كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

ادَّعَتْ الْأَمَةُ الْحُرِّيَّةَ أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ مِلْكَهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّامِلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مَأْمُونًا فَلَا حَيْلُولَةَ وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا غَيْرَ الْأَمَةِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ عَدْلًا أَوْ أَقَامَ اثْنَيْنِ يُزَكَّيَانِ فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إنْ طُلِبَتْ الْحَيْلُولَةُ، وَإِلَّا فَلَا فَضَمِيرُ طَلَبَتْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ عَائِدٌ عَلَى الْحَيْلُولَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ حِيلَتْ، وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرٌ مُؤَنَّثٌ مُتَّصِلٌ فَالتَّأْنِيثُ وَاجِبٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ طُلِبَ بِتَرْكِ التَّاءِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ مُذَكَّرًا عَائِدًا عَلَى الْمَنْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ أَوْ رَاجِعًا لِلْمُدَّعَى لَكِنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ: (بِعَدْلٍ أَوْ اثْنَيْنِ يُزَكَّيَانِ) مُتَعَلِّقٌ بِحِيلَتْ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ وَحِيلَتْ أَمَةٌ إلَخْ بِسَبَبِ إقَامَةِ عَدْلٍ يَشْهَدُ لِمُدَّعِي مَا ذُكِرَ أَوْ اثْنَيْنِ مَجْهُولَيْنِ يُزَكَّيَانِ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ.

(ص) وَبِيعَ مَا يَفْسُدُ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ مَعَهُمَا (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلشَّاهِدَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنْ ضَاعَ أَوْ تَلِفَ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قَضَى لَهُ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ مُتَعَلِّقُ وُقِفَ مَحْذُوفٌ، وَقَوْلُهُ: مَعَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِ " بَيْعُ "، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَبِيعَ مَعَ شَهَادَتِهِمَا وَوُقِفَ ثَمَنُهُ بِيَدِ عَدْلٍ

(ص) بِخِلَافِ الْعَدْلِ فَيَحْلِفُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي لَوْ أَقَامَ عَدْلًا يَشْهَدُ فِي شَيْءٍ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الْعَدْلِ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ تَرَكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ بِيَدِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِالنُّكُولِ وَالشَّاهِدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ يَبْقَى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي إنْ أَتَى بِالشَّاهِدِ الثَّانِي وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُتْرَكُ بِيَدِهِ حَوْزًا فَيَضْمَنُهُ، وَلَوْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ وَيَبْقَى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ تَقْرِيرٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ، وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ كَمَا فِي الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ بَلْ جُعِلَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّ مُقِيمَ الْعَدْلِ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَلَمَّا تَرَكَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا صَارَ كَأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ وَمَا قَرَّرْتُهُ مِنْ أَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ امْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ إلَخْ هُوَ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ وَأَبُو حَفْصٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ: لَا أَحْلِفُ الْآنَ لِأَنِّي أَرْجُو شَاهِدًا ثَانِيًا، وَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ حَلَفْت فَإِنَّ الْمُدَّعَى فِيهِ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ بِيَدِ عَدْلٍ كَمَا فِي الْأُولَى.

(ص) وَإِنْ سَأَلَ ذُو الْعَدْلِ أَوْ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَضَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ أُجِيبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا عَدْلًا وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ، وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ حَقُّهُ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا مِثْلُ هَذَا وَسَأَلَ الْمُدَّعِي وَضْعَ قِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ لِيَذْهَبَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ إلَى بَلَدٍ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: ادَّعَتْ الْأَمَةُ الْحُرِّيَّةَ) أَيْ عَلَى تَقْرِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى شَخْصٌ مِلْكَهَا عَلَى تَقْرِيرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ اخْتَلَفَ تَقْرِيرُهُ مَعَ تَقْرِيرِ تِلْمِيذِهِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ) وَكَذَلِكَ إنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ حَيْلُولَةِ الْمَأْمُونِ، وَلَوْ سَافَرَ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَاعِلَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي الْحَيْلُولَةَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمُدَّعِي، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْعِ فَهُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَيْنِ) وَمِثْلُهُمَا بَيِّنَةُ سَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ ثِقَاتٍ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِحِيلَتْ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّمْهُ عَلَى التَّشْبِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قَصْرُ الْعَدْلِ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِي التَّشْبِيهِ التَّمَامَ لَكِنَّ تَأْخِيرَهُ عَنْهَا يَقْتَضِي رُجُوعَهُ لِمَا بَعْدَهَا عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَوُقِفَ ثَمَنُهُ مَعَهُمَا) أَقُولُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَحْتَاجُ لِلتَّزْكِيَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) أَيْ قَبْلَ تَزْكِيَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُقَامَيْنِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقَاضِي) أَيْ وَالْقَاضِي إمَّا أَنْ يَضَعَهُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ يَنْظُرُهُ فَلَا تُخَالِفْ الْعِبَارَةَ الْآتِيَةَ.

(قَوْلُهُ: يَشْهَدُ فِي شَيْءٍ) أَيْ مِمَّا يَسْرُعُ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي) أَيْ، وَلَوْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُتْرَكُ بِيَدِهِ حَوْزًا إلَخْ) أَقُولُ: كَيْفَ يُعْقَلُ هَذَا، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ؛ وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَ عج أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ مِلْكًا لَا حَوْزًا (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) كَانَ الْأَوْلَى الْإِضْمَارَ، وَيَبْقَى بِيَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ) هَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَبِعْ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى إشْكَالٍ وَجَوَابُهُ: وَنَصُّ الْإِشْكَالِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ لَمَّا وُقِفَ مَعَ الْوَاحِدِ وُقِفَ مَعَ الِاثْنَيْنِ فَمَا الْفَرْقُ فَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ مُقِيمَ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَأَلَ ذُو الْعَدْلِ) وَمِثْلُهُ مُقِيمٌ مَجْهُولَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي إجَابَتُهُ لِئَلَّا يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي مِنْهُ الْبَيِّنَةُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ) أَيْ، وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ هَذَا وَاَلَّتِي قَطَعَتْ هِيَ الَّتِي تَقُولُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ أَوْ بِيَدِ عَدْلٍ بِإِذْنِ

الصفحة 204