كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَجْهِ الصَّوَابِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ وَرَفَعَ الْخِلَافَ مَا عَدَا الْمَسَائِلَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَإِنَّ لِلْمَالِكِيِّ نَقْضُهَا وَلَوْ حَكَمَ فِيهَا مَنْ يَرَى الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الْمُدْرِكَ فِيهَا ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَنَقْلُ مِلْكٍ وَفَسْخُ عَقْدٍ أَوْ تَقْرِيرُ نِكَاحٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ حُكْمٌ لَا أُجِيزُهُ أَوْ أُفْتِي (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظِ حَكَمْت كَقَوْلِهِ نَقَلْت مِلْكَ هَذِهِ الدَّارَ لِزَيْدٍ أَوْ هِيَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ بَعْدَ حُصُولِ مَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ مِنْ تَزْكِيَةٍ وَإِعْذَارٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَقَوْلِهِ فَسَخْت عَقْدَ كَذَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ رُفِعَ لَهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَسَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِإِثْبَاتٍ وَلَا نَفْيٍ هَذَا مَعْنَى تَقْرِيرِهِ فَقَوْلُهُ حُكْمٌ خَبَرُ قَوْلِهِ وَنَقْلُ مِلْكٍ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ، وَأَمَّا إذَا رُفِعَ إلَيْهِ قَضِيَّةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ لَا أُجِيزُ نِكَاحًا بِغَيْرِ وَلِيٍّ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا إذَا أَفْتَى فِي مَسْأَلَةٍ؛ لِأَنَّهَا إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ فَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّظَرَ فِيهِ (ص) وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلٍ بَلْ إنْ تَجَدَّدَ فَالِاجْتِهَادُ كَفَسْخٍ بِرَضْعِ كَبِيرٍ وَتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يُجَاوِزْ مَحَلَّهُ إلَى مَا يُمَاثِلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي جُزْئِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَكُونُ حُكْمًا فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مُمَاثِلِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ بَلْ إنْ تَجَدَّدَ الْمُمَاثِلُ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الِاجْتِهَادَ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا، وَإِذَا كَانَ عَدَمُ التَّعَدِّي فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ فَأَوْلَى الْمُقَلِّدُ، ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ مَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَنَصُّهُ إذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ رَضَاعُ كَبِيرٍ فَحَكَمَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ وَفَسَخَ النِّكَاحَ مِنْ أَجْلِهِ فَالْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ بِحُكْمِهِ هُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِحُكْمِهِ بَلْ يَبْقَى ذَلِكَ مُعَرَّضًا لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ
وَكَذَلِكَ لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ حَالُ امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا لَكَانَ الْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ مِنْ حُكْمِهِ فَسْخَ النِّكَاحِ فَحَسْبُ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمُعَرَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ تَحْرِيمِ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ إجَارَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ الْعُقُودِ وَلَا الْمُبَايَعَاتِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاهَدَهُ وَمَا جُدِّدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مُعَرَّضٌ لِمَنْ يَأْتِي مِنْ الْحُكَّامِ وَالْفُقَهَاءِ اهـ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ كَفَسْخِ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ رَضَاعَ الزَّوْجِ الْكَبِيرِ عَلَى أُمِّ زَوْجَتِهِ مَثَلًا سَبَبٌ حَامِلٌ لِلْحَاكِمِ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْحَاكِمِ إلَّا فَسْخُ النِّكَاحِ، وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمُعَرَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّلَاقَ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ كَذَا قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّ الْمُضِرَّ فِي التَّلْفِيقِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا حَصَلَ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ جَازَ كَمَا لَوْ عَقَدَ وَلِيٌّ مَالِكِيٌّ لِصَبِيٍّ فِي حِجْرِهِ عَلَى امْرَأَةٍ مَبْتُوتَةٍ وَدَخَلَ بِهَا وَأَصَابَهَا ثُمَّ رَفَعَ أَمْرِهِ لِحَاكِمٍ مَالِكِيٍّ فَطَلَّقَ عَلَى الصَّبِيِّ لِمَصْلَحَةٍ ثُمَّ رَفَعَ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ شَافِعِيٍّ فَحَكَمَ بِحَلِيَّةِ وَطْءِ الصَّغِيرِ لِلْمَبْتُوتَةِ فَيَجُوزُ لِلْبَاتِّ الْمَالِكِيِّ الْعَقْدُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا

