كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

نَحْوِ مَا بِهِ وَلَا مُعَارِضَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا دَفَعَ وَرَقَةً مَطْوِيَّةً لِرَجُلَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِمَا فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ وَأَنَّهُ عِنْدِي وَفِي ذِمَّتِي فَإِنَّهُ يُفِيدُ إذَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ فَهُوَ تَشْبِيهٌ لِلْقِيَاسِ أَيْ وَأَفَادَ هَذَا قِيَاسًا عَلَى هَذَا وَمَفْهُومُ أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا وَشَهِدَا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا حَتَّى يَشْهَدَا أَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ (ص) وَمَيَّزَ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ اسْمٍ وَحِرْفَةٍ وَغَيْرِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ بِمَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى صِفَةِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الصِّفَةِ الْخَاصَّةِ الْمُمَيِّزَةِ لِمَوْصُوفِهَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ اسْمِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ جَدِّهِ وَحِلْيَتِهِ وَمَسْكَنِهِ وَصِنَاعَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (ص) فَنَفَّذَهُ الثَّانِي وَبَنَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَصِلُ نَظَرَهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ بِثُبُوتِ شَهَادَتِهِمْ فَقَطْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَتِهَا وَيَنْظُرُ فِي تَعْدِيلِهِمْ وَإِنْ كَتَبَ إلَيْهِ بِتَعْدِيلِهِمْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِتَعْدِيلِهِمْ بَلْ يَعْذُرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَتَبَ بِأَنَّهُ أَعْذَرَ إلَيْهِ وَعَجَّزَهُ عَنْ الدَّفْعِ أَمْضَى الْحُكْمَ عَلَيْهِ
(ص) كَانَ نَقْلٌ لِخُطَّةٍ أُخْرَى (ش) الْخُطَّةُ بِالضَّمِّ الْأَمْرُ وَالْقَضِيَّةُ وَبِالْكَسْرِ الْأَرْضُ يَخُطُّهَا الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُعَلِّمُ عَلَيْهَا عَلَامَةً بِالْخَطِّ لِيُعْلِمَ أَنَّهُ اخْتَارَهَا لِيَبْنِيَهَا دَارًا وَمَا هُنَا مِنْ الْأُولَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا انْتَقَلَ إلَى خُطَّةٍ أَيْ إلَى مَنْصِبٍ وَمَرْتَبَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ انْتِقَالِهِ وَيُبْنَى عَلَيْهِ كَمَا إذَا نُقِلَ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ حَيْثُ كَانَ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّنْفِيذُ أَوْ الْبِنَاءُ مِمَّا يَنْدَرِجُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ فَلَا يُبْنَى عَلَى مَا مَضَى بَلْ يُسْتَأْنَفُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ نُقِلَ وَقِيلَ يُبْنَى، وَلَمَّا كَانَ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِنْهَاءِ وَإِنَّمَا يُوَافِقُهُ فِي التَّنْفِيذِ أَتَى بِهِ بِأَدَاةِ التَّشْبِيهِ (ص) وَإِنْ حَدًّا إنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ قَاضِيَ مِصْرٍ وَإِلَّا فَلَا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ فَيُنْفِذُهُ الثَّانِي وَيُبْنَى عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ حَدًّا أَوْ عَفْوًا عَنْ الْقِصَاصِ إنْ كَانَ الْقَاضِي الْمُرْسَلُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ أَوْ قَاضِيَ مِصْرٍ أَيْ بَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ كَمِصْرٍ وَمَكَّةَ وَالْأَنْدَلُسِ؛ لِأَنَّ قُضَاةَ الْأَمْصَارِ مَظِنَّةَ الْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ فَإِنْ انْتَفَى مَا ذُكِرَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ لَا يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ وَلَا يُنْفِذُهُ ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَوْلُهُ (ص) كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ مَيِّتًا (ش) يَعْنِي أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إذَا جَاءَ إلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ الْإِفَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا أَشْهَدَهُمَا عَلَيْهِ، وَقَدْ أَدَّيَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَدَمُ الْإِفَادَةِ وَوَجَّهَهَا الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُهُ فَالشَّهَادَةُ بِمَضْمُونِهِ شَهَادَةٌ بِمَا لَمْ يَعْلَمُوا وَضَعُفَ بِأَنَّ مَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَدْ أَقَرَّ بِهِ مَنْ أُمِرَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعِلْمُ تَارَةً يَقَعُ جُمْلَةً وَتَارَةً يَقَعُ تَفْصِيلًا. (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْإِقْرَارِ وَإِفَادَةُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُنَاسِبُ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ كَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ مَا فِيهَا خَطُّهُ وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُسَلَّمٌ فِيهِ الْحُكْمُ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ تَشْبِيهٌ لِلْقِيَاسِ) أَيْ مُفِيدٌ لِلْقِيَاسِ أَيْ قِيَاسُ هَذِهِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَلِذَا قُلْنَا إنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ وَقَالَ بَعْضٌ إنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْكَافِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ أَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَحْتَمِلُ هَذَا أَيْضًا أَيْ أَفَادَ هَذَا أَيْ مَا قَبْلَ الْكَافِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا وَهُوَ مَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَمَّا دُخُولُ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا فَنَقُولُ فِيهِ وَأَفَادَ هَذَا أَيْ مَا بَعْدَ الْكَافِ قِيَاسًا عَلَى هَذَا أَيْ مَا قَبْلَ الْكَافِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمَسْأَلَتَانِ مَذْكُورَتَانِ فِي النَّقْلِ فَلَا مَعْنَى لِتَشْبِيهِ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: وَاسْمِ أَبِيهِ وَاسْمِ جَدِّهِ) وَأَرَادَ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ بِالِاسْمِ مَا يَشْمَلُ الْكُنْيَةَ وَاللَّقَبَ أَيْ مِنْ اسْمٍ وَكُنْيَةٍ وَلَقَبٍ لَهُ وَلِأَبِيهِ وَجَدِّهِ قَالَ الْأَبِيُّ عَنْ عِيَاضٍ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِاسْمِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ قَالَ الْبَدْرُ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ قَالَ عج قُلْت وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَيَّزَ فِيهِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ الصِّفَاتِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي جَمِيعِهَا مَعَ ذِكْرِ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذِكْرِهِمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى غَائِبٍ وَطَلَبَ الْمَحْكُومُ لَهُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْمَطْلُوبِ كَتَبَ لَهُ وَمَيَّزَ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْغَائِبُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ اسْمٍ لَهُ وَلِأَبِيهِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَنَفَّذَهُ الثَّانِي) أَيْ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ وُجُوهِ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ: وَبَنَى أَيْ وَبَنَى الثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ وُجُوهِ الْحُكْمِ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ تَمَامِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يُتِمُّهُ الثَّانِي كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ بَنَى عَلَى قَوْلِهِ وَنَفَّذَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ أَدْنَى مِنْ التَّنْفِيذِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فَنَفَّذَهُ الثَّانِي فِي قِسْمَيْ الْإِنْهَاءِ أَيْ الْإِنْهَاءِ بِالْمُشَافَهَةِ وَالْإِنْهَاءِ بِشَاهِدَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ نُقِلَ لِخُطَّةٍ) صُورَتُهُ كَانَ الْقَاضِي مُوَلًّى فِي الْأَنْكِحَةِ فَقَطْ ثُمَّ إنَّهُ شَرَعَ فِي قَضِيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ نُقِلَ لِقَضَاءِ الْجَمَاعَةِ فَيَحْكُمُ وَلَا يُعِيدُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ إلَيْهَا تَشْمَلُ الْأُولَى وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَاضِي الْأَنْكِحَةِ فَقَطْ ثُمَّ نُقِلَ لِلْبُيُوعِ فَقَطْ فَلَا يَحْكُمُ بَلْ يَبْتَدِئُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ وَقَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ وَالْقَضِيَّةُ الْمُرَادُ بِهَا الْوِلَايَةُ الْأُخْرَى وَإِنْ شِئْت قُلْت الْمَرْتَبَةُ الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا نُقِلَ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ لَمْ يَكُنْ انْدِرَاجٌ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ إلَى الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ إلَى قَضَاءِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الِانْدِرَاجَ إنَّمَا يَتَأَتَّى مَعَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ عُزِلَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ نُقِلَ لِأَنَّ الْمُرَادَ نُقِلَ مِنْ وِلَايَةٍ إلَى وِلَايَةٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَ أَوَّلًا يَحْكُمُ فِي الْأَنْكِحَةِ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَحْكُمَ فِي الْمَوَارِيثِ مَثَلًا مَعَ اسْتِمْرَارِ التَّوْلِيَةِ الْأُولَى بِخِلَافِ الْعَزْلِ وَالتَّوْلِيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ لَمْ تَتَقَدَّمْ لَهُ تَوْلِيَةٌ فَلَا يَتِمُّ مَا فَعَلَهُ أَوَّلًا بَلْ يَسْتَأْنِفُ حُكْمًا جَدِيدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدًّا) بَالَغَ عَلَى الْحَدِّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ السُّقُوطُ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: كَمِصْرٍ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ لَفْظَ مِصْرٍ فِي الْمُصَنِّفِ يُقْرَأُ بِالتَّنْوِينِ

الصفحة 171