كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

هَذَا تَغَايُرُ الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مَثَّلَ بِهَا الْمُؤَلِّفُ وَمَا فِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِ الْمَوْتِ، وَيَرِثُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى فِي مَالٍ، وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ كَشَاهِدٍ بِوَقْفٍ إلَخْ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ، أَوْ مَبْنِيًّا عَلَى كَوْنِ الْوَقْفِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.

(ص) وَإِلَّا فَعَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ (ش) هَذِهِ هِيَ الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ الْمَالَ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ فَالْبَاءُ فِي بِيَمِينٍ بِمَعْنَى مَعَ ثُمَّ مَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ وَشُفْعَةٍ وَإِجَارَةٍ وَجَرْحٍ خَطَأٍ أَوْ مَالٍ وَأَدَاءِ كِتَابَةٍ وَإِيصَاءٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ) مِنْهَا الْأَجَلُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت عَلَى النَّقْدِ، وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي: بَلْ اشْتَرَيْت إلَى أَجَلٍ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي ابْتِدَائِهِ وَدَوَامِهِ أَوْ انْقِضَائِهِ وَانْصِرَامِهِ، وَمِنْهَا الْخِيَارُ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت عَلَى الْبَتِّ، وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي: إنَّمَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَئُولُ إلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ بِالْبَتِّ وَالْخِيَارِ، وَمِنْهَا الشُّفْعَةُ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّرِيكِ: أَسْقَطْت شُفْعَتَك، وَيَقُولَ الشَّفِيعُ: لَمْ أُسْقِطْهَا وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ أَخْذٍ وَتَرْكٍ وَغَيْبَةِ الشَّفِيعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا الْإِجَارَةُ بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ: آجَرْتنِي بِكَذَا مُدَّةَ كَذَا، وَيَقُولُ الْمَالِكُ: لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنِّي، وَمِنْهَا جُرْحُ الْخَطَأِ بِأَنْ يَقُولَ الْمَجْرُوحُ لِشَخْصٍ مُكَلَّفٍ: أَنْتَ جَرَحْتنِي، وَيُنْكِرَ الْآخَرُ، أَوْ جُرْحُ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ الَّتِي لَا يُقْتَصُّ فِيهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْمَتَالِفِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَمِنْهَا أَدَاءُ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ مَا وَصَلَ إلَيَّ شَيْءٌ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ
وَقَالَ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ: بَلْ أَدَّيْت نُجُومَ الْكِتَابَةِ إلَيْك بِتَمَامِهَا، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي حَتَّى فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى الْعِتْقِ، وَمِنْهَا الْإِيصَاءُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ سَوَاءٌ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَكِنْ قَبْلَ وَفَاتِهِ يَكُونُ وَكَالَةً وَبَعْدَهُ وَصِيَّةً، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ، وَأُجِيبَتْ بِأَنَّ هَذَا إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ كَمَا إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ أَوْ الْوَصَايَا بِأُجْرَةٍ أَوْ رَهْنٍ مَثَلًا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ سِلْعَةٍ لِيَجْعَلَهَا رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ نَفْعٌ، فَإِنْ حَلَفَ ثَبَتَتْ الْوَصَايَا أَوْ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْمُوصِي إنْ كَانَ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْوَصِيِّ وَأَمَّا مُطْلَقُ وَصِيٍّ أَيْ أَنَّهُ وَصِيٌّ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مِثْلَ مُطْلَقِ وَكِيلٍ فَإِذَا كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: مَعَ شَاهِدِ الْمَوْتِ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا فَتَحْلِفُ مَعَهُ وَتَرِثُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْوَقْفِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ حِكْمَةُ تَعْدَادِ الْمُصَنِّفِ الْأَمْثِلَةَ.

(قَوْلُهُ: فَالْبَاءُ فِي بِيَمِينٍ بِمَعْنَى مَعَ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ وَلِذَا شَهِدَتَا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، وَإِنْ طَالَ دَيْنٌ فَفَائِدَةُ حَلِفِهِ عَدَمُ سَجْنِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: كَأَجَلٍ إلَخْ) دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْبَيْعِ، وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا شَاهِدًا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ مَعَ الشَّاهِدِ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي بَلْ اشْتَرَيْت إلَى أَجَلٍ) أَيْ فَهُوَ الْمُدَّعِي فَتَثْبُتُ دَعْوَاهُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ فَالْأَصْلُ النَّقْدُ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي أُسْلُوبٍ آخَرَ كَأَنْ يَقُولَ: وَكَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى التَّأْجِيلِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ: إنَّ مَبْدَأَهَا الْقَعْدَةُ فَالْأَجَلُ بَاقٍ لَمْ يَنْقَضِ، وَيَقُولُ الْبَائِعُ: إنَّ مَبْدَأَهَا شَوَّالٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْأَجَلِ فَيَقْبَلُ دَعْوَى خَصْمِهِ الْمُدَّعِي الِانْقِضَاءَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ يَمِينٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ انْقِضَائِهِ الْمُنَاسِبُ الْوَاوُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَدَّعِي الِانْقِضَاءَ وَالثَّانِي يَدَّعِي الْبَقَاءَ
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت عَلَى الْبَتِّ إلَخْ) أَيْ فَالْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ الْبَائِعُ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَسْقَطْت شُفْعَتَك إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى عَدَمَ الْإِسْقَاطِ فَإِذَنْ مَنْ ادَّعَى الْإِسْقَاطَ هُوَ الْمُدَّعِي فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذٍ وَتَرْكٍ) أَيْ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ فَادَّعَى الشَّفِيعُ بَعْدَهَا أَنَّهُ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَعَلَى الشَّفِيعِ الْبَيِّنَةُ إمَّا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَغَيْبَةِ الشَّفِيعِ) يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا غَابَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: أَنْتِ عَلِمْت بِالْبَيْعِ وَغِبْت غَيْبَةً بَعِيدَةً فَلَا شُفْعَةَ لَك، وَقَالَ الشَّفِيعُ: مَا عَلِمْت بِالْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ إمَّا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمَالِكُ إلَخْ) فَالْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ الْمَالِكُ فَيُثْبِتُ دَعْوَى غَيْرِهِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمَالِكُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمُتَمَسِّكُ بِالْأَصْلِ فَخَصْمُهُ لَا يُثْبِتُ دَعْوَاهُ إلَّا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ: جُرْحُ الْخَطَأِ) وَمِثْلُهُ قَتْلُ الْخَطَأِ، وَقَوْلُهُ: وَيُنْكِرُ الْآخَرُ، هَذَا الْمُنْكِرُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ فَخَصْمُهُ لَا تَثْبُتُ دَعْوَاهُ إلَّا بِمَا قُلْنَا وَقَوْلُهُ بَلْ أَدَّيْت إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَوْلَ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ السَّيِّدِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ نَفْعٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدَيْنِ، وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَيَمِينٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مُطْلَقُ وَصِيٍّ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: الْإِيصَاءُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ أَيْ فَالْوَصِيَّةُ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ وَصِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَوَصِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ فَالْمُقَيَّدَةُ مَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ الَّتِي يَشْرَعُ فِيهَا مُطْلَقَةٌ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْمُطْلَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلشَّاهِدِ نَفْعٌ فَيُكْتَفَى بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ لَا فَرْقَ فِي

الصفحة 201