كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ صِحَّةُ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مِمَّا تَتَقَوَّمُ وَأَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا فَلَا تُسْتَأْجَرُ الشَّاةُ لِأَخْذِ نِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا وَلَا الْأَشْجَارُ لِأَخْذِ ثِمَارِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ إلَخْ مَسْأَلَةُ الِاسْتِرْضَاعِ وَمَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا عَيْنٌ أَوْ بِئْرٌ وَشَاةٌ لِلَبَنِهَا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْمَاءُ.

(ص) وَلَا حَظْرٍ وَتَعَيُّنٍ (ش) الْحَظْرُ الْمَنْعُ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَيَّنِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ فَمِنْ أَمْثِلَةِ الْحَظْرِ أَيْ: الْمَنْعِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى صَنْعَةِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ وَاسْتِئْجَارُ الْحَائِضِ عَلَى كَنْسِ الْمَسْجِدِ وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمُتَعَيَّنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

(ص) وَلَوْ مُصْحَفًا وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ وَشَجَرًا لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا (ش) مُبَالَغَةً فِي الْجَوَازِ فِيمَا إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْمُصْحَفِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ إجَارَتَهُ، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ الَّتِي غَمَرَهَا الْمَاءُ بِشَرْطِ عَدَمِ انْتِقَادِ الْأُجْرَةِ فَمَتَى وُجِدَ النَّقْدُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ وَقُيِّدَ بِنُدُورِ الِانْكِشَافِ لِكَوْنِهِ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ انْكِشَافُهُ غَالِبًا فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ أَصْلًا، وَكَذَلِكَ تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِمَنْ يُجَفِّفُ عَلَيْهَا ثِيَابَهُ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ تَنْقُصُ بِذَلِكَ مَنْفَعَتُهَا وَتَتَأَثَّرُ فَقَوْلُهُ وَأَرْضًا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُصْحَفًا فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَلِذَا قُيِّدَ مَحَلُّ الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ؛ إذْ هِيَ جُمْلَةٌ مَاضَوِيَّةٌ حَالِيَّةٌ فَيُقَدَّرُ مَعَهَا قَدْ، وَقَوْلُهُ غَمَرَ مَاؤُهَا صِفَةٌ لِأَرْضٍ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ غَمَرَهَا مَاؤُهَا وَقَوْلُهُ وَشَجَرًا إلَخْ مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مُصْحَفًا فَفِيهِ الْخِلَافُ وَلِذَا قَالَ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخِلَافُ فِيهَا خِلَافٌ فِي حَالِ هَلْ هَذِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا؟

(ص) لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ (ش) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا شَجَرًا لِأَخْذِ ثَمَرِهِ أَيْ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ أَخْذِ ثِمَارِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بَلْ قَبْلَ وُجُودِهَا وَقَوْلُهُ (أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا) يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَا هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ شَجَرًا لِلتَّجْفِيفِ إلَخْ حَيْثُ اسْتَوْفَى شُرُوطَ بَيْعِ اللَّبَنِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّ بَيْعَهُ إنْ وَقَعَ جُزَافًا لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا وَأَنْ يُسَلِّمَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ زَمَنُ الرَّبِيعِ وَأَنْ يَعْرِفَا وَجْهَ حِلَابِهَا أَيْ: قَدْرَهُ لِيَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ مَا بَاعَ وَيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا اشْتَرَى وَأَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَأَنْ يَشْرَعَ فِي ذَلِكَ فِي يَوْمِهِ أَوْ فِي أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ وَأَنْ يُسَلِّمَ إلَى رَبِّهَا لَا إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْكَيْلِ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فَقَطْ وَلَعَلَّ الْجَوَازَ مَعَ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَنَّ الشِّيَاهَ لَمَّا كَثُرَتْ بِأَنْ كَانَتْ عَشْرَةً مَثَلًا وَأَخَذَ لَبَنَ شَاتَيْنِ مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ لَهُ لَبَنَ شَاتَيْنِ غَيْرَ مُعَيَّنَتَيْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنْ لَا قَصْدًا (قَوْلُهُ فَلَا تُسْتَأْجَرُ الشَّاةُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ بَلْ بَيْعُ ذَاتٍ كَمَا فِي عج.

