كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي اللَّبَنِ وَهَذَا لَا غَرَرَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالشَّاةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجِنْسُ فَيَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ كَمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَمْنُوعِ حَيْثُ انْخَرَمَ بَعْضُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ ذَاتٍ وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْإِجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ.

(ص) وَاغْتُفِرَ مَا فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِالتَّقْوِيمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ فَاشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي إدْخَالَ الشَّجَرِ الْمَذْكُورِ فِي عَقْدِ التَّوَاجِرِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ حَيْثُ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِلَا شَجَرٍ فَيُقَالُ عَشْرَةٌ مَثَلًا وَمَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ مُنْفَرِدَةً بِلَا أَرْضٍ بَعْدَ إسْقَاطِ الْكُلْفَةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِالتَّقْوِيمِ إلَى أَنَّ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ إنَّمَا يُنْظَرُ لَهُ بِالتَّقْوِيمِ لَا بِمَا اُسْتُؤْجِرَ الْعَيْنُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ عَدَمُ اغْتِفَارِ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ شُرِطَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ فَأَقَلُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ اشْتِرَاطٌ لِدُخُولِ الشَّجَرِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ بَلْ هُوَ لِلْمُكْرِي فَقَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا لِيَسَارَتِهِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الشَّجَرِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ، وَأَمَّا لِلزَّرْعِ فَلَا يُغْتَفَرُ اشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ ثُلُثًا قَالَ فِيهَا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ لَمْ يَطِبْ فَاشْتَرَطَهُ فَإِنْ كَانَ تَافِهًا جَازَ وَلَا أَبْلُغُ بِهَذَا الثُّلُثِ اهـ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالزَّرْعِ أَنَّ الزَّرْعَ أَخْفَضُ مِنْ مَرْتَبَةِ الْأُصُولِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ تَجُزْ مَسَاقَاتُهُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَمَنَعَهَا ابْنُ عَبْدُوسٍ رَأْسًا فَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ مَقِيسٌ عَلَى جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ وَمُسَاقَاتُهُ مَقِيسَةٌ عَلَى مُسَاقَاةِ الْأُصُولِ فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَى مَقِيسٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ

. (ص) وَلَا تَعْلِيمُ غِنَاءٍ أَوْ دُخُولُ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ لَا تَجُوزُ وَمِثْلُهُ آلَاتُ الطَّرَبِ كَالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ عَلَى الْعِوَضِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ عَلَى الْمُعَوَّضِ وَلِخَبَرِ «أَنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ، وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ عَلَى أَنْ تَخْدُمَ الْمَسْجِدَ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُتَعَلِّقَةً بِذِمَّتِهَا فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُقِيمَ مَنْ يَخْدُمُ الْمَسْجِدَ عَنْهَا نِيَابَةً لِلضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ دَارِهِ مَثَلًا لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً، وَكَذَلِكَ بَيْعُهَا لِذَلِكَ وَيُرَدُّ الْعَقْدُ إنْ وَقَعَ فَإِنْ فَاتَ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بَعْضِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ لِلْفُقَرَاءِ وُجُوبًا فِي الْإِجَارَةِ وَبِفَاضِلِ الثَّمَنِ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِي الْبَيْعِ بِأَنْ يُقَالَ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً مَثَلًا فَيُقَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ وَمَا تُسَاوِي لَوْ بِيعَتْ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَلَا خَمَّارَةً فَيُقَالُ عَشْرَةٌ فَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعُودُ لِلْمُكْرِي مَا أَكْرَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ وَالْأَرْضُ كَالدَّارِ مِنْ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْكِرَاءِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالزَّائِدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا أَنَّ الدَّارَ لَمَّا كَانَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بَعْدَ بِنَائِهَا غَالِبًا فَكَأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَجْمَعَ وَلَوْ كَانَ مَوْتُ هَذِهِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تَحْلُبَ شَيْئًا لَرَجَعَ بِثُلُثَيْ جَمِيعِ الثَّمَنِ انْتَهَى عِيَاضٌ وَإِنَّمَا جَازَ شِرَاء لَبَن الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ وَلَا تُؤْمَنُ فِيهَا جَائِحَةُ الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ هِيَ آمَنُ مِنْ الْقَلِيلَةِ؛ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ إذَا مَاتَ مِنْهَا بَعْضٌ أَوْ جَفَّ لَبَنُهُ بَقِيَ بَعْضٌ وَقَدْ يَقِلُّ لَبَنُ وَاحِدَةٍ وَيَزِيدُ لَبَنُ أُخْرَى وَالْقِلَّةُ الْمُعْتَادَةُ وَالزِّيَادَةُ الْمُعْتَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَمِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَصْوِيرَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ لِلْكَثِيرَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدٍ كَثِيرٍ وَالشَّاةُ أَوْ الشَّاتَانِ مُعَيَّنَتَانِ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَإِنْ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى كَلَامِهِمَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي السَّلَمِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَجَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ.

(قَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ إلَخْ) مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَأَنْ يَكُونَ طَيِّبَ الثَّمَرَةِ فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَأَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَالْمُكْتَرَاةُ مُشَاهَرَةٌ لَا يُغْتَفَرُ فِيهَا شَيْءٌ وَقَدَّرْنَا قَوْلَهُ فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ أَيْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، أَمَّا إنْ كَانَ وَقْتُ الْكِرَاءِ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ إدْخَالُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.
(قَوْلُهُ فَاشْتَرَطَ الْمُكْتَرِي) إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ إلَّا بِهِ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا سِنِينَ وَبِهَا ثَمَرٌ اشْتَرَطَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَنَةً الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ فِي سَنَةٍ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ وَفِي سَنَةٍ أَكْثَرَ وَإِذَا نَظَرَ إلَى قِيمَةِ جَمِيعِهِ مِنْ الْكِرَاءِ فِي الْمُدَّةِ كَانَتْ الثُّلُثَ لَمْ يَجُزْ وَيَكُونُ الْكِرَاءُ فَاسِدًا فِي الْمُدَّةِ جَمِيعِهَا.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ ثُلُثًا) أَيْ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا أَفَادَهُ الشُّيُوخُ (قَوْلُهُ فَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَخَفَضَ مَرْتَبَةً أَيْ وَلِأَجْلِ الْأَخْفَضِيَّةِ حَكَمُوا بِأَنَّ جَوَازَ اشْتِرَاطِهِ مَقِيسٌ عَلَى جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ.

(قَوْلُهُ كَنِيسَةً) أَيْ أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ مَحَلًّا لِبَيْعِ الْخَمْرِ أَوْ عَصْرِهِ أَوْ مَجْمَعًا لِلْفُسَّاقِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ لَا تَجُوزُ) فِيهِ أَنَّ الْغِنَاءَ الْمُجَرَّدَ عَنْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ الْكَرَاهَةُ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ مَكْرُوهَةً لَا حَرَامًا (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) أَيْ: مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ وَقِيلَ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلَةِ الْكِرَاءَ وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ، وَقِيلَ فِي الْبَيْعِ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ، وَأَمَّا فِي الْكِرَاءِ فَيَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ إنَّ الدَّارَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْظُورَ فِيهَا الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهَا وَيُقَدَّرُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَتِهَا أَيْ: مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ لَا تُقْصَدَ فَلِذَا تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْبَرَاحِ وَبَعْدَ هَذَا فَهُوَ تَكَلُّفٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّ الدَّارَ أَيْ أَرْضَ الدَّارِ وَقَوْلُهُ فَكَأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ الْأَرْضِ أَقُولُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى قَوْلِهِ لِمَا إلَخْ

الصفحة 22