كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَلَا لِابْنِهِ، وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا لِزَوْجَةِ ابْنِهِ، وَلَا لِزَوْجِ ابْنَتِهِ، وَخَصَّ الْبِنْتَ بِالذِّكْرِ تَوْطِئَةً لِيَتَوَصَّلَ لِبَيَانِ الْحُكْمِ فِي مَنْعِ شَهَادَتِهِ لِزَوْجِهَا، وَإِلَّا فَلَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فَالْقُرْبُ الْأَكِيدُ هُوَ الَّذِي يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ لَا مُطْلَقُ الْقُرْبِ.

(ص) وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ وَاحِدَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ مَعَ ابْنِهِ كَشَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ الْأُخْرَى؛ وَلِذَا امْتَنَعَ تَعْدِيلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبِ الْجِنْسُ لِيَشْمَلَ الْأُمَّ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ تَأْدِيَةَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ تُسَمَّى شَهَادَةً، وَقَوْلُهُ: (كَكُلٍّ عِنْدَ الْآخَرِ) تَشْبِيهٌ فِي الْإِلْغَاءِ الْمَطْوِيِّ فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَاحِدَةٌ مَعْنَاهُ وَتُلْغَى الْأُخْرَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ إذَا شَهِدَ عِنْدَ ابْنِهِ أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ الْآخَرِ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ حُكْمِهِ) وَكَذَا شَهَادَةُ الْفَرْعِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى التَّزْكِيَةِ.

(ص) بِخِلَافِ أَخٍ لِأَخٍ إنْ بُرِّزَ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ أَوْ الْعَكْسَ لَا تَجُوزُ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا شَهِدَ أَخٌ لِأَخِيهِ فَذَكَرَ أَنَّهَا جَائِزَةٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ عَنْ أَقْرَانِهِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ لَهُ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ فِي الْجِرَاحِ الَّتِي فِيهَا مَالٌ وَقَالَ س: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ كَانَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ أَمْ لَا يَكْتَسِبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَخِيهِ شَرَفًا أَوْ جَاهًا أَمْ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ بِهَا مَعَرَّةً أَمْ لَا فَعَلَى هَذَا فَمَا حَكَاهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاتِّفَاقِ، وَالْمَشْهُورِ ضَعِيفٌ وَوَافَقَهُ ق وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْأَخِ أَنْ يُعَدِّلَ أَخَاهُ كَمَا أَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَأَوَّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَدِّلُ أَخَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَشْرُفُ بِتَعْدِيلِهِ.

(ص) كَأَجِيرٍ وَمَوْلًى وَمُلَاطِفٍ وَمُفَاوِضٍ فِي غَيْرِ مُفَاوَضَتِهِ وَزَائِدٍ أَوْ مُنْقِصٍ وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ (ش) هَذِهِ مُشَبَّهَةٌ بِقَوْلِهِ: إنْ بَرَّزَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَجِيرَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِهِ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ لِمَنْ أَعْتَقَهُ إلَّا إذَا كَانَ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَجَائِزٌ بِغَيْرِ شَرْطِ التَّبْرِيزِ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ، وَهُوَ الَّذِي يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّك وَيَضُرُّهُ مَا يَضُرُّك لِصَدِيقِهِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عِيَالِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَارِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَشَرِيكُ تَجْرٍ فِي غَيْرِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُفِيدَ أَنَّ الشَّرِيكَ شَرِكَةَ عِنَانٍ لَا يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ الشَّرِكَةِ إلَّا إذَا كَانَ مُبْرِزًا وَأَنَّ الشَّرِيكَ الْخَاصَّ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا شَهِدَ لِشَرِيكِهِ فِي غَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرِكَةِ لَا يُشْتَرَطُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّاهِدِ فَالْبِنْتُ وَالْوَلَدُ وَزَوْجُهُمَا شُهُودٌ لَا مَشْهُودٌ عَلَيْهِمْ فَالْمَعْنَى لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَحَدِ وَالِدَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَزَوْجِهِمَا مَعْنَاهُ أَنَّ زَوْجَ الْبِنْتِ لَا يَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجَتِهِ، وَزَوْجَةُ الِابْنِ لَا تَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَفْظُ الْوَلَدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ إذَا كَانَ شَامِلًا فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ الْبِنْتَ بِالذِّكْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: لِيَتَوَصَّلَ لِبَيَانِ الْحُكْمِ أَيْ صَرِيحًا.

(قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ وَاحِدَةٌ) أَيْ وَتَبْطُلُ الْأُخْرَى لِتُهْمَةِ أَنْ يَقْصِدَ كُلٌّ تَقْوِيَةَ الْآخَرِ وَتَصْدِيقَهُ وَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي، وَإِذَا طَرَأَ فِسْقٌ لِأَحَدِهِمَا مِمَّا يُوجِبُ بُطْلَانَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّرْجِيحُ بِغَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الِابْنِ مَعَ الْأَبِ شَهَادَةُ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِآخَرَ بِمَا مَرَّ إذَا شَهِدَا لِغَيْرِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ عب وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَطَلَتْ شَهَادَةُ وَاحِدٍ بِمُعَيَّنٍ أَوْ رَجَعَ عَنْهَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِالْآخَرِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا شَهَادَتَانِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَبْرِيزٌ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى شَهَادَتِهِ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ نَقْلُ الْأَصْلِ عَنْ الْفَرْعِ وَعَكْسُهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ كُلٌّ مِنْ الِابْنِ أَوْ الْأَبِ عَلَى حُكْمِهِ لِآخَرَ فَإِذَا تَنَازَعَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو يَقُولُ إنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ لِي، وَيُنْكِرُ الْآخَرُ فَلَا يَجُوزُ لِابْنِ الْقَاضِي أَوْ أَبِيهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا شَهَادَةُ الْفَرْعِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ) أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى التَّزْكِيَةِ بَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ لَيْسَ إنْشَاءً لِشَهَادَتِهِ بِالتَّعْدِيلِ، وَالْمُمْتَنِعُ إنْشَاؤُهُ لَهُ؛ وَلِذَا أَفْتَى ابْنُ نَاجِي بِجَوَازِهِ قَائِلًا: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ.

(قَوْلُهُ: إنْ بُرِّزَ) فِي شَرْحِ عب أَنَّهُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَهُوَ لَازِمٌ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ مُبَرِّزٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ فَائِقًا غَيْرَهُ مُقَدَّمًا فِيهَا (قَوْلُهُ: فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَحَكَى بَهْرَامُ فِيهَا أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ: وَقَالَ س مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ: يَكْتَسِبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَخِيهِ شَرَفًا أَوْ جَاهًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِنِكَاحِهَا شَرَفٌ أَوْ جَاهٌ لِكَوْنِهَا مِنْ ذَوِي الْقَدْرِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ بِهَا مَعَرَّةً كَأَنْ يَشْهَدَ بِتَجْرِيحِ مَنْ جَرَّحَ أَخَاهُ فَالْمَازِرِيُّ حَكَى اتِّفَاقَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ فَظَهَرَ قَوْلُ شَارِحِنَا مِمَّا حَكَاهُ الشَّارِحُ أَيْ بَهْرَامُ مِنْ الِاتِّفَاقِ وَالْمَشْهُورُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ) أَيْ وَافَقَ الشَّيْخُ سَالِمٌ عَلَى ذَلِكَ تِلْمِيذَهُ الشَّيْخَ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ س رَمْزٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَق رَمْزٌ لِلشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ اللَّقَانِيِّ تِلْمِيذِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ شب فِي شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ) قَيَّدَ هَذَا بِمَا إذَا حَصَلَ لَهُ مَا ذَكَرَ بَعْدَ الطَّلَبِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَرِّزٍ (قَوْلُهُ: هَذِهِ مُشَبَّهَةٌ بِقَوْلِهِ: إنْ بُرِّزَ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ أَخٍ لِأَخِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ وَشَرِيكُ تَجْرٍ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ شَرِيكُ الْمُفَاوَضَةِ لَا مُطْلَقُ التَّجْرِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الشَّرِيكَ الْخَاصَّ) أَيْ غَيْرَ شَرِيكِ التَّجْرِ كَأَنْ يَكُونَ شَرِيكَهُ فِي دَابَّةٍ مَثَلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِيمَا

الصفحة 180