كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَأَسْجَلَ لِيَحْلِفَ إذَا بَلَغَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ بِيَدِهِ حَوْزًا إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَحَلَفَ أَخَذَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ أَخَذَهُ الصَّبِيُّ مِلْكًا اتِّفَاقًا لَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فَقَوْلُهُ: لِيَتْرُكَ بِيَدِهِ أَيْ حَوْزًا فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ، وَلَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَإِذَا حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَكْتُبُ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَيُسَجِّلُهَا عِنْدَهُ فِي سِجِلِّهِ لِيَحْلِفَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ صَوْنًا لِحِفْظِ مَالِ الصَّبِيِّ وَخَوْفًا مِنْ مَوْتِ الشَّاهِدِ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ فَلَوْ نَكَلَ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يُحَلِّفُ الْمَطْلُوبَ ثَانِيَةً فَقَوْلُهُ: وَأَسْجَلَ أَيْ أَمَرَ بِإِسْجَالِهِ أَيْ إسْجَالِ التَّنَازُعِ وَالدَّعْوَى وَمَا عَلَيْهِ الِانْفِصَالُ فِي الْخُصُومَةِ لِأَجْلِ أَنْ يَحْلِفَ إذَا بَلَغَ.

(ص) كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَإِنَّ وَارِثَهُ يَحْلِفُ الْآنَ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْحَلِفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يُشْعِرُ بِهِ الْكَلَامُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَحْلِفُ إذَا بَلَغَ مَعْنَاهُ وَيَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ اسْتَحَقَّ فَالضَّمِيرُ فِي " وَارِثِهِ " لِلصَّبِيِّ، وَفِي " قَبْلَهُ " يَعُودُ عَلَى الْبُلُوغِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَلَغَ.

(ص) إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا فَفِي حَلِفِهِ قَوْلَانِ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الَّذِي مَعَ الصَّغِيرِ نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ الْيَمِينِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فِي نَصِيبِهِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِحَقٍّ لِصَغِيرٍ وَلِأَخِيهِ الْكَبِيرِ فَيَنْكَلُ الْكَبِيرُ وَاسْتُؤْنِيَ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ الْكَبِيرُ فَفِي حَلِفِ الْكَبِيرِ عَنْ نَصِيبِ أَخِيهِ الصَّغِيرِ الَّذِي وَرِثَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ حِصَّتِهِ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَوَّلًا، وَأَخَذَ حِصَّتَهُ ثُمَّ إنَّهُ وَرِثَ الصَّغِيرُ لَمْ يَأْخُذْ حِصَّتَهُ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ وَعَدَمُ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَكَلَ أَوَّلًا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ قَوْلَانِ قَالَ الْمَازِرِيُّ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ (تَنْكِيتٌ) كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ عَلَى عَادَتِهِ اهـ. تت.

(ص) وَإِنْ نَكَلَ اكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ نَكَلَ وَارِثُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى أَيْ فَلَا تُعَادُ عَلَيْهِ ثَانِيَةً عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ أَيْ مَنْ اسْتَحَقَّ عِنْدَ التَّأْخِيرِ، وَهُوَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ، وَوَارِثُهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ.

(ص) وَإِنْ حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ وَفِي حَلِفِهِ مَعَهُ وَتَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى حَقًّا مَالِيًّا وَأَقَامَ شَاهِدًا، وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَى الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي وَحَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِذَا بَطَلَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ هَذَا الشَّاهِدِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ أَوَّلًا فَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْآنَ مَا يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ لَا يَحْلِفُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ أَوَّلًا فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الطَّالِبَ يَحْلِفُ مَعَ الثَّانِي لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ هَلْ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ بِيَمِينِهِ الْأُولَى سِوَى رَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ فَيَحْلِفُ ثَانِيًا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنْ الْيَمِينِ أَخَذَ الطَّالِبُ الْحَقَّ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ أَوْ لَا يَحْلِفُ ثَانِيًا وَيَسْقُطُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ قَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءِ لِلْبُلُوغِ أَيْ فِيمَا فِيهِ يَمِينُ قَضَاءٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَعْوَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ لَا حَاضِرٍ وَقَامَ لِلصَّبِيِّ شَاهِدَانِ فَيَأْخُذُهُ الْآنَ فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَهُ تَمَّ الْحُكْمُ لَهُ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّ إلَى مَنْ أُخِذَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِيَحْلِفَ إذَا بَلَغَ) وَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، وَقَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَوْ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ) فِيهِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا طَرَأَ لَهُ الْفِسْقُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ يَكُونُ قَادِحًا وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ مُخَصِّصَةٌ لِذَلِكَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ نَزَّلَ فِسْقَهُ بَعْدَ التَّسْجِيلِ مَنْزِلَةَ فِسْقِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْحَلِفِ، وَقَوْلُهُ: يُشْعِرُ أَيْ إنَّمَا قُلْنَا تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ وَالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِهِ الْكَلَامُ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ بَيْتَ مَالٍ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْجُوبَيْ الْإِفَاقَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ أَوَّلًا، وَإِلَّا اكْتَفَى بِيَمِينِهِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ لَهَا، وَلَا حَقَّ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا لِلْمَجْنُونِ وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ الْمَرْجُوُّ كُلّ الْإِفَاقَةِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْتَظَرُ، وَلَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا) فَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ النَّاكِلُ أَوَّلًا فِي حِصَّتِهِ عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ الصَّبِيُّ وَوَرِثَهُ ابْنُ أَخِيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ عَمِّهِ فَقَطْ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكُلْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَوَهَّمُ رُجُوعَ حِصَّةِ أَبِيهِ لَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ يَنْبَغِي إلَخْ) وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبِالتَّرَدُّدِ أَيْ إذَا عَبَّرْت بِالتَّرَدُّدِ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كُلَّمَا تَرَدَّدَ فِي النَّقْلِ عَبَّرَ عَنْهُ بِتَرَدُّدٍ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْبَيَانِ يَحْلِفُ ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ وَرُدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ أَوَّلًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ حِينَ حَلَّفَ الْمَطْلُوبَ عَالِمًا بِذَلِكَ الْآخَرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَلَّفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ فَهَذَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ حَمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ كَانَ بَعِيدًا أَزْيَدَ مِنْ كَالْجُمُعَةِ زَالَ الْإِشْكَالُ إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَحْلِفُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ

الصفحة 215