كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ لِلزَّوْجَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا فَنِصْفٌ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ، وَعَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ اسْتَحَقَّتْ النِّصْفَ بِالْعَقْدِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا لَا غُرْمَ عَلَى مَنْ شَهِدَا بِأَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ قَدْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ تُفَوِّتَا عَلَى الْوَلِيِّ إلَّا اسْتِحْقَاقَ الدَّمِ، وَهُوَ لَا يُقَوَّمُ، وَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُؤَدَّبُ الشَّاهِدَانِ فَقَوْلُهُ: كَعَفْوِ الْقِصَاصِ مُشَبَّهٌ فِي قَوْلِهِ: فَلَا غُرْمَ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَخِّرْهُ عَنْ قَوْلِهِ فَنِصْفٌ لِئَلَّا يَفْسُدَ التَّشْبِيهُ قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَلَا غُرْمَ، وَلَا يُقَالُ: الْقَاعِدَةُ الْأَغْلَبِيَّةُ أَنَّ الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَهُنَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْقَاعِدَةِ فِي الْكَافِ التَّمْثِيلِيَّةِ لَا التَّشْبِيهِيَّةِ كَمَا هُنَا (ص) كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي غَرَامَةِ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَكَمَالِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ رُبُعَ الصَّدَاقِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي نِكَاحِ الْمُسَمَّى، وَإِلَّا غَرِمَا جَمِيعَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ الصَّدَاقُ بِالْوَطْءِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَلَا بِالْمَوْتِ.

(ص) وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ عَنْ الطَّلَاقِ (ش) صُورَتُهُمَا امْرَأَةٌ فِي عِصْمَةِ رَجُلٍ نِكَاحُهَا ثَابِتٌ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقِهَا، وَشَهِدَ اثْنَانِ آخَرَانِ بِأَنَّ زَوْجَهَا قَدْ دَخَلَ بِهَا فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ فَإِنَّ الْغُرْمَ لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ مُخْتَصٌّ بِشَاهِدَيْ الدُّخُولِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ إنَّمَا دُفِعَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ الْغُرْمِ فِي ذَلِكَ أَيْ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ بِغُرْمِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا عَنْ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ.

(ص) وَرَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ (ش) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَةَ مَاتَتْ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِطَلَاقِهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِشَاهِدَيْ الدُّخُولِ مَا غَرِمَاهُ لَهُ، وَهُوَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ طَلَاقَهَا وَالْبِنَاءَ بِهَا يُوجِبُ أَنَّ مَوْتَهَا فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ عَلَيْهِ كُلَّ الصَّدَاقِ، وَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ مِنْ إقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ، وَلَوْ قَالَ: وَرَجَعَا عَلَى الزَّوْجِ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ: إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ هُوَ شَرْطٌ فِي رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَشَهِدَا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا لَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لَأَدَّى الْكَلَامُ إلَى أَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ يَرْجِعَانِ عَلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ أَمْ لَا لِإِطْلَاقِهِ مَعَ تَقَدُّمِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فَهِمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا.

(ص) وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ دُونَ مَا غَرِمَ (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ: عَلَيْهِمَا يَرْجِعُ لِشَاهِدَيْ الطَّلَاقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ عِنْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهَا؛ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ يَرِثُهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا لَهَا لِاعْتِرَافِهِ بِكَمَالِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ؛ إذْ هُوَ مُنْكِرٌ لِلطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الْمُثَنَّى رَاجِعٌ لِشَاهِدَيْ الطَّلَاقِ كَمَا قَرَّرْنَا قَوْلُهُ: بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ؛ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ لَا يُفَوِّتَانِ عَلَيْهِ إرْثًا لَكِنْ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَا قَبْلَهَا بَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ) أَيْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ) أَيْ فَقَطْ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا) وَفِي تت وَحُلُولُو: يَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ، وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ

(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ) هَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَإِلَّا فَالتَّفْوِيضُ لَا يُوجِبُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا، وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ. (قَوْلُهُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) وَمِثْلُ مَوْتِ الزَّوْجَةِ مَوْتُ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُحْتَرَزَ اسْتَمَرَّ إنَّمَا مُحْتَرَزُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ اسْتِمْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَا أَيْ وَغَرِمَا أَيْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: مَعَ تَقَدُّمِ الْمَسْأَلَتَيْنِ) مَسْأَلَةُ إنْكَارِهِ، وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرِيبًا، وَمَسْأَلَةُ إقْرَارِهِ أَيْ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِهِ كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَيْ اسْتَمَرَّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ.

(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ يَقْتَضِي خُصُوصَهُ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا.

الصفحة 223