كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا (ش) الْإِنْهَاءُ تَبْلِيغُ الْقَاضِي أَمْرًا إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيُتَمِّمَهُ فَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُنْهِيَ إلَى قَاضٍ آخَرَ مَا جَرَى فَيُنْفِذَهُ الثَّانِي وَيَبْنِيَ كَمَا يَأْتِي لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ يَكُونُ مَعْزُولًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَحْكُمَ الْمُنْهَى إلَيْهِ مَكَانَهُ أَيْ فِي مَوْضِعِ الْإِنْهَاءِ وَإِلَّا كَانَ حَاكِمًا بِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ وَالْإِنْهَاءُ يَكُونُ إمَّا بِمُشَافَهَةٍ أَيْ مُخَاطَبَةٍ وَمُكَالَمَةٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ فَإِذَا أَشْهَدَ الْقَاضِي عَلَى حُكْمِهِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ شَهِدَا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِذَهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ الْمَحْكُومُ بِهِ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ كَالزِّنَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الزِّنَا وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا كِتَابُ قَاضٍ بِاتِّفَاقٍ إلَّا مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الدَّمِيرِيُّ وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْآخَرُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنَّ كَلَامَهُ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَبِشَاهِدَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ شُهُودُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ لَا تُتَّهَمُ عَلَى تَرْوِيجِ شَهَادَتِهِمْ الْأُولَى، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ (ص) وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ خَالَفَا كِتَابَهُ وَنَدْبُ خَتْمِهِ لَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدَانِ وَلَوْ خَالَفَا فِي شَهَادَتِهِمَا كِتَابَ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي وَإِنْ خَالَفَا لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمُوَافَقَةِ لَا تُتَوَهَّمُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي الْمُرْسِلِ أَنْ يَخْتِمَ كِتَابَهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَسَوَاءٌ قَرَأَهُ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا وَاسْتِحْبَابُ الْخَتْمِ فِي الثَّانِي ظَاهِرٌ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْرَقَ أَوْ يَسْقُطَ مِنْ الشُّهُودِ فَيُزَادُ فِيهِ أَوْ يُنْقَصُ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَظْهَرُ لَهُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ حِينَئِذٍ دَائِرٌ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَالْقَبُولُ مُسْتَنِدٌ لَهُمَا وُجُودًا وَعَدَمًا، وَبِعِبَارَةٍ وَنُدِبَ خَتْمُهُ أَيْ مِنْ خَارِجٍ لَا مِنْ دَاخِلٍ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِأَنَّ الْحُجَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الْخَتْمُ مِنْ دَاخِلٍ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا كِتَابُ الْقَاضِي الْمُجَرَّدِ مِنْ غَيْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَاضِي لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ هَذَا كِتَابَ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ وَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا بِمَا فِيهِ.

(ص) وَأَدَّيَا وَإِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَشْهَدَ عَدْلَيْنِ عَلَى كِتَابِهِ فَإِنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ وَإِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ بِأَنْ مَاتَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ عُزِلَ وَالْغَيْرُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ قَاضِيًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي كَتَبَ لِقَاضِيهَا أَوْ قَاضِيًا لِغَيْرِهَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُوجَدَ فِيهِ الْخَصْمُ وَيَعْرِفَ بِهِ أَنَّهُ هُوَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ عِنْدَ غَيْرِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَلَوْ كَتَبَ اسْمَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ (ص) وَأَفَادَ إنْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَوْ خَطُّهُ كَالْإِقْرَارِ (ش) اخْتَلَفَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى شُهُودٍ كِتَابًا مَطْوِيًّا وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ مَرَّةً الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا أَدَّيَا عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِعْذَارُ وَالْحُكْمُ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ ثُمَّ هَرَبَ الْخَصْمُ لِبَلَدِ قَاضٍ آخَرَ فَيَكْتُبُ قَاضِي مِصْرَ الْوَاقِعَةَ وَيُرْسِلُهُ مَعَ شَاهِدَيْنِ لِذَلِكَ الْقَاضِي فَإِذَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِشَاهِدَيْنِ مُفِيدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَهُمَا عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَيْ وَكَانَ الْآخَرُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُعَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ فَلَوْ قَالَ وَأَنْهَى لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِوِلَايَتِهِ بِمُشَافَهَةٍ مُطْلَقًا وَبِشَاهِدَيْنِ لَأَفَادَ أَنَّ كَوْنَ كُلٍّ بِوِلَايَتِهِ جَارٍ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يَأْتِي إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ اجْتَمَعَ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إسْكَنْدَرِيَّةَ مَثَلًا فَذَهَبَ الْمُدَّعِي لِقَاضِيهَا وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ تَدَاعَى مَعَ خَصْمِهِ عِنْدَ قَاضِي مِصْرَ وَحَكَمَ لَهُ فَيَطْلُبُ قَاضِي إسْكَنْدَرِيَّةَ شَاهِدًا يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَيَأْتِي بِالشَّاهِدِ وَيَحْلِفُ مَعَهُ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ نَقْلُ كِتَابِ قَاضٍ وَإِنَّمَا فِيهِ شَهَادَةٌ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي هَكَذَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَقَوْلُهُ: وَفِي شَرْحِ الْأُجْهُورِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِشَاهِدَيْنِ أَيْ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَمَا آلَ إلَيْهَا وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ وَمَا آلَ إلَيْهَا فَيُكْتَفَى فِيهَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْلِ لَكِنْ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا آلَ إلَيْهَا وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النَّقْلِ مِنْ شَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ هِيَ شُهُودَ الْأَصْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الشُّهُودُ الَّتِي حَصَلَ بِهَا الْإِنْهَاءُ هِيَ الشُّهُودُ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا الْحَقُّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي الْمُرْسِلِ أَنْ يَخْتِمَ كِتَابَهُ) مُرَادُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنْ يَطْوِيَ الْكِتَابَ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ شَمْعًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَخْتِمَ عَلَيْهِ بِخَتْمِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَالْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَنُدِبَ خَتْمُهُ أَيْ وَمِنْ خَارِجٍ هِيَ عَيْنُ هَذَا لَا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْخَتْمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُحِطْ بِمَا فِيهَا وَأَمَّا لَوْ أَحَاطَ بِمَا فِيهَا فَلَا يَجِبُ الْخَتْمُ.
(قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَنُدِبَ خَتْمُهُ) هَذِهِ لِلَّقَانِيِّ أَيْ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ) تَفْسِيرٌ لِلتَّجْرِيدِ لَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْمُجَرَّدُ.

. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ) أَيْ دَالٌّ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ النُّقُوشُ وَالرُّقُومُ لَا حُكْمُهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَنْ دَفَعَ) أَيْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا دَفَعَ كِتَابًا لِشُهُودٍ أَرْسَلَهُمْ بِهَذَا الْكِتَابِ لِيُوصِلُوهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ وَيُنْفِذَهُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَوْ خَطُّهُ أَيْ مَخْطُوطُهُ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ مَرَّةً الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا رِوَايَتَانِ الرِّوَايَةُ الْأُولَى الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا

الصفحة 170