كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

نَصِيبِهِمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ نَصِيبِ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ فِي تَأْخِيرِ الصَّبِيِّ إذَا نَكَلَ أَخُوهُ الْكَبِيرُ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا يَرْجِعُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي لِبُطْلَانِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِمْ، وَأَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا يَتَلَقَّوْنَهُ عَنْ جَدِّهِمْ الْمُحَبِّسِ فَقَوْلُهُ مُسْتَحِقِّهِ أَيْ مُسْتَحِقِّ نَصِيبِ الْحَالِفِ الَّذِي مَاتَ الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ، وَقَوْلُهُ: مُسْتَحِقِّهِ الْإِضَافَةُ جِنْسِيَّةٌ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ لَا تَبْعِيضِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ هُنَا أَيْ جِنْسُ مُسْتَحَقِّهِ الَّذِي هُوَ بَقِيَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ الْبَطْنِ الثَّانِي فَلَا اعْتِرَاضَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْبَطْنِ الثَّانِي مَعْطُوفٌ عَلَى بَقِيَّةِ، وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَهُنَا مُكِّنَ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مَا نَكَلَ عَنْهَا وَسَيَأْتِي، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ وَتَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا فَفِي حَلِفِهِ قَوْلَانِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لَهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَوَّلِينَ يَسْتَحِقُّونَ بَعْدَ الْحَلِفِ ظَاهِرٌ فِي النَّاكِلِ عَلَى مَا فِيهِ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ فَفِيهِ قَوْلَانِ هَلْ يَحْلِفُ ثَانِيًا أَوْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي فَبَعْدَ الْحَلِفِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ غَيْرُ وَلَدِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالْوِرَاثَةِ.

(ص) وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى حَاكِمٍ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي إلَّا بِإِشْهَادٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانٍ عَلَى لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ فِي أَمْرٍ عَامٍّ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَى حُكْمِي وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ثَبَتَ عِنْدِي مَا إذَا سَمِعَهُ يَقُولُ حَكَمْت بِكَذَا فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِشْهَادٍ، وَقَوْلُهُ: بِإِشْهَادٍ أَيْ وَيَكُونُ حُكْمًا، وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ يَكُونُ تَعْدِيلًا لِلشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا.

