كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لَا يَعْرِفُ نَسَبَهُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ الْمُعَيَّنَةِ بِصِفَةِ شَخْصِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى اسْمِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْحِلْيَةُ بِحَيْثُ يَبْقَى الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ.

(ص) وَلْيُسَجِّلْ مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ (ش) أَيْ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا بِدَيْنٍ، وَقَالَتْ: إنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَجِّلَ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا يُسَجِّلُ مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الرَّجُلِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الصِّفَةِ فِي ذَلِكَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعَيْنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ زَعَمَتْ وَكَذَلِكَ مَنْ ذَكَرَتْ مَنْ قَالَتْ أَوْ مَنْ زَعَمَ مَنْ قَالَ وَإِنَّمَا خَصَّ النِّسَاءَ؛ لِأَنَّهُنَّ اللَّاتِي يَغْلِبُ فِيهِنَّ ذَلِكَ.

(ص) وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُنْتَقِبَةِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا وَيَعْرِفَهَا الشُّهُودُ مَعْرِفَةً تَامَّةً لِأَجْلِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ، وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً قَوْلُهُ: لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ لَا بِمُنْتَقِبَةٍ أَيْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ وَبِعِبَارَةِ التَّعْلِيلِ لِلنَّفْيِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] أَيْ انْتَفَى جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ لِأَجْلِ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلْأَدَاءِ وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ نَسَبُهَا، وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ الَّتِي لَهَا أُخْتٌ فَأَكْثَرُ إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ عِنْدَ الشَّاهِدِ مِنْ مُشَارِكِهَا.

(ص) وَإِنْ قَالُوا: أَشْهَدَتْنَا مُنْتَقِبَةٌ وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا قُلِّدُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا قَالُوا: شَهِدْنَا عَلَيْهَا فِي حَالِ انْتِقَابِهَا، وَلَا نَعْرِفُهَا إلَّا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لَا نَعْرِفُهَا وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ يُقَلَّدُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ إنْ كَانُوا عُدُولًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُتَّهَمُونَ فِي هَذَا فَقَوْلُهُ: قُلِّدُوا أَيْ وُكِلُوا إلَى دِينِهِمْ فِي تَعَيُّنِهَا، وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْأُولَى فَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الْأُولَى إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً، وَإِلَّا جَازَتْ، وَهِيَ هَذِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (وَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا) أَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ قَدْ حُكِمَ فِيمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُمْ يُقَلَّدُونَ وَإِنَّمَا هِيَ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهَا وَأَنْكَرَتْ وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسْوَةٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا وَانْظُرْ نَصَّ الْمَوَّاقِ مَعَ تَأْوِيلِ عِبَارَتِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ إذَا لَمْ يُخْرِجُوهَا؛ لِأَنَّ عَلَى تُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَعْرِفُ أَهِيَ فَاطِمَةُ أَمْ زَيْنَبُ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى عَيْنِهَا إلَّا أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا فَاطِمَةُ مَثَلًا، وَإِنْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ زَيْدٍ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا؛ وَلِذَا ذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا ابْنَةَ رَجُلٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا شَهِدُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ فِيهَا ظَاهِرٌ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى اسْمِهِ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ أَنَا زَيْدٌ، وَيَكُونُ فِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ عَمْرٌو لَا زَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ مَعْنَاهُ أَوْ يَضَعُ اسْمَهُ بَدَلَ اسْمِ غَيْرِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ يَضَعُ اسْمَهُ بَدَلَ اسْمِ غَيْرِهِ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ تِلْكَ اللَّفْظَةِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ حِينَ التَّحَمُّلِ إذَا أَرَدْنَا بِالْوَضْعِ الْكَتْبَ، وَإِنْ أَرَدْنَا بِهِ مَا يَشْمَلُ الْفِعْلَ وَالْكَتْبَ يَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ عج ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا حِينَ الْأَدَاءِ وَيَحْتَمِلُ حِينَ التَّحَمُّلِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: بَعْدَهُ وَلْيُسَجِّلْ مَنْ زَعَمَتْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا حِينَ الْأَدَاءِ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا حِينَ التَّحَمُّلِ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا أَدَاءً وَتَحَمُّلًا، وَأَمَّا عَدَمُ مَعْرِفَتِهَا حِينَ التَّحَمُّلِ فَلَا يَتَضَمَّنُ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا حِينَ الْأَدَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ مَعْرِفَةٌ بَعْدَ التَّحَمُّلِ.