(قَوْلُهُ وَلَا حَظْرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْحَظْرِ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى صَنْعَةِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُصْحَفًا) فَيَجُوزُ إجَارَتُهُ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ تَتَقَوَّمُ أَيْ: تَتَأَثَّرُ بِاسْتِيفَائِهَا؛ لِأَنَّ أَوْرَاقَهُ وَكِتَابَتَهُ تَتَأَثَّرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ مُتَّجَرًا انْتَهَى. وَانْظُرْ لَوْ جَعَلَهُ مُتَّجَرًا هَلْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك أَرْضَك إنْ انْكَشَفَتْ وَلَمْ يَنْفُذْ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عج وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ إجَارَةَ الْأَرْضِ الَّتِي غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الِانْكِشَافِ عَنْهَا أَيْ: الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ وَجَوَازُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ النَّقْدِ فَمَتَى حَصَلَ وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ إجَارَتَهُ) أَيْ: لِأَنَّ إجَارَتَهُ كَأَنَّهَا ثَمَنٌ لِلْقُرْآنِ وَبَيْعُهُ ثَمَنٌ لِلْوَرِقِ وَالْخَطِّ فَابْنُ حَبِيبٍ يُوَافِقُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَيُخَالِفُ فِي إجَارَتِهِ فَقَدْ بِيعَتْ الْمَصَاحِفُ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ فَكَانَ إجْمَاعًا.
(قَوْلُهُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ) أَيْ: وَيَجُوزُ بِشَرْطِ النَّقْدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ انْكِشَافُهُ مُسْتَوِيًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ صُورَةِ النُّدُورِ فِي جَوَازِ الْعَقْدِ وَمِثْلُهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ عَلَى الْأَحْسَنِ) أَيْ: فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ شَجَرًا فَقَطْ (قَوْلُهُ هَلْ هَذِهِ) بَيَانٌ لِلْخِلَافِ فِي حَالِ.

(قَوْلُهُ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) إنَّمَا جَعَلَهُ مَحْذُوفًا؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ إلَّا الْمُفْرَدَاتِ أَيْ: الْأَسْمَاءَ الْمُفْرَدَةَ (قَوْلُهُ أَيْ: لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَشْجَارِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ إطْلَاقَ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِمَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ وَإِنَّمَا فِيهِمَا بَيْعُ ذَاتٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِمَا فِي مُحْتَرَزٍ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا نَعَمْ يَصِحُّ جَعْلُهُمَا مُحْتَرَزَهُ إنْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ لِأَمْرَيْنِ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا وَأَخْذِ ثَمَرَتِهَا وَالشَّاةُ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فِي شَيْءٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِيهِ وَلِأَخْذِ لَبَنِهَا.
(قَوْلُهُ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ فَقَطْ) وَهُوَ قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْدَادِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا أَيْ: فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَجْمُوعُ.
(قَوْلُهُ وَأَخْذُ لَبَنِ شَاتَيْنِ) أَيْ: لَا أَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَأَمَّا لَبَنُ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَهَذَا خَطَأٌ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت قَائِلًا مَعْنَى كَالْعَشَرَةِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَبَنَ عَشْرَةِ شِيَاهٍ مَثَلًا وَمَعْنَى الْقِلَّةِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ هَذَا مَعْنَى الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَمَنْ اشْتَرَى لَبَنَ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا جُزَافًا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا يَسِيرَةً كَشَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ لَمْ يَجُزْ؛ إذْ لَيْسَتْ مَأْمُونَةً وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا كَثُرَ مِنْ الْغَنَمِ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَتْ فِي الْإِبَّانِ وَعُرْفًا وَجْهُ حِلَابِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَإِنْ اشْتَرَى لَبَنَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي إبَّانِهِ فَمَاتَتْ خَمْسٌ بَعْدَ أَنْ حُلِبَتْ جَمِيعُهَا شَهْرًا نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ تَحْلِبُ قِسْطَيْنِ وَالْبَاقِيَةُ قِسْطًا نُظِرَ كَمْ الشَّهْرُ مِنْ الثَّلَاثَةِ فِي قَدْرِ نِفَاقِ اللَّبَنِ وَرُخْصِهِ فَإِنْ قِيلَ النِّصْفُ فَقَدْ قُبِضَ نِصْفُ صَفْقَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهَلَكَ ثُلُثَا النِّصْفِ الْبَاقِي قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ ثُلُثَا نِصْفِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ ثُلُثُ الثَّمَنِ

الصفحة 21