كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

مُتَصَرِّفٍ أَيْ بِالْهَدْمِ وَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَيْ تَصَرُّفًا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْمَالِكُ، وَقَوْلُهُ: لِحَائِزٍ فَلَا يُنْزَعُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْ يَدِ حَائِزٍ سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ.

(ص) وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ بَتًّا تُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ سَمَاعًا إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ اشْتَرَاهُ مِنْ جَدٍّ أَوْ أَبٍ هَذَا الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ بَتًّا فَتُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى بَيِّنَةِ الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ وَلَيْسَتْ مُعَارِضَةً، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِسَمَاعِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ) أَيْ اشْتَرَى الذَّاتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا، وَلَا مَفْهُومَ لِلشِّرَاءِ بَلْ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا كَذَلِكَ فَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ شَهِدَتَا بِالْمِلْكِ لَا أَنَّ إحْدَاهُمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى شَهِدَتْ بِالْحَوْزِ كَمَا فَهِمَ تت وَمَنْ تَبِعَهُ.

(ص) وَوَقْفٍ وَمَوْتٍ بِبُعْدٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ يَعْنِي إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ وَقْفٌ عَلَى الْحَائِزِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ، وَلَيْسَتْ الذَّاتُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِيَدِ أَحَدٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَزِعُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْ يَدِ حَائِزٍ، وَنَحْوُهُ فِي الشَّارِحِ وتت وَالْبِسَاطِيِّ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَالتَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ كَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَنْتَزِعُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مَا شَهِدَتْ بِوَقْفِيَّتِهِ لِغَيْرِ حَائِزِهِ مِنْ يَدِ الْحَائِزِ لَهُ وَكَذَا كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ عَلَى الْمَوْتِ جَائِزَةٌ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ وَقَصُرَ زَمَانُ السَّمَاعِ بِهِ، وَأَمَّا الْبِلَادُ الْقَرِيبَةُ أَوْ فِي بَلَدِ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَتِّ وَمِثْلُهُ لَوْ طَالَ زَمَانُ السَّمَاعِ بِهِ.

(ص) إنْ طَالَ الزَّمَانُ بِلَا رِيبَةٍ وَحَلَفَ وَشَهِدَ اثْنَانِ (ش) هَذِهِ شُرُوطٌ لِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْهَا طُولُ الزَّمَانِ، وَأَقَلُّهُ عِشْرُونَ سَنَةً، فَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ إلَّا عَلَى الْبَتِّ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَوْتِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالسَّمَاعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا قِصَرُ الزَّمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْهَا انْتِفَاءُ الرِّيبَةِ فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فَقَطْ بِمَوْتِ رَجُلٍ مِنْ بَلَدٍ، وَفِيهَا جَمٌّ غَفِيرٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمَا لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِلتُّهْمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِلْمُ ذَلِكَ فَاشِيًا فِيهِمْ أَوْ لَيْسَ فِي الْقَبِيلِ أَسَنُّ مِنْهُمَا، وَمِنْهَا أَنْ يَحْلِفَ الْمَحْكُومُ لَهُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَأَرْبَعِينَ أَوْ عِشْرِينَ عَلَى الْخِلَافِ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ بَيَانِ مُدَّةِ الْحَوْزِ كَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِهَا، وَأَنَّهُ مَتَى طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ كَالْأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ الْعِشْرِينَ وَطَالَ زَمَنُ التَّصَرُّفِ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ صَحَّ شَهَادَةُ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي اشْتِرَاطِ التَّصَرُّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصَرُّفِ أَيْ فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الشَّهَادَةِ طُولُ مُدَّةِ السَّمَاعِ فَقَطْ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْهَدْمِ وَالزَّرْعِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ الْهَدْمِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ نَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِسَمَاعٍ إلَخْ) وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ حَائِزًا لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ النَّاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَزِعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمِلْكِ) أَيْ إلَّا أَنَّ وَاحِدَةً شَهِدَتْ عَلَى الْبَتِّ وَالْأُخْرَى بِالسَّمَاعِ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَهِمَ تت) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَوْزِ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحَائِزِ أَوْ ذِي الْحَوْزِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ إحْدَاهُمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى الَّتِي هِيَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا، وَلَا تَدْرِي مِمَّنْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِسَمَاعٍ أَيْ فَلَمْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ وَإِنَّمَا شَهِدُوا بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ شَخْصٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَلَامُ تت ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَوَقْفٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي مَصْرِفِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَالَهُ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ تَسْمِيَةُ الْوَاقِفِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَمَوْتٌ بِبُعْدٍ) أَيْ بِبَلَدِ ذِي بُعْدٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ الذَّاتُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِيَدِ أَحَدٍ) أَيْ غَيْرِهِ وَجَوَابُ إذَا مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُعْمَلُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) وَبِهِ أَفْتَى عج أَيْ فَيَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا شَهِدَتْ بِوَقْفِيَّتِهِ لِغَيْرِ حَائِزَةٍ) أَيْ وَيَكُونُ النَّزْعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ مُخْتَصًّا بِالْوَقْفِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ لِحَائِزٍ، وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ فِي الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ) أَيْ كَأَرْبَعِينَ يَوْمًا كَبَرْقَةَ مِنْ تُونُسَ وَجَهْلُ مَوْضِعِهِ كَبُعْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ فَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْبَتِّ وَأَمَّا الشَّاهِدَةُ بِالسَّمَاعِ فَلَا تُعْتَبَرُ، وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ لَوْ طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَتِّ وَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ مُسْتَنِدَةً لِلسَّمَاعِ ثُمَّ أَقُولُ مَا وَجْهُ تَعَيُّنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَتِّ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مُسْتَنَدٌ إلَّا السَّمَاعُ وَإِذَا كَانَ مُسْتَنِدًا إلَى السَّمَاعِ فَإِذَنْ يُقَالُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَنَدِ عَلَيْهِ فَمَا وَجْهُ تَعَيُّنِ الْمُسْتَنَدِ فَكَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يُقْدِمُوا عَلَى الْقَطْعِ دَلَّ عَلَى تَسَاهُلٍ فِي دَعْوَى السَّمَاعِ.

(قَوْلُهُ: إنْ طَالَ الزَّمَانُ إلَخْ) هَذِهِ شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ حَائِزًا وَمُتَصَرِّفًا مُدَّةً أَقَلُّهَا عَشَرَةُ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: لِشَهَادَةِ السَّمَاعِ) أَيْ لِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَنِدَةِ فِي شَهَادَتِهَا لِلسَّمَاعِ لَا أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ هُوَ السَّمَاعُ (قَوْلُهُ: وَأَقَلُّهُ عِشْرُونَ سَنَةً) هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ وَمُقَابِلُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (تَنْبِيهٌ) : ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ، وَلَوْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ قِصَرُ الزَّمَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ الْفَاشِي فِي الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَالْمَوْتِ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ طُولِ الزَّمَانِ بِلَا رِيبَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهَا جَمٌّ غَفِيرٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ، وَقَوْلُهُ: غَفِيرٌ مِنْ الْغَفْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ فَهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ سَاتِرُونَ الْأَرْضَ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ فَشَأْنُهُمْ إذَا جَلَسُوا فِي مَوْضِعٍ أَنْ يَكُونُوا مُفْتَرِقِينَ فَلَا يَقَعُ مِنْهُمْ سَتْرٌ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عِلْمُ ذَلِكَ فَاشِيًا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَيْسَ فِي الْقَبِيلِ) الْقَبِيلُ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ بِلَا تَاءِ الْجَمَاعَةِ يَكُونُونَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا

الصفحة 211