(قَوْلُهُ: وَلْيُسَجِّلْ مَنْ زَعَمَتْ) وَفَائِدَةُ التَّسْجِيلِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ ثُبُوتِ نَسَبِهَا بِذَلِكَ بَلْ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُعَبِّرْ بِ زَعَمَ، وَلَا مَنْ قَالَ فَذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ بَلْ، وَلَا غَيْرِهِ فَإِذَا شَهِدَتْ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ الْعَالِمَ الْعَلَّامَةَ زَيْدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمِصْرِيَّ اشْتَرَى كَذَا وَكَذَا فَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا شَهَادَةً بِالشِّرَاءِ لَا بِالْعِلْمِ، وَلَا بِالنَّسَبِ، وَأَرَادَ بِالزَّعْمِ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ كَانَ فِي الْوَاقِعِ مُحِقًّا أَوْ مُبْطِلًا (قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ عَلَى الصِّفَةِ) الْمُعْتَمَدُ فِيهَا عَلَى الصِّفَةِ بِأَنْ يَصِفَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى صِفَةَ امْرَأَةٍ ثَبَتَ عَلَيْهَا حَقٌّ فَيَعْتَمِدُ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمَرْأَةِ) أَيْ تَحَمُّلًا فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَتَعَيَّنُ لِلْأَدَاءِ يُفِيدُ قَصْرَهُ عَلَى التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفْيِ) أَيْ: وَهُوَ لَا؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْمَعَانِي يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بِهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهَا تَطْلُبُ أَنْ تَتَعَيَّنَ وَتَتَمَيَّزَ لِلْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِزَوَالِ النِّقَابِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَمَعْرُوفَةِ النَّسَبِ) الْحَاصِلُ أَنَّهَا مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ أَيْ أَنَّهَا بِنْتُ عَمْرٍو، وَلَكِنْ لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ زَيْنَبُ أَوْ فَاطِمَةُ، وَالْحَالُ أَنَّهَا تَقُولُ: أَنَا زَيْنَبُ لَكِنْ يُحْتَمَلُ صِدْقُهَا وَكَذِبُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْأُولَى) أَيْ أَوْ أَنَّك تَقُولُ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أُمِرُوا أَوَّلًا أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ قَلَّدُوا فِي ذَلِكَ، وَقُبِلَ قَوْلُهُمْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ نَصَّ الْمَوَّاقِ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَفِي شَرْحِ هـ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ مَا قَبْلَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ حُكِمَ فِيمَا قَبْلَهَا بِأَنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ، وَإِنَّمَا هِيَ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهَا وَأَنْكَرَتْ وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسْوَةٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا بِأَنْ يَقُولُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا وَفَرَضَهَا الشَّارِحُ وَالْمَوَّاقُ فِيمَنْ يَشْهَدُونَ عَلَيْهَا عَنْ مَعْرِفَتِهِمْ بِعَيْنِهَا وَنَسَبِهَا، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ مَنْ شَهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ عَنْ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا بِأَنْ يَعْرِفُوا أَبَاهَا وَيَحْصُلَ لَهُمْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا بِنْتُهُ بِخَبَرِ مَنْ يَحْصُلُ لَهُمْ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا إنْ قِيلَ لَهُمْ أَخْرِجُوهَا نَعَمْ إنْ انْضَمَّ إلَى شَهَادَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا ذَلِكَ ثُمَّ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَشْهُودِ عَلَى

الصفحة 208