَ) أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ أَيْ بِدَعْوَاهُ الْخَطَأَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَحْكُمَ بِكَذَا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ اُتُّفِقَ أَنَّهُ حَكَمَ بِغَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَفْلَةٍ عَرَضَتْ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ قَاصِدًا الْعَمَلَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ) أَيْ كَانَ قَاصِدًا الْعَمَلَ بِغَيْرِ الَّذِي صَادَفَ كَأَنْ يَكُونَ قَاصِدًا الْعَمَلَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَثَلًا فَصَادَفَ قَوْلَ أَشْهَبَ مَثَلًا فَهَذَا كَانَ قَصْدُهُ الْحُكْمَ بِقَوْلٍ فَوَقَعَ فِي غَيْرِهِ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ هُوَ فَقَطْ وَيُقَيِّدُ قَوْلَهُ وَكَانَ إلَخْ بِمَا إذَا كَانَ مُفَوِّضًا لَهُ فِي الْحُكْمِ بِقَوْلٍ أَيْ عَالِمٍ، وَأَمَّا إنْ وُلِّيَ عَلَى الْحُكْمِ بِقَوْلِ عَالِمٍ مُعَيَّنٍ فَحُكْمُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ بَاطِلٌ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ لَا قَصْدًا أَيْ حَكَمَ بِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ الْحُكْمِ بِهِ وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْحُكْمَ بِقَوْلِ عَالِمٍ فَحَكَمَ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ عَالِمٌ فَيَنْقُضُ حُكْمَهُ هُوَ وَغَيْرَهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ خَطَؤُهُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَثَمَانٍ

. (قَوْلُهُ: وَرَفَعَ الْخِلَافَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَعْوَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ اللَّقَانِيِّ وَالْقَرَافِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَرْفَعُ لِلْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ زَكَاةَ مَالِ الصَّبِيِّ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ تَبَعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ إلَّا إذَا تَقَدَّمَتْهُ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ دَعْوَى لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا كَانَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ يَقُولَانِ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ بِدُونِ دَعْوَى لَا يُنْقَضُ وَاَلَّذِي فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ يُنْقَضُ حُكْمُ الْمَالِكِيِّ بِدُونِ تَقَدُّمِ دَعْوَى وَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَفِعْلُ الْحَاكِمِ لَيْسَ كَحُكْمِهِ بَلْ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ غَيْرِهِ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ إذَا رَأَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَحُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: يَرْفَعُ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْخِلَافِ) أَيْ فِي خُصُوصِ تِلْكَ الْجُزْئِيَّةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْحُكْمُ لَا مَا مَاثَلَهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاكِمَ كَمَا لَا يَحْكُمُ بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: نَفَّذَهُ وَأَمْضَاهُ) قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يُنْفِذُهُ وَلَا يُمْضِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَنْقُضُهُ. (قَوْلُهُ: وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ) أَيْ كَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: فَاَلَّذِي يَرَى لُزُومَ الطَّلَاقِ) أَيْ كَالْمَالِكِيِّ. (قَوْلُهُ: كَالْحُكْمِ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِأَنَّ وَطْءَ الصَّغِيرِ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ) أَيْ إذَا مَاتَ الصَّغِيرُ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِحِلِّ الْمَبْتُوتَةِ جَازَ لِلْمَالِكِيِّ الْمُطَلِّقِ لِلزَّوْجَةِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مُعْتَمِدًا عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِحِلِّ وَطْءِ الصَّغِيرِ وَأَمَّا مَا دَامَ الصَّبِيُّ حَيًّا فَلَا يُمْكِنُ حِلُّهَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ عَلَى الصَّغِيرِ لِأَنَّ

الصفحة 166