كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

هُوَ فِي نَفَقَةِ شَخْصٍ لَهُ فَإِنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَرَكَ الشَّهَادَةَ لَهُ قَطَعَ عَنْهُ النَّفَقَةَ.

(ص) وَشَهَادَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ، وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُمَا عَلَى وَاحِدٍ أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ وَأَحْرَى مَعَ اخْتِلَافِهِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَأَحْرَى مَعَ اخْتِلَافِهِ.

(ص) وَالْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ الْقَافِلَةِ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ وَسَوَاءٌ شَهِدُوا لِصَاحِبِهِمْ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ سَبٍّ قَوْلُهُ " بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ " بَدَلٌ مِنْ الْقَافِلَةِ، وَهَذِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا شَهَادَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ كَالسَّابِقَةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ الْجَوَازِ لِمَا ثَبَتَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُحَارِبِينَ مِنْ الْعَدَاوَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَقَبِلْنَا الشَّهَادَةَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ.

(ص) لَا الْمَجْلُوبِينَ إلَّا كَعِشْرِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْلُوبِينَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا وَيَشْهَدَ مِنْهُمْ كَالْعِشْرِينِ فَأَكْثَرَ مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ فَتُقْبَلَ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِنَفْسِهِ وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْعِشْرِينَ كَمَا عِنْدَ التُّونِسِيِّ أَمْ لَا كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعِشْرِينَ يَشْهَدُونَ جَمِيعَهُمْ لَا اثْنَانِ مِنْهُمْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ كَمَا عِنْدَ التُّونِسِيِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَانْظُرْ لَوْ شَهِدَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ وَحَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَالْمَجْلُوبُونَ هُمْ الْقَوْمُ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ حِيَاطَةِ قَرْيَةٍ أَيْ حِرَاسَتِهَا أَوْ لِقُطْرٍ مِنْ الْأَقْطَارِ، أَوْ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ الْكُفَّارِ مُتَرَافِقِينَ إلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَسَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ، أَوْ لَا، وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِاتِّهَامِهِمْ عَلَى حَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ شَهَادَةِ طَوَائِفِ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ قَدِمُوا مُتَرَافِقِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بَلْ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ يَقْتَضِي مَنْعَ شَهَادَةِ الْعَسْكَرِ عَلَى أَبْنَاءِ الْعَرَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَرَافِقِينَ وَهَذَا مُشَاهَدٌ مِنْهُمْ فِي زَمَانِنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التُّهْمَةَ تَضْعُفُ مَعَ عَدَمِ قَيْدِ التَّرَافُقِ وَتَقْوَى مَعَ التَّرَافُقِ فَالِاقْتِضَاءُ الثَّانِي غَيْرُ مُسَلَّمٍ.

(ص) وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ بِكَثِيرٍ وَلِغَيْرِهِ بِوَصِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِي وَصِيَّةٍ بِكَثِيرٍ وَشَهِدَ لِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَصِحُّ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ بَطَلَ جَمِيعُهَا وَإِذَا بَطَلَ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِوَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ وَبِمَالٍ فَإِنَّهَا تُرَدُّ فِي الْعِتْقِ، وَلَا تُرَدُّ فِي الْمَالِ وَكَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا.

(ص) وَإِلَّا قُبِلَ لَهُمَا (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِي الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ، وَشَهِدَ لِغَيْرِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ جَائِزَةٌ لَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ كُلٍّ لِلْآخَرِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ إلَخْ، وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ إنْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ جَازَ، وَإِنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ اتِّحَادِ إلَخْ لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَهَذَا مَعَ اتِّحَادِ الزَّمَنِ بِأَنْ يُقَالَ: وَأَحْرَى مَعَ اخْتِلَافِهِ أَيْ بِأَنْ طَالَ الْمَجْلِسُ فَالزَّمَنُ اخْتَلَفَ لَكِنَّ الْمَجْلِسَ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَافِلَةِ) هُمْ الرُّفْقَةُ لَا بِقَيْدِ رُجُوعِهِمْ مِنْ السَّفَرِ بَلْ مُطْلَقًا لَا كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهَا عَدْلًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فِي حِرَابَةٍ) أَيْ وَاقِعَةٍ فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَالنَّسَبَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَسَبٍ أَيْ نَفْيُ النَّسَبِ أَيْ شَهِدُوا لَهُ بِأَنَّ الْغَيْرَ يَنْفِي النَّسَبَ بِأَنْ قَالَ الْبَدَوِيُّ: لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ سَبٍّ) كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ سَبٌّ بِسِينٍ وَبَاءٍ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْزِيرِ أَوْ الْحَدِّ وَكَذَا فِي عب (قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ الْقَافِلَةِ) وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَدَلٌ مَقْطُوعٌ مَرْفُوعٌ خَبَرُهُ فِي حِرَابَةٍ.

(قَوْلُهُ: لَا الْمَجْلُوبِينَ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَافِلَةِ عَلَى نُسْخَةِ الْجَرِّ، وَعَلَى نُسْخَةِ الرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَيْهَا أَيْضًا بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهَا، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَجُرَّ مَا يَتْبَعُ مَا جُرَّ وَمَنْ رَاعَى فِي الِاتِّبَاعِ الْمَحَلَّ فَحَسَنْ ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُرَادَ شَهَادَتُهُمْ قَطْعًا فِي مَالٍ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ أَيْ يَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمْ لِغَيْرِهِمْ عَلَى شَخْصٍ مِنْ غَيْرِهِمْ، أَوْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى شَخْصٍ مِنْهُمْ فَيَكْفِي اثْنَانِ، وَالْعِشْرُونَ إنَّمَا يُشْتَرَطُونَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْهُمْ، وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ مِنْهُمْ بَلْ مِنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِنَفْسِهِ) أَيْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعِشْرُونَ لَيْسَ فِيهِمْ صَاحِبُ الْحَقِّ الْمَشْهُودُ لَهُ، فَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ بَعْضَ الْعِشْرِينَ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ، فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانُوا عُدُولًا لَا يُشْتَرَطُ الْعِشْرُونَ بَلْ كَانَ يَكْفِي اثْنَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَجْلُوبِينَ تُدْرِكُهُمْ حَمِيَّةُ الْبَلَدِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِقُطْرٍ مِنْ الْأَقْطَارِ) أَيْ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ جَرَى عَلَيْهِمْ الِاسْتِرْقَاقُ) أَيْ ثُمَّ أَعْتَقَهُمْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسَلَّمٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْمُتَرَافِقِينَ عَلَى أَبْنَاءِ الْعَرَبِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَجْلُوبِينَ، وَقَوْلُهُ: فَالِاقْتِضَاءُ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ مُسَلَّمٌ.

(قَوْلُهُ: بِوَصِيَّةٍ) أَيْ وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي وَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ الْجَلَّابِ بِالْجَوَازِ لِغَيْرِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: جَازَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ يَبْطُلُ الْجَمِيعُ، وَقَوْلُهُ: فِي بَعْضِ صُوَرِهَا هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ كُتِبَتْ بِخَطِّ الشَّاهِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُرَدُّ فِي الْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ

الصفحة 190