كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْأَدَاءِ وَوَقْتِ الرُّؤْيَا بِأَنْ يُؤَدُّوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَذْكُرُوا اتِّحَادَ وَقْتِ الرُّؤْيَا لِلْقَاضِي، وَإِنْ أَدَّوْا فِي أَوْقَاتٍ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمَاكِنِ الرُّؤْيَا أَوْ فِي الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ أَوْ فِي الزِّنَا وَالشُّبْهَةِ أَوْ فِي الزِّنَا بِهَا قَائِمَةً أَوْ نَائِمَةً أَوْ وَهِيَ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ هُوَ أَعْلَاهَا أَوْ أَسْفَلَهَا، أَوْ كَانَتْ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ الْغَرْبِيِّ أَوْ الشَّرْقِيِّ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَوَقْتُ الرُّؤْيَا هُوَ وَقْتُ التَّحَمُّلِ فَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَقْتٍ، وَالْبَاءُ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي حَقِيقَةً، وَفِي الثَّانِي بِمَعْنَى فِي مَجَازًا فَاسْتُعْمِلَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ.

(ص) وَفَرَّقُوا فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا يُفَرَّقُونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا وُجُوبًا سَوَاءٌ حَصَلَتْ رِيبَةٌ، أَمْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِ الزِّنَا لَا يُفَرَّقُونَ.

(ص) وَأَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِزِنًا وَاحِدٍ بِرُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي مَدَارِ الشَّرْعِ عَلَى السَّتْرِ فَضَيَّقَ الْأَمْرَ فِيهِ حَتَّى لَا يُوجَدَ عَلَى هَذَا النَّمَطِ إلَّا الْقَلِيلُ جِدًّا، وَلَا مَفْهُومَ لِأَدْخَلَ بَلْ أَوْ أَوْلَجَ أَوْ رَأَيْنَا فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا، وَالْمَدَارُ عَلَى التَّيَقُّنِ.

(ص) وَلِكُلٍّ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الزِّنَا أَنَّهُ يَنْظُرُ لِلْعَوْرَةِ قَصْدًا لِيَعْلَمَ كَيْفَ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ، وَلَمْ يُجِيزُوا رُؤْيَةَ النِّسَاءِ لِعُيُوبِ الْفَرْجِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ وَهَذَا تَنَاقُضٌ حَيْثُ جَعَلُوا الْمَرْأَةَ مُصَدَّقَةً، وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ فَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ، وَكَذَلِكَ يَشْكُلُ الْفَرْقُ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْإِصَابَةِ، وَهِيَ بِكْرٌ حَيْثُ قَالُوا: تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ، وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ النَّظَرُ إلَخْ بِمَا إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الرُّؤْيَا، وَقَدْ يَتَلَمَّحُ ذَلِكَ الْقَيْدُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ.

(ص) وَنُدِبَ سُؤَالُهُمْ كَالسَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ أُخِذَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ شُهُودَ الزِّنَا كَيْفَ رَأَيْتُمُوهُ يَفْعَلُ بِهَا، وَهَلْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِهَا، أَوْ عَلَى بَطْنِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهَلْ كَانَ ذَكَرُهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، أَمْ لَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يُنْدَبُ لِلْقَاضِي سُؤَالُهُمْ فِي السَّرِقَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَصْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا أَنْ يَذْكُرُوا اتِّحَادَ وَقْتِ الرُّؤْيَا بِأَنْ يَقُولُوا: رَأَيْنَاهُمَا عَقِبَ الْعَصْرِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّوْا فِي أَوْقَاتٍ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا رَاجِعٌ لِلثَّانِي فَلَوْ اجْتَمَعُوا، وَنَظَرَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ تَعَدُّدِ الْوَطْءِ وَالْأَفْعَالُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفُوا فِي أَمَاكِنِ الرُّؤْيَا) بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: رَأَيْتهَا تَزْنِي فِي الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ وَالْآخَرُ يَقُولُ: فِي الْجِهَةِ الْغَرْبِيَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِزِنًا وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ وَرُؤْيَا مَعْطُوفٌ عَلَى وَقْتٍ، وَالْبَاءُ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي حَقِيقَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْأَدَاءِ وَاحِدًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ ظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي بِمَعْنَى فِي مَجَازًا، وَوَجْهُ الْمَجَازِيَّةِ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَيْسَتْ زَمَانًا، وَلَا مَكَانًا أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَيَشْهَدُونَ فِي وَقْتِ الرُّؤْيَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَيْ يَشْهَدُونَ شَهَادَةً مُلْتَبِسَةً بِرُؤْيَا مُتَّحِدَةٍ وَأَرَادَ بِهَا التَّحَمُّلَ أَيْ يَتَحَمَّلُونَ تَحَمُّلًا مُلْتَبِسًا بِرُؤْيَا مُتَّحِدَةٍ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ أَيْ؛ لِأَنَّ الظَّرْفِيَّةَ الَّتِي هِيَ مَدْلُولٌ فِي مُلَابَسَةٍ مُقَيَّدَةٍ أُطْلِقَتْ وَأُرِيدَ بِهَا مُطْلَقُ الْمُلَابَسَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى يُؤَدُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَيَتَحَمَّلُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالشَّهَادَةُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى التَّأْدِيَةِ، وَفِي الْمَعْطُوفِ بِمَعْنَى التَّحَمُّلِ.