. (قَوْلُهُ: بَعْدَ حُصُولِ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ ثَبَتَ عِنْدِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمًا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ مَا يَجِبُ فِي الْحُكْمِ فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ رُفِعَ لَهُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ وَلِيٍّ) بِأَنْ عَقَدَتْ الْمَرْأَةُ لِنَفْسِهَا مَعَ شَاهِدَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: هَذَا مَعْنَى تَقْرِيرِهِ) قَالَهُ فِي الْمُسْتَنَدِ شَرْحِ الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ وَالْأَحْسَنُ فِي تَصْوِيرِ قَوْلِهِ أَوْ تَقْرِيرُ نِكَاحٍ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ امْرَأَةً زَوَّجَتْ نَفْسَهَا ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ هَذَا النِّكَاحُ فَقَالَ قَرَّرْت هَذَا النِّكَاحَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: قَرَّرْت حُكْمًا فَإِذَا رُفِعَ هَذَا النِّكَاحُ لِمَالِكِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُهُ اهـ. ثُمَّ إنَّهُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ الَّذِي قَدْ قَالَهُ فِي الْمُسْتَنَدِ شَرْحِ الْمُعْتَمَدِ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ السُّكُوتِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ حُكْمًا وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْفِعْلُ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُقَوِّي مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُنَا الَّذِي هُوَ كَلَامُ الْمُسْتَنَدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالتَّقْرِيرِ سُكُوتَ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ حِينَ رُفِعَ لَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِيِّ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ عِنْدَنَا حُكْمٌ وَأَوْلَى حُكْمُهُ بِإِثْبَاتِهِ وَأَمَّا تَقْرِيرُ النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ مِنْ مَالِكِيٍّ فَلِغَيْرِهِ نَقْضُهُ لِخُرُوجِ الْمَالِكِيِّ عَنْ رَأْيِ مُقَلِّدِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ) أَيْ بَلْ هُوَ فَتْوَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَوْ أَفْتَى مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَكِنْ هَذَا بِأَوْ وَعَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَكْسُهُ مَخْصُوصٌ بِالْوَاوِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ حُكْمًا فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ مُمَاثِلِهَا) لَا مِنْهَا نَفْسِهَا فَإِذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَ امْرَأَةِ زَيْدٍ بِسَبَبِ رَضْعِهِ وَهُوَ كَبِيرٌ فَإِذَا وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِعَمْرٍو فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ فَإِذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى عَدَمِ الْفَسْخِ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ كَذَا مُفَادُ عِبَارَاتِهِمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَتَأْبِيدُ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِنِكَاحِ امْرَأَةِ زَيْدٍ جَارِيًا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةِ عَمْرٍو. (قَوْلُهُ: فَأَوْلَى الْمُقَلِّدُ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يُجَدِّدَ حُكْمًا لِلثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا إلَّا أَنَّهُ يُجَدِّدُ اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّ تَجْدِيدَ الِاجْتِهَادِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُجْتَهِدِ. (قَوْلُهُ: هُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ) أَفَادَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَحَكَمَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَحْرُمُ مِنْ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِالتَّحْرِيمِ لَيْسَ مُرَادًا وَإِنَّمَا حُكْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَسْخِ لَا غَيْرُ؛ وَلِذَا قَالَ وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إلَخْ فَيُرَادُ بِقَوْلِهِ فَحَكَمَ أَيْ فَأَخْبَرَ بِأَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يَحْرُمُ ثُمَّ فَسَخَ النِّكَاحَ لِأَجْلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَنَّ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ. (قَوْلُهُ: فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَرَّمَهَا عَلَى زَوْجِهَا) الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ حَكَمَ بِالتَّحْرِيمِ وَلَيْسَ مُرَادًا إنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ الْفَسْخُ فَقَطْ وَلِذَا قَالَ لَكَانَ الْقَدْرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِنَجَاسَةِ مَاءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ وَكَذَا فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ) أَيْ فِي مَاءٍ مُعَيَّنٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَاءِ الْمُتَقَدِّمِ حَدَثَ فِيهِ مَا حَدَثَ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ أَوْجَبَ حُكْمَهُ بِالتَّحْرِيمِ لَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أُمِّ زَوْجَتِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ زَيْدًا مَثَلًا تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ أَنَّهُ رَضَعَ أُمَّهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ كَبِيرٌ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ بِأَنْ يَكُونَ زَيْدٌ وَهُوَ كَبِيرٌ رَضَعَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ بِنْتَهَا

الصفحة 167