كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ أَيْ: أَرْضِ الزِّرَاعَةِ بِالطَّعَامِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِ مَا ضَرَّهُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى.

(ص) وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحِفْظُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْعِلْمِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِقْهَ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ وَالْقُرْآنُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ وَأَنَّ تَعْلِيمَ الْفِقْهِ بِأُجْرَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِخِلَافِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ مُشَاهَرَةً لَا مَفْهُومَ لَهُ مَنْصُوبٌ إمَّا عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: عَلَى الْمُشَاهَرَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِعَطْفِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ.
(ص) وَأَخَذَهَا وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعَلِّمَ يَأْخُذُ الْحَذْقَةَ أَيْ: الْإِصْرَافَةَ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ أَيْ يُقْضَى لَهُ بِهَا وَلَا حَدَّ فِيهَا وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى حَالِ الْأَبِ فِي يُسْرِهِ وَعُدْمِهِ، وَيُنْظَرُ فِيهَا أَيْضًا إلَى حَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ حَافِظًا فَتَكُونُ حَذْقَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي لَا يَحْفَظُ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَأَ وَأَخَذَهَا بِالتَّحْرِيكِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ أَوْ بِالسُّكُونِ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ أَخْذُهَا وَاجِبًا فَيُقْضَى بِهَا عَلَى الْأَبِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَخْذِهَا مِنْهُ إذَا امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ فَلَا يُفِيدُ وُجُوبَ أَخْذِهَا بَلْ جَوَازُهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهَا حَيْثُ طَلَبَهَا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَا وَلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا لَهُ لَا عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْحَذْقَةِ مِنْ السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَ بِهِ الْعُرْفُ مِثْلُ لَمْ يَكُنْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَالْفَتْحِ وَالصَّافَّاتِ، وَالْعُرْفُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ.

(ص) وَإِجَارَةِ مَاعُونٍ كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إجَارَةُ مَا ذُكِرَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ آلَةٌ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ؛ لِأَنَّ الْمَاعُونَ الْوِعَاءُ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ مَا ذُكِرَ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، رَدَّ الْقَوْلَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي مَنْعِهِمْ كِرَاءَ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَقُدُورِ الْفَخَّارِ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ بِحَيْثُ لَا تُعْرَفُ إلَّا أَنْ يُنْقَشَ عَلَيْهَا.

(ص) وَعَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إجَارَةٌ وَجَعَالَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ جَائِزَةٌ لَكِنْ تَارَةً تَكُونُ إجَارَةً بِأَنْ وَصَفَ لَهُ الْبِئْرَ وَعَيَّنَ مِقْدَارَ الْحَفْرِ وَإِذَا انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَوْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ كَالدُّورِ مَثَلًا فَلَا كَلَامَ فِي الْجَوَازِ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ الَّذِي تَدُورُ بِهِ فَهُوَ عُذْرٌ يُوجِبُ فَسْخَ الْكِرَاءِ فَإِنْ عَادَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ عَادَ الْكِرَاءُ وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي الِانْقِطَاعِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى وُجُودِ الْمَاءِ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ وَفِي آخِرِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي.

(قَوْلُهُ وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ) أَيْ: قِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ حِفْظٍ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَذَا الْحِفْظُ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ مَعَهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحِفْظُ وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ فِي شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ إنَّ كَوْنَهَا عَلَى الْحِذَاقِ جَعَالَةً لَكِنْ إذَا حَصَلَ التَّرْكُ فَلِلْمُعَلَّمِ بِحِسَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّمَ انْتَفَعَ كَذَا وَجَدْت عِنْدِي فِي كِتَابَتِي أَيَّامَ الْحُضُورِ عَلَى الْأَشْيَاخِ.
(تَنْبِيهٌ) : يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَيْ: الْحِفْظُ وَكَوْنُهُ فِي شَهْرٍ مَثَلًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ تَسَاوِي الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا كَمَا مَرَّ إمْكَانُ مُسَاوَاةِ الْعَمَلِ مَعَ الزَّمَنِ هُنَاكَ تَحْقِيقًا أَوْ تَحَرِّيًا وَعَدَمُهُ هُنَا لِبَلَادَةِ الْمُتَعَلِّمِ وَعَدَمِ سُرْعَةِ حِفْظِهِ وَعَدَمُ تَحَرِّي ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ الْفِقْهَ فِيهِ حَقٌّ وَبَاطِلٌ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْأُصُولِيِّينَ الرَّاجِحَةُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا كُرِهَ الْأَخْذُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَقِلَّ طَالِبُهُ (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ: بَلْ مِثْلُهُ مُسَانَاةً أَوْ مُيَاوَمَةً أَيْ: كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا أَوْ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْحَالِ) أَيْ حَالِ كَوْنِ التَّعْلِيمِ مُشَاهَرَةً أَيْ: ذَا مُشَاهَرَةٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْكِتَابَةُ) أَيْ: كِتَابَةُ الْقُرْآنِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهَا جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ: الْإِصْرَافَةَ) أَيْ: فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخْذُهَا عَائِدٌ عَلَى الْحِذَاقِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ الْحِفْظُ بَلْ بِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ الْإِصْرَافَةُ فَهُوَ اسْتِخْدَامٌ وَمَحَلُّ أَخْذِهَا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهَا فَيَعْمَلُ بِهِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ وَأَنَّهَا رَاجِعَةٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَحُكْمُ الْقُضَاةِ فِيهَا عِنْدَنَا مِنْ دِينَارٍ إلَى دِينَارٍ وَنِصْفٍ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَإِلَى الْأَقَلِّ فِيمَا دُونَهُ وَقَدْرُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى الْمَلِيءِ إلَى دِينَارَيْنِ وَنِصْفٍ فَإِنْ أَخْرَجَ الْأَبُ ابْنَهُ قُرْبَ مَحَلِّهَا لَزِمَهُ وَإِنْ بَقِيَ مَالَهُ بَالٌ كَالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ سَقَطَتْ وَلَوْ تَرَكَ الْمُعَلِّمُ التَّعْلِيمَ وَقَدْ قَرُبَ مَحَلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا.
(فَائِدَةٌ) لَوْ مَاتَ أَبُو الطِّفْلِ أَوْ الْمُعَلِّمُ فَلَا يُقْضَى بِالْحَذْقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ الْأَبُ فَقَدْ وَهَبَ شَيْئًا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ وَإِنْ مَاتَ الْمُعَلِّمُ فَهِيَ هِبَةٌ لِمُعَيَّنٍ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا الْأَوَّلَ بِمَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ بِهَا الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَشْهَدَ يُقْضَى بِهَا وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ الْبُرْزُلِيُّ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ) مُقَابِلُهُ لَا يُقْضَى بِهَا عِنْدَ جَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إبْرَاهِيمَ.
(قَوْلُهُ وَلَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ) أَيْ: وَلَا يُنَافِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا وَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ كَمَا قَدَّرْنَاهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ) فَقَدْ يُؤْخَذُ عَلَى شَيْخٍ مَثَلًا فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ.

(قَوْلُهُ نَحْوُ الْغِرْبَالِ وَالْمُنْخُلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْخَاءِ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ فَهُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْقِيَاسِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الْبُلَيْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) كَالْوِعَاءِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوَّلًا كَالصُّحُونِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا وَلَمْ تُمَيَّزْ بِعَلَامَةٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ وَافَقَهُ) أَيْ: كَابْنِ الْفَخَّارِ وَابْنِ فَتُّوحٍ (قَوْلُهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَهُ قُدُورُ الْفَخَّارِ مُطْلَقًا مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُغَيِّرُهَا الدِّهَانُ (أَقُولُ) وَقَدْ يُوجَدُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَغْيِيرُ دِهَانٍ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا انْهَدَمَتْ)

الصفحة 17