(قَوْلُهُ: وَفُرِّقُوا) وُجُوبًا عِنْدَ الْأَدَاءِ بَعْدَ إتْيَانِهِمْ جَمِيعًا فَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ يُؤَدُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ إتْيَانُهُمْ جَمِيعًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ يُفَرَّقُونَ حِينَ التَّأْدِيَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْوَاقِعَ فِي أَزْمِنَةٍ قَرِيبَةٍ كَالزَّمَنِ الْوَاحِدِ، وَقَوْلُهُ: وُجُوبًا كَذَا فِي عب تَبَعًا لتت وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ بِأَنَّ التَّفْرِقَةَ مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الزِّنَا إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِتَفْسِيرِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدُوا) أَيْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ، وَقَوْلُهُ: بِزِنًا وَاحِدٍ أَيْ كَأَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى الطَّوْعِ (قَوْلُهُ: كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ) زِيَادَةُ هَذَا مَنْدُوبٌ، وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ، وَمُفَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الزِّنَا، وَأَمَّا فِي اللِّوَاطِ فَيَقُولُونَ رَأَيْنَا ذَكَرَهُ فِي دُبُرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمَدَارُ عَلَى التَّيَقُّنِ) أَيْ تَيَقُّنِ دُخُولِ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ، وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ بِ أَدْخَلَ شَرْطًا.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِفَةِ الشَّهَادَةِ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ نَظَرٍ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّهُ جَائِزٌ قُلْنَا: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " وَلِكُلٍّ النَّظَرُ " قَصْدَ النَّظَرِ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ تَرْكُ قَصْدِهِ وَتَرْكُ الشَّهَادَةِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا تَنَاقُضٌ) أَيْ تَخَالُفٌ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ) ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا إشْكَالَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الِاسْتِرْسَالَ عَلَى الزِّنَا مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْمُكْثِ مَعَ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ مَعَ وُجُودِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ النَّظَرُ لِلْفَرْجِ لِلْعَيْبِ بِخِلَافِ النَّظَرِ لِلْفَرْجِ لِلتَّحَمُّلِ فَإِنَّ فِيهِ رَفْعَ مُنْكَرٍ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ النَّظَرِ بَلْ يَجُوزُ قَصْدُ النَّظَرِ، وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ الزِّنَا ابْتِدَاءً خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الزَّانِيَ صَارَ مُتَجَاهِرًا بِذَلِكَ حَيْثُ يَقْدَمُ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ وُجُودِ الْغَيْرِ، وَلَا يُبَالِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَلَمَّحُ) أَيْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ الْقَيْدُ أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْقَيْدِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ يَنْبَغِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْوُجُوبَ وَأَصْلُ النَّصِّ يَنْبَغِي فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ النَّدْبَ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ الْوُجُوبَ (قَوْلُهُ: كَالسَّرِقَةِ) يُنْدَبُ سُؤَالُ شَاهِدَيْهَا عَنْ كَيْفِيَّةِ تَوَصُّلِهِمَا لِمَا شَهِدُوا بِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا هِيَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ أَيْ مِنْ أَيِّ الْأَنْوَاعِ هِيَ، وَقَوْلُهُ: وَكَيْفَ أُخِذَتْ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَأَيْنَ ذَهَبُوا هَذَا مُفَادُ التَّشْبِيهِ فَذِكْرُهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ (قَوْلُهُ: وَهَلْ كَانَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ زِيَادَةَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ مَنْدُوبٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَهُمَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ أَمْ لَا)

الصفحة 199