كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْعَمَلِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَإِنْ انْهَدَمَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَتَارَةً تَكُونُ جَعَالَةً فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةِ أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا لَا يَحْصُلُ فِيهِ نَفْعٌ لِلْجَاعِلِ حِينَ التَّرْكِ لَوْ تُرِكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إلَّا فِي الْمَوَاتِ وَبِقَوْلِنَا حِينَ التَّرْكِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَحِينَئِذٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُجَاعَلَةُ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ حِينَ التَّرْكِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَاعِلِ نَفْعٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إجَارَةٌ أَيْ: فِي مِلْكِك وَغَيْرِهِ كَالْمَوَاتِ وَجَعَالَةٌ فِي غَيْرِهِ لَا فِي مِلْكِك؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ بِالْبِئْرِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ.

(ص) وَيُكْرَهُ حُلِيٌّ (ش) أَيْ يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ لِلْكَرَاهَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا تت فَقَالَ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ لِنَقْصِهِ وَقَدْ أَخَذَ فِي مُقَابَلَتِهِ نَقْدًا أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إعَارَتَهُ زَكَاتُهُ خِلَافٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَحُلِيٌّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَدًا فَيَكُونَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا فَيَكُونَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ.

(ص) كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةِ مِثْلِهِ (ش) هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ لِيَرْكَبَهَا وَإِنْ وَقَعَ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ فِي خِفَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْكَرَاهَةِ وَكَأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ إلَى التَّشْبِيهِ لِأَجْلِ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ الثَّوْبُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكُتُبُ مِثْلَ الثِّيَابِ لِاخْتِلَافِ اسْتِعْمَالِ النَّاسِ فِيهَا فَلَوْ أَكْرَاهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الثَّوْبِ دُونَ الدَّابَّةِ، وَهَلْ الضَّمَانُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ فَيَزُولُ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي كِرَاءِ دَابَّةِ الرُّكُوبِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِذَلِكَ لِتَعَذُّرِ رُكُوبِهِ مَثَلًا فَإِنْ حَصَلَ ضَرُورَةً فَلَا.
(ص) أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفَظَّ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِفَظٍّ مِثْلِهِ يَرْكَبُهَا، فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَتُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ لِكَوْنِ رَبِّ الدَّابَّةِ دَخَلَ عَلَى إعْطَائِهَا لِفَظٍّ فَقَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهَا فَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِغَيْرِ فَظٍّ مِثْلِهِ أَوْ لِفَظٍّ مِثْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا مِنْ تَمَامِ تَصْوِيرِ الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا وَصْفُ الْبِئْرِ وَتَعْيِينُ الْحَفْرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِجَارَةُ وَالْجَعَالَةِ كَمَا ذَكَرَهُ عج وَكَذَا يَكُونُ إجَارَةً تَارَةً إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَوَاتِ أَوْ مِلْكِك وَتَارَةً يَكُونُ جَعَالَةً إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْجَعَالَةِ أَوْ قَالَ لَا أَسْتَحِقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمَوَاتِ فَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِإِجَارَةٍ وَلَا بِجَعَالَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْكُلِّ أَوْ بِالْبَعْضِ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِك فَيَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْمَوَاتِ فَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ يَكُونُ الْعَقْدُ فَاسِدًا.
(أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْجَعَالَةِ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَذَكَرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْكُلِّ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَقْدًا فَاسِدًا أَوْ تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْجَعَالَةِ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فَهَلْ كَذَلِكَ يَكُونُ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) أَيْ: مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْفَرْقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ بَلْ رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا غَاصِبٌ أَوْ سَارِقٌ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ) أَيْ: ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ فِيهِمَا أَوْ فِضَّةٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ: وَهُوَ الثَّانِي الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ إعَارَتَهُ زَكَاتُهُ أَيْ: أَنَّ الْحُلِيَّ الْمُبَاحَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَعَلَّلُوا عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِأَنَّ إعَارَتَهُ لِمَنْ يَتَزَيَّنُ بِهِ هِيَ زَكَاتُهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَارَتْ مَنْفَعَتُهُ مُعَدَّةً لِلْإِعَارَةِ فَلَا يُكْرِي؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ فَلَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ أَيْ: وَالشَّارِعُ طَلَبَ زَكَاتَهُ الَّتِي هِيَ الْإِعَارَةُ وَالْحُلِيُّ إذَا كَانَ مُحَرَّمًا لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ (قَوْلُهُ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ لِنَقْصِهِ) لَمَّا كَانَ النَّقْصُ غَيْرَ مُحَقَّقٍ مُتَّفِقٌ لَمْ يُجْزَمْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ) أَيْ: الْعُلَمَاءُ كَمَا وَجَدْتُهُ عِنْدِي (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ جَمْعًا) أَقُولُ وَعَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ لَا أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَمْعِ وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى إرَادَةُ الْأَفْرَادِ أَيْ: جِنْسِ الْحُلِيِّ.

(قَوْلُهُ لِيَرْكَبَهَا) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا اكْتَرَاهَا لِلْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَوْ أَكْرَاهَا) أَيْ: الذَّاتَ الْمُكْتَرَاةَ أَعَمُّ مِنْ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ) أَيْ: لَا ضَمَانُ عَدَاءٍ يَضْمَنُ مُطْلَقًا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يُؤَجِّرْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ يُؤَجِّرْهَا وَارِثُهُ لِمَوْتِهِ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي أَكْرَاهَا مِنْ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا حَيْثُ جُهِلَ حَالُ الْمُكْرِي، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ مِنْهُ الرِّضَا فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا فَهَلْ يَكُونُ كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يُكْرِيَ لِمِثْلِهِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَاهُ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ أَوْ لَيْسَ كَالشَّرْطِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ يُحَرَّرُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَخْ) لَا يُشْتَرَطُ الِاضْطِرَارُ بَلْ مَتَى بَدَتْ لَهُ الْإِقَامَةُ اُضْطُرَّ أَمْ لَا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بَدَأَ لَهُ مِنْ السَّفَرِ أَوْ مَاتَ أُكْرِيَتْ مِنْ مِثْلِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ) اللَّامُ الدَّاخِلَةُ عَلَى لِفَظٍّ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) صِفَةٌ لِغَيْرِ فَظٍّ أَيْ أَنَّ غَيْرَ الْفَظِّ آجَرَهَا لِغَيْرِ فَظٍّ مِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِفَظٍّ مِثْلِهِ) أَيْ: أَوْ آجَرَهَا فَظٌّ لِفَظٍّ مِثْلِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ لِمِثْلِهِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمُصَنَّفِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: لِفَظٍّ مِثْلِهِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ لَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِأَوْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ ثَوْبٍ بِمِثْلِهِ أَيْ:

الصفحة 18