كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

حُدَّ هُوَ وَالسَّابِقَانِ وَغَرِمُوا رُبُعَ الدِّيَةِ وَرَابِعٌ فَنِصْفَهَا (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ سِتَّةٌ بِالزِّنَا عَلَى رَجُلٍ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَلَا غُرْمَ، وَلَا حَدَّ كَمَا مَرَّ فَإِنْ رَجَعَ ثَالِثٌ فَإِنَّ حَدَّ الْقَذْفِ وَاجِبٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ ثَلَاثَةٌ؛ وَلِذَا حُدَّ السَّابِقَانِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا انْتَفَى عَنْهُمَا لِبَقَاءِ أَرْبَعَةٍ بَعْدَهُمَا، وَقَدْ زَالَ بِرُجُوعِ الثَّالِثِ، وَعَلَيْهِمْ غَرَامَةُ رُبُعِ الدِّيَةِ فَقَطْ أَثْلَاثًا، فَإِنْ رَجَعَ رَابِعٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ، وَعَلَى الْأَرْبَعَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ أَرْبَاعًا فَإِنْ رَجَعَ خَامِسٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا فَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ فَجَمِيعُهُمَا بَيْنَهُمْ أَسْدَاسًا، وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذَا لِوُضُوحِهِ.

(ص) وَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ بَعْدَ فَقْءِ عَيْنِهِ، وَخَامِسٌ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ، وَرَابِعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فَعَلَى الثَّانِي خُمُسُ الْمُوضِحَةِ مَعَ سُدُسِ الْعَيْنِ كَالْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّالِثِ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ سِتَّةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِرَجْمِهِ فَلَمَّا شَرَعُوا فِي رَجْمِهِ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَرَجَعَ سَادِسًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي ثُمَّ أَصَابَتْهُ مُوضِحَةٌ فَرَجَعَ خَامِسٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي ثُمَّ ذَهَبَتْ رُوحُهُ فَرَجَعَ رَابِعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَاقِي فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ دِيَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْخَامِسُ خُمُسُ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِشَهَادَةِ خَمْسَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ وَعَلَيْهِ أَيْضًا سُدُسُ دِيَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَعَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ الرَّابِعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَيْنِ، وَلَا مِنْ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي النَّفْسِ كَمَا يَأْتِي وَانْدَرَجَ طَرَفٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَوْجَبَ الْغُرْمَ عَلَى هَذَا السَّادِسِ وَالْخَامِسِ إلَّا رُجُوعُ هَذَا الرَّابِعِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ فَالْجَمِيعُ، وَهَذَا الْفَرْعُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَعَزَاهُ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمَّا شَرَحَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يُسْتَوْفَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الرَّاجِعِينَ رُبُعُ دِيَةِ النَّفْسِ دُونَ دِيَةِ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قُتِلَ بِشَهَادَةِ السِّتَّةِ، وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ تَنْدَرِجُ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَمُكِّنَ مُدَّعٍ رُجُوعًا مِنْ بَيِّنَةٍ كَيَمِينٍ إنْ أَتَى بِلَطْخٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ قَدْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ، وَطَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَيُمَكَّنُ مِنْهُ كَمَا إذَا الْتَمَسَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَمِينَ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُمَا لَمْ يَرْجِعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا مِنْ الْغَرَامَةِ، وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُمَا رَجَعَا وَأَغْرَمَهُمَا مَا أَتْلَفَا فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمَا، وَمَحَلُّ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِدَعْوَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رُجُوعُهُمَا عَمَّا شَهِدَا بِهِ إنْ أَتَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِلَطْخٍ أَيْ بِشُبْهَةٍ فِي دَعْوَى الرُّجُوعِ كَأَنْ يُشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا.

(ص) وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا وَيَغْرَمَانِ مَا أَتْلَفَا بِشَهَادَتِهِمَا كَالرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي.

(ص) وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ وَحَكَمَ فَالْقِصَاصُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا عَلِمَ بِأَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ بِالْجَوْرِ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ لَا مِنْ الشُّهُودِ وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الْقَتْلَ أَمْ لَا كَذَا يُقْتَصُّ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ حَيْثُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ وَتَعَمُّدِهِ وَحْدَهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي وَالْوَلِيُّ بِالْكَذِبِ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِكَذِبِهِمْ بَلْ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْقَوَادِحِ.

(ص) وَإِنْ رَجَعَ عَنْ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الدِّمَاءِ شَرَعَ الْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْفُرُوجِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ، وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ هَذَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ قَدْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إنْ دَخَلَ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ تَنْدَرِجُ) أَيْ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ عَزَاهُ لِمُحَمَّدٍ وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَعْزُهُ فَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِلَّتِي قَبْلَهَا لِبِنَائِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ هَذَا حَاصِلُ الشَّارِحِ إلَّا أَنَّ عج قَالَ فِي تَقْرِيرِهِ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيُمَكَّنُ مِنْهُ) وَفَائِدَةُ تَمْكِينِهِ غُرْمُهُمَا لَهُ وَظَاهِرُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ إقَامَتِهَا، وَلَوْ عَجَّزَهُ الْقَاضِي عَنْ إقَامَتِهَا حَيْثُ نَسِيَهَا وَقْتَ غُرْمِهِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ، وَأَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، وَأَمَّا إنْ عَجَّزَهُ، وَهُوَ يَدَّعِي حُجَّةً فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ يَحْلِفُ عَلَى النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا الْتَمَسَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَجَّزَ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُشَاعَ) أَيْ وَكَإِقَامَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِمَا شَاهِدًا غَيْرَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ) وَمِثْلُ الْحَاكِمِ الْمُحَكَّمُ أَيْ وَيَكُونُ عِلْمُهُ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ فَالْمَفْهُومُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لَوْ حَكَمَ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ لِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ الشُّهُودِ) وَسَوَاءٌ تَعَمَّدُوا أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَاتَ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَا بِشَهَادَتِهِمْ. (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهُمَا) أَيْ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالشَّرْعِ

الصفحة 222