(ص) كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَهَادَةِ النَّقْلِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: النَّقْلُ عُرْفًا إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ لِقَاضٍ فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ، وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ قَاضٍ اهـ. قَوْلُهُ: الشَّاهِدِ أَخْرَجَ بِهِ مَنْ لَيْسَ بِشَاهِدٍ إذَا أَخْبَرَ بِمَا سَمِعَ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَطْلَقَ الشَّاهِدَ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ قَوْلُهُ: عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الَّذِي سَمِعَهُ يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ وَعَنْ سَمَاعِهِ مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَضُرُّ هُنَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَسْتَحِقُّ كُلَّ الْبَقِيَّةِ بَلْ بَعْضَ الْبَقِيَّةِ، وَيَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي لَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ الْبَطْنِ الثَّانِي بَلْ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا هَذَا وَجْهُ الِاعْتِرَاضِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاعْتِرَاضَ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالنَّظَرِ لِلْمُتَبَادَرِ مِنْ كَلَامِهِ مِنْ أَنَّهَا تَبْعِيضِيَّةٌ، وَبِجَعْلِهَا بَيَانِيَّةً انْدَفَعَ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لَا بِشَاهِدَيْنِ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْوَقْفَ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: فَهَذَا مُخَالِفٌ لَهُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ حَيْثُ الْقَطْعُ بِدُونِ ذِكْرِ قَوْلَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا هُنَا الْحَقُّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ثَانِيًا غَيْرُ الْحَقِّ الَّذِي نَكَلَ عَنْهُ أَوَّلًا بِخِلَافِ مَا فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ؛ إذْ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ ثَانِيًا غَيْرُ الَّذِي نَكَلَ عَنْهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: ظَاهِرٌ فِي النَّاكِلِ عَلَى مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: هَلْ يَحْلِفُ ثَانِيًا أَوْ لَا) فَالْحَلِفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ عَنْ الْجَدِّ بِطَرِيقِ الْحَبْسِ وَعَدَمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْوَرَثَةِ هَكَذَا الْمُنَاسِبُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ الْعَكْسِ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ النَّاكِلِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَسْتَحِقُّونَ مَعَ بَقِيَّةِ الْحَالِفِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمْ مَوْتٌ، وَهُوَ أَحَدُ تَقْرِيرَيْنِ، وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ بَعْضٌ مِنْ الْحَالِفِينَ أَوَّلًا فَإِنَّهُمْ يَخْتَصُّونَ بِهِ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ مَعَ مَنْ حَلَفَ إنَّمَا يَأْخُذُ النَّاكِلُ إذَا مَاتَ كُلُّ الْحَالِفِينَ أَقُولُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ
(تَنْبِيهٌ) :
مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُعَارِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْهِبَةِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَمِثْلُهَا الْحَبْسُ لَا يُقْضَى بِهِ؛ إذْ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ فَرْعُ الْقَضَاءِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ مِنْ عَدَمِ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْفُقَرَاءِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ طَالِبٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي) أَيْ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ:، وَلَمْ يَشْهَدْ) شُرُوعٌ فِي نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَبَدَأَ بِذِكْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي لِشَبَهِهَا لَهُ لِكَوْنِهَا نَقْلًا لِحُكْمِهِ فَقَالَ: وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى حَاكِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: اشْهَدُوا عَلَى حُكْمِي) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمٌ (قَوْلُهُ: فِي الطَّلَاقِ) أَيْ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِشْهَادٍ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ اشْهَدُوا عَلَى حُكْمِي فَلَوْ حَضَرَ الثُّبُوتُ، وَلَمْ يَشْهَدْهُ فَلَا يَنْقُلُهُ هَذَا الَّذِي حَضَرَ عِنْدَهُ كَمَا فِي شب وَذُكِرَ فِي ك مَا نَصُّهُ: ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي مَبْحَثِ الْأَدَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَفَادَ - إنْ أَشْهَدَهُمَا - أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْهِدْهُمَا وَسَمِعَا قَوْلَهُ مَا فِيهِ حُكْمِي فَإِنَّهُمَا لَا يَشْهَدَانِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ وَلَكِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافُهُ فَإِنَّهُمَا يَشْهَدَانِ حَيْثُ سَمِعَاهُ يَقُولُ مَا فِيهِ حُكْمِي، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا انْتَهَى، وَقَوْلُهُ: وَيَكُونُ حُكْمًا أَيْ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا أَيْ بَلْ ذَلِكَ تَعْدِيلٌ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ كَاشْهَدْ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى حَاكِمٍ أَيْ أَوْ شَاهِدٍ يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ إلَّا بِإِشْهَادٍ وَمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ فَقَوْلُهُ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي مِثَالٌ لِلْإِشْهَادِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا مِثَالٌ لِمَا كَانَ بِمَنْزِلَتِهِ (قَوْلُهُ: لِقَاضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إخْبَارُ الشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ قَاضٍ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ ثُمَّ وَجَدْت مَا يُقَوِّي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) أَيْ احْتَرَزَ عَمَّا إذَا أَخْبَرَ زَيْدٌ الْقَاضِيَ بِأَنَّهُ سَمِعَ عَمْرًا يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ لَكِنَّ إخْبَارَ زَيْدٍ الْقَاضِيَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْلًا فَقَوْلُهُ: لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إذَا أَخْبَرَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ الشَّاهِدُ أَيْ فِي قَوْلِهِ: إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ أَيْ لَا عَلَى مَنْ أَدَّى إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ كَمَا تَبَيَّنَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَخْبَرَ عَنْ الَّذِي سَمِعَهُ يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ) أَيْ لَا عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ تَحَمُّلُهَا، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ أَيْ بِأَنْ سَمِعَ زَيْدًا يَقُولُ أَشْهَدُ عَلَى عَمْرٍو بِكَذَا وَأَشْهَدُ عَلَى

الصفحة 217