كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

قَاضٍ آخَرَ وَوُجِدَ فِي الْبَلَدِ رَجُلَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُشَارِكٌ لِلْآخَرِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوْصَافِ فَإِنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ لَا يُنْفِذُ الْحُكْمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِالْمَقْصُودِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشَارِكُ فِي الصِّفَةِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (ص) وَإِنْ لَمْ يُمَيَّزْ فَفِي أَعْدَائِهِ أَوَّلًا حَتَّى يَثْبُتَ أَحَدِّيَّتَهُ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِصِفَتِهِ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ فَهَلْ لِلْقَاضِي الْمُرْسَلَ إلَيْهِ أَنْ يُعَدِّيَ أَيْ يُسَلِّطَ الطَّالِبَ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الِاسْمِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَعَلَى صَاحِبِ الِاسْمِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ بِالْبَلَدِ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ أَوْ لَا يُعَدِّيهِ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَلَدِ مَنْ يُشَارِكُ الْمَطْلُوبَ فِي الصِّفَةِ قَوْلَانِ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُشَارِكٌ فِي الْبَلَدِ مُحَقَّقٌ وَإِلَّا فَلَا يُعَدَّى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ.

(ص) وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ، وَالْغَيْبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قَرِيبَةٌ وَبَعِيدَةٌ وَمُتَوَسِّطَةٌ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْأَيَّامِ مَعَ الْأَمْنِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَتَزْكِيَتِهَا وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قُدِّمَ (ص) وَالْبَعِيدُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَةَ قَضَى عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَإِفْرِيقِيَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ يُقْضَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا لَكِنْ يَحْلِفُ الطَّالِبُ يَمِينَ الْقَضَاءِ الَّتِي لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَ وَلَا احْتَالَ وَلَا وَكَّلَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِيهِ وَلَا فِي بَعْضِهِ وَتُسَمَّى يَمِينَ الِاسْتِبْرَاءِ وَهَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ اسْتِظْهَارٌ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيَمِينُ الْقَضَاءِ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ عَلَى غَائِبٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ عَلَى الْأَحْبَاسِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي ك وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِعَدَمِ التَّنْوِينِ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْبَلْدَةِ الْمَعْرُوفَةِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا مُشَارِكٌ لِلْآخَرِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ) أَيْ فَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُنَفِّذُ مَا أُرْسِلَ إلَيْهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يَتْرُكْ الْقَاضِي التَّمْيِيزَ بَلْ كَتَبَ أَوْصَافَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَإِذَا هُنَاكَ مُشَارَكَةٌ فِيهَا بِخِلَافِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ تَرَكَ التَّمْيِيزَ أَصْلًا فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْيِيزُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الِاسْمَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ) بِأَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ مَاتَ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِبُعْدِهِ فَيَلْزَمُ الْحَيُّ الْمَوْجُودُ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَلَكِنْ تَارِيخُ وَثِيقَةِ الْحَقِّ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيِّ فِي هَذِهِ مُشَارَكَةٌ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي مَيَّزَ بِهَا لِاخْتِلَافِ زَمَنِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ بِطُولِ الزَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ الْمُرَادُ فَلَا مُشَارَكَةَ. (قَوْلُهُ: فَفِي إعْدَائِهِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَالْعَقْلُ. (وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يُعَدَّى عَلَيْهِ اتِّفَاقًا) أَيْ وَيُخَيَّرُ الْمُدَّعِي إنْ شَاءَ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ الْحُكْمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ وَقَوْلُهُ: كَأَنْ شَارَكَهُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ أَيْ كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ أَيْ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْمُصَنِّفِ الَّتِي مِنْهَا التَّمْيِيزُ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهَا

. (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمَوْضِعِ الْحُكْمِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ وَالْمُرَادُ الَّذِي سَافَرَ لِمَحَلٍّ انْقَطَعَ بِهِ لَا الَّذِي سَافَرَ لِيَرْجِعَ فَهَذَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: كَالْأَيَّامِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ: تَزْكِيَتُهَا ثُمَّ يُعْلَمُ بِهَا فَإِنْ كَانَ لَهُ مَدْفَعٌ دَفَعَ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَيُبَاعُ عَقَارُهُ وَنَحْوُهُ فِي الدَّيْنِ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قُدِّمَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي قَوْلَهُ كَالْحَاضِرِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ. (قَوْلُهُ: بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) أَيْ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ أَوْ سَبَبِيَّةٍ وَهَذَا أَحْسَنُ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا احْتَالَ) أَيْ وَلَا حَوَّلَهُ الْمَدِينُ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي عب وَلَا أَحَالَ أَيْ وَلَا أَحَالَ غَيْرَهُ عَلَى هَذَا الْمَدِينِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَيِّتٍ) أَيْ عَلَى مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَيِّتٍ أَيْ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ فَلَا تَجِبُ ثُمَّ إنَّ يَمِينَ الْقَضَاءِ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ وَإِنْ رَضِيَتْ الْوَرَثَةُ بِتَرْكِهَا حَيْثُ دَفَعُوا بِالْحَاكِمِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجِبُ وَمِنْ ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ مَيِّتٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى غَائِبٍ) أَيْ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَمَحَلُّ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحَاضِرِ إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَنَّ الْغَائِبَ كَانَ أَقَرَّ أَنَّ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا فَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَتِيمٍ) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ أَوْ أَنَّهُ أَتْلَفَ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ لِضَعْفِ الصَّغِيرِ وَمِثْلُ الْيَتِيمِ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْأَحْبَاسِ) أَيْ إذَا ادَّعَى مِلْكَ شَيْءٍ مِنْ الْأَحْبَاسِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى الْحَبْسِ وَأَنْ لَهُ مَالًا تَجَمَّدَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَسَاكِينِ) أَيْ إذَا ادَّعَى عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَدْ تَصَدَّقَ بِمَا فِي يَدِ ذَلِكَ الْمِسْكِينِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ) بِأَنْ وَجَدَ كِتَابًا بِيَدِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقْرَءُونَ فِيهِ ادَّعَوْا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ فَادَّعَى مِلْكِيَّتَهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ وَارِثٌ وَأَخَذَ مَالَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَقَدِمَ إنْسَانٌ وَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهَا يَمِينَ الْقَضَاءِ أَوْ

الصفحة 172