كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

شَهَادَةُ السَّمَاعِ ضَعِيفَةٌ فَطَلَبَ فِيهَا الْحَلِفَ، وَمِنْهَا أَنْ يَشْهَدَ بِالسَّمَاعِ اثْنَانِ وَيَكْتَفِي بِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى السَّمَاعِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالْمَالِ، وَإِنْ حَلَفَ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ نَقْلُ الشَّهَادَةِ، وَلَا يَكْفِي نَقْلُ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ اهـ.
وَيُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَيْ، وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَكِنْ فِي الشَّامِلِ أَنَّ فِي رَدِّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِالسَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَلَمَّا كَانَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَا مَدْخَلَ لِلْإِنَاثِ فِيهَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا هُوَ خَاصٌّ بِمُثَنَّى الذُّكُورِ، وَهُوَ اثْنَانِ وَدَعْوَى التَّغْلِيبِ لَا يَنْبَغِي سَمَاعُهُ هُنَا.

(ص) كَعَزْلٍ وَجَرْحٍ وَكُفْرٍ وَسَفَهٍ وَنِكَاحٍ وَضِدِّهَا، وَإِنْ بِخُلْعٍ وَضَرَرِ زَوْجٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوِلَادَةٍ وَحِرَابَةٍ وَإِبَاقٍ وَعَدَمٍ وَأَسْرٍ وَعِتْقٍ وَلَوْثٍ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ، وَهِيَ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِيمَا عَدَّدَ الْمُؤَلِّفُ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، مِنْهَا الْعَزْلُ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ بِعَزْلِ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ الْفُلَانِيِّ، وَمِنْهَا التَّجْرِيحُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِتَجْرِيحِ فُلَانٍ، وَمِنْهَا الْكُفْرُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِكُفْرِ فُلَانٍ، وَمِنْهَا السَّفَهُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِسَفَهِ فُلَانٍ، وَمِنْهَا النِّكَاحُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِالنِّكَاحِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا، وَمِنْهَا ضِدُّ مَا مَرَّ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِتَوْلِيَةِ فُلَانٍ أَوْ بِتَعْدِيلِهِ أَوْ بِإِسْلَامِهِ أَوْ بِرُشْدِهِ أَوْ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ، وَمِنْهَا الْخُلْعُ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا خَالَعَ زَوْجَتَهُ فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ يَثْبُتُ الْعَقْدُ لَا دَفْعُ الثَّمَنِ، وَلَا نَقْدُ الصَّدَاقِ، وَمِنْهَا ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّ فُلَانًا ضَرَّ بِزَوْجَتِهِ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ وَيُطَلِّقُهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَمِنْهَا الْهِبَةُ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّ فُلَانًا وَهَبَ كَذَا لِفُلَانٍ، وَمِنْهَا الْوَصِيَّةُ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ فُلَانًا وَصِيًّا أَوْ أَنَّ فُلَانًا كَانَ فِي وِلَايَةِ فُلَانٍ يَتَوَلَّى النَّظَرَ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهِ بِهِ إلَيْهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ قَاضٍ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمْ أَبُوهُ بِالْإِيصَاءِ، وَلَا الْقَاضِي الْمُقَدَّمِ، وَلَكِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بِالِاسْتِفَاضَةِ مِنْ أَهْلِ الْعُدُولِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَصِحُّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ تَسْفِيهُهُ كَمَا هُوَ نَصُّ الْكَافِي، وَمِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالْحِرَابَةُ وَالْإِبَاقُ وَالْعَدَمُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُثْبِتُ لِلْعَدَمِ الْمَدِينَ أَوْ الْغُرَمَاءَ، وَمِنْهَا الْأَسْرُ، وَمِنْهَا الْعِتْقُ، وَمِنْهَا اللَّوْثُ بِأَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَشَهَادَةُ السَّمَاعِ لَوْثٌ، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ لَا أَنَّهَا يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَحَلَّهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ: اللَّوْثُ اللَّطْخُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْجِرَاحِ وَالْقَسَامَةِ سَبَبُهَا: قَتْلُ الْحَرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ، وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولُوا: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَالَ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ اهـ.
وَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَمِنْهَا النَّسَبُ وَالْوَلَاءُ فَقَوْلُهُ: كَعَزْلِ إلَخْ مُشَبَّهٌ فِي إفَادَةِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِالْكَافِّ لِيَرْجِعَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَضِدِّهَا لِمَا بَعْدَهَا، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ: وَطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ وَنِكَاحٍ؟ وَلَعَلَّهُ لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهَا فِي ضِدِّهَا؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَتِهِ الطَّلَاقَ.

(ص) وَالتَّحَمُّلُ - إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ - فَرْضُ كِفَايَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ - إذَا اُفْتُقِرَ إلَيْهِ - فَرْضُ كِفَايَةٍ لِأَجْلِ حِفْظِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ؛ إذْ لَوْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ، وَقَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عَبْدُ الْمَلِكِ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ) أَيْ فَعُمِلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَدَّدَ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ) أَيْ فَيَكُونُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ مَاشِيًا عَلَى قَوْلٍ وَمَا هُنَا عَلَى قَوْلٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: وَدَعْوَى التَّغْلِيبِ) بِأَنْ يَكُونَ غَلَّبَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى بِأَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِ اثْنَانِ الْمَوْضُوعَةِ لِلذَّكَرَيْنِ تَغْلِيبًا.

(قَوْلُهُ كَعَزْلٍ وَجَرْحٍ إلَخْ) وَمِمَّا يُعْمَلُ فِيهِ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ زِيَادَةً عَلَى الْمُصَنِّفِ الْبَيْعُ وَالصَّدَقَةُ وَالرَّضَاعُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَالْقِسْمَةُ وَالْمَشْهُورُ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا عَدَّدَ الْمُؤَلِّفُ إشَارَةٌ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْعَزْلُ) أَيْ مِنْ مَسَائِلِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا عِشْرِينَ (قَوْلُهُ: بِتَجْرِيحِ فُلَانٍ) أَيْ بِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا كَلَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ أَوْ يُجَرَّحُ، وَلَا يَكُونَانِ قَاذِفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُطَلِّقُهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ) لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ وَرَدَّ الْمَالَ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهُ بِيَمِينٍ لِجَعْلِهِ الْحَلِفَ هُنَا مِنْ شُرُوطِهَا (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ بَابُهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغُرَمَاءَ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّ الْغُرَمَاءَ يُثْبِتُونَ الْعَدَمَ مَعَ أَنَّ غَرَضَهُمْ إنَّمَا هُوَ فِي أَخْذِ حَقِّهِمْ، وَلَا يَكُونُ مَعَ دَعْوَى الْعَدَمِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا ضَمِنَهُ شَخْصٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ الْعَزْلُ وَالْجَرْحُ وَالْكُفْرُ وَالسَّفَهُ، وَهِيَ مُبْعَدَةٌ، وَكَذَا الطَّلَاقُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَلَيْسَ بِمُبْعَدٍ بَلْ مُدْخَلٌ (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ بِخُلْعٍ فَإِنَّهَا فِي ضِدِّ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ وَبَالَغَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ دُخُولِهِ فِي الطَّلَاقِ لِكَوْنِهِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهَذَا يَكْفِي فِي النُّكْتَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ افْتَقَرَ إلَيْهِ) هَذَا إذَا تَعَيَّنَتْ الشَّهَادَةُ، وَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ مَعَ عِلْمِهِ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ هَلْ يُخَاطَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَاطَبَ بِذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ: وَقَوْلُهُ: إنْ افْتَقَرَ إلَيْهِ كَانَ الْمَشْهُودُ فِيهِ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَانَ التَّحَمُّلُ مَكْرُوهًا، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَانَ حَرَامًا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ

الصفحة 212