كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أَوْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ اهـ.
وَبِعِبَارَةٍ وَيَمِينُ الْقَضَاءِ تَجِبُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ مَا لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ فَلَا يَجِبُ.

(ص) وَسَمَّى الشُّهُودَ وَلَا نَقْضَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّهُودَ فِي حُكْمِهِ عَلَى الْغَائِبِ لِيَجِدَ مَدْفَعًا عِنْدَ قُدُومِهِ بِتَجْرِيحِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْبَيِّنَةَ وَأَلْزَمَ الْخَصْمَ الْحُكْمَ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ فُسِخَ حُكْمُهُ وَيَسْتَأْنِفُ ثَانِيًا وَيَجْرِي فِي مُتَوَسِّطِ الْغَيْبَةِ أَيْضًا تَسْمِيَةُ الشُّهُودِ ثُمَّ إنَّ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ حَيْثُ كَانَ يُعْذَرُ فِيهِمْ كَذَا يَنْبَغِي قَوْلُهُ وَإِلَّا نُقِضَ مَا لَمْ يَكُنْ الْحَاكِمُ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُنْقَضُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْجَزِيرِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ قَوْلُهُ وَإِلَّا نُقِضَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَلِقَوْلِهِ وَسَمَّى الشُّهُودَ.

(ص) وَالْعَشَرَةُ الْأَيَّامِ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ (ش) هَذِهِ هِيَ الْغَيْبَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ أَوْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا عَدَا اسْتِحْقَاقَ الْعَقَارِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَقَوْلُهُ مَعَ الْخَوْفِ قَيْدٌ فِي الْيَوْمَيْنِ فَقَطْ وَالضَّمِيرُ فِي مَعَهَا يَرْجِعُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ الْعَقَارِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهَا عَامَّةُ النَّفَقَةِ أَوْ أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ مِمَّا تَتَشَاحَحُ فِيهِ النُّفُوسُ وَيَحْصُلُ فِيهَا الضِّغْنُ وَالْحِقْدُ وَالنِّزَاعُ عِنْدَ أَخْذِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِيَكُونَ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ.

(ص) وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ كَدَيْنٍ (ش) هَذَا حُكْمٌ بِالْغَائِبِ لَا عَلَى الْغَائِبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَقَارِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَطْلُبُ حُضُورَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَالْحَدِيدِ وَالْحَرِيرِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ بِقِيمَتِهِ وَيُحْكَمُ بِهَا لِمُدَّعِيهِ فَالْغَائِبُ عَنْ الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ وَصْفُهُ قَامَ وَصْفُهُ مَقَامَ حُضُورِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ قَامَتْ قِيمَتُهُ مَقَامَ وَصْفِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُقَوِّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِجَهْلِ صِفَتِهِ، وَأَمَّا فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدَّعِي أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ شَيْئًا فِي بَيْتِ الْمَالِ لِفَقْرِهِ فَيَحْلِفُ يَمِينَ الْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ غَنِيٌّ بَاطِنًا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَنْ يَقُومُ إلَخْ أَيْ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَيِّتٍ وَمُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمَعْنَى مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَعْنَى الْعِبَارَةِ أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْبَعِيرَ الَّذِي عِنْدَ زَيْدٍ مَثَلًا وَيُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْبَيِّنَةِ مِنْ يَمِينِ الْقَضَاءِ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ زَيْدٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتَ أَقْوَالٍ فَقِيلَ لَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَحْلِفُ فِي الْحَيَوَانِ دُونَ الْعَقَارِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ أَقُولُ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقَارَ الشَّأْنُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقَعُ مِنْهُ التَّبَرُّعُ بِهَا بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ أَقُولُ وَلَكِنْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعُرُوض كَذَلِكَ وَظَاهِرُ النَّصِّ خِلَافُ ذَلِكَ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُشْتَبَهُ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْعَقَارِ إلَخْ أَقُولُ وَالْعُرُوضُ كَالثِّيَابِ أَشَدُّ اشْتِبَاهًا

. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّهُودَ إلَخْ) أَيْ الشُّهُودَ بِالْحَقِّ وَالْمُعَدِّلِينَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ: الْغَائِبُ أَيْ الْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ والمتوسطها وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الْبَعِيدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّهُودَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ تَسْمِيَةُ الشُّهُودِ مُسْتَحَبٌّ وَمِثْلُ الْغَائِبِ فِي تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ الصَّغِيرُ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ يُعْذَرُ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَا إعْذَارَ فِيهِ وَهُوَ مَنْ يَعْلَمُ الْقَاضِي عَدَالَتَهُ فَيَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ

. (قَوْلُهُ: وَالْعَشَرَةُ الْأَيَّامِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا قَارَبَ الْمُتَوَسِّطَ وَالْقَرِيبَ يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَمَا قَارَبَ الْبَعِيدَ يُعْطَى حُكْمَهُ وَيَتَعَارَضُ الْأَمْرُ فِيمَا كَانَ نِسْبَتُهُ مُسْتَوِيَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ فَيُجْعَلُ مِنْ الْأَعْلَى الْمُتَوَسِّطُ أَوْ الْبَعِيدُ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حُكِمَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ فِي ذَلِكَ أَيْ بِأَنْ يُقِيمَ شَخْصٌ عَلَى هَذَا الْغَائِبِ أَنَّ هَذَا الْعَقَارَ الَّذِي عِنْدَهُ لِهَذَا الْمُقِيمِ لِلْبَيِّنَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي مُدَّعًى عَلَيْهِ غَائِبِ عَنْ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَلَكِنَّهُ مُتَوَطِّنٌ بِوِلَايَتِهِ أَوْ لَهُ بِهَا مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمَاعٌ وَلَا حُكْمٌ بَلْ تُنْقَلُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ حُكْمٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ اسْتِحْقَاقُ الْعَقَارِ كَغَيْرِهِ إذْ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: وَالْحِقْدُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْقَرِيبِ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَكَذَلِكَ عَلَى الْبَعِيدِ جِدًّا يَكُونُ عَامًّا حَتَّى فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ، وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَوَسِّطِ الْغَيْبَةِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا اسْتِحْقَاقَ الْعَقَارِ وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُهُ فَيَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْدَمَ

. (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَدَيْنٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ بِالصِّفَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إلَّا ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ كِنَانَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ وَلَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ حَكَمَ فِيهِ بِالصِّفَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَوْ يَدَّعِيهِ وَمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَلَا يَحْكُمُ فِيهِ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: تَشْهَدُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ غَصَبَ مِنْهُ كَذَا قِيمَتُهُ كَذَا بَهْرَامُ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ)

الصفحة 173