كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْحَقِّ وَاخْتُلِفَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ هَلْ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَغْرَمُ النِّصْفَ، وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لِلِاسْتِظْهَارِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا كَالشَّاهِدِ.

(ص) كَرَجُلٍ مَعَ نِسَاءٍ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَنِسَاءٌ فِي حَقٍّ مَالِيٍّ فَقَضَى عَلَيْهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ فَإِنَّ الْغَرَامَةَ عَلَى الرَّجُلِ شَطْرُهَا وَعَلَى النِّسَاءِ وَإِنْ كَثُرْنَ نِصْفُهَا؛ لِأَنَّهُنَّ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ الرَّجُلَ فَقَطْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْحَقِّ سَوَاءٌ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ حَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُ الْحَقِّ وَعَلَى مَنْ رَجَعَ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ رُبُعُ الْحَقِّ، وَإِنْ كَثُرْنَ.

(ص) وَهُوَ مَعَهُنَّ فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي إذَا شَهِدَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ بِرَضَاعِ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَةٍ وَالنِّكَاحُ بَيْنَهُمَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ فَإِنَّ عَلَى الرَّجُلِ مِثْلَ غَرَامَةِ امْرَأَتَيْنِ مِنْ النِّسَاءِ، وَهَذَا خِلَافُ الْمُرْتَضَى وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الرَّجُلَ مَعَ النِّسَاءِ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الرَّضَاعِ وَمَا شَابَهَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ امْرَأَتَانِ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ مَعَهُنَّ فِيهَا كَامْرَأَتَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّجُلَ فِي شَهَادَةِ الْمَالِ مَعَ النِّسَاءِ كَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ بِمَالٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعَ مَعَهُ بَعْضُ النِّسَاءِ بِحَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ امْرَأَتَانِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى النِّسَاءِ الرَّاجِعَاتِ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرَّجُلِ فِي شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَنِصْفُهَا عَلَى النِّسَاءِ كُلِّهِنَّ وَإِذَا رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ يَكُونُ رُبُعُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى بَقِيَّةِ النِّسَاءِ وَعَلَى الرَّجُلِ نِصْفُهَا هَكَذَا يَنْبَغِي وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ هُوَ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي الرَّضَاعِ وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بِرَضَاعٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِنَّ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ، وَهُوَ امْرَأَتَانِ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ فُشُوٌّ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَى النِّسْوَةِ التُّسْعُ، وَهَلْ يُجْعَلُ الرَّجُلُ كَامْرَأَةٍ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ فِيهِ مَا مَرَّ فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ كَانَ الْغُرْمُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَيْهِنَّ وَهَلْ يُجْعَلُ الرَّجُلُ كَامْرَأَةٍ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ فِيهِ مَا مَرَّ أَيْضًا فَقَدْ بَانَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ النِّسَاءَ تُضَمُّ لِلرَّجُلِ فِي الْغَرَامَةِ فِي شَهَادَةِ الرَّضَاعِ فِي الْحَالَتَيْنِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ فَلَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرَّجُلِ فِي الْحَالَتَيْنِ فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْغُرْمُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى شَاهِدَيْ الرُّجُوعِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ شَهِدَا بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ نَفْسَخُ النِّكَاحَ بِلَا مَهْرٍ، وَإِنْ شَهِدَا بِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمَهْرُ لِلْوَطْءِ وَإِنَّمَا فَوَّتَا بِشَهَادَتِهِمَا الْعِصْمَةَ، وَهِيَ لَا قِيمَةَ لَهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ فَيَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ لِلْبَاقِي مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْإِرْثِ وَيَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَا فَوَّتَاهُ مِنْ الصَّدَاقِ إنْ شَهِدَا بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ.

(ص) وَعَنْ بَعْضِهِ غَرِمَ نِصْفَ الْبَعْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا رَجَعَ عَنْ بَعْضِ مَا شَهِدَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ رُبُعَ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ ثُلُثِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ سُدُسَ الْحَقِّ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ رُبُعِهِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ ثُمُنَ الْحَقِّ.

(ص) وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ فَالْجَمِيعُ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْضُهُمْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الرَّاجِعِ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ وَكَانَ الْبَاقِي لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ فَإِنَّ الرَّاجِعِينَ يَدْخُلُونَ فِي الْغَرَامَةِ عَلَى السَّوَاءِ فَقَوْلُهُ: فَالْجَمِيعُ أَيْ فَجَمِيعُ الرَّاجِعِينَ يَغْرَمُونَ مَا رَجَعُوا عَنْهُ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ وَغَيْرُهُ وَمَا هُنَا يُضْعِفُ قَوْلَهُ أَوَّلًا كَاثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَوَّلَ هُنَا عَلَى مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ وَالْحُكْمُ فِي الرَّضَاعِ يَسْتَقِلُّ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الرَّجُلَ مَعَهُنَّ كَاثْنَتَيْنِ مَا كَانَ الْحُكْمُ يَسْتَقِلُّ إلَّا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(ص)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ لِلِاسْتِظْهَارِ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ تَشْبِيهٌ) لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَبْلَهُ (فَإِنْ بَقِيَ إلَخْ) وَمُفَادُهُ أَنَّ التَّشْبِيهَ جَارٍ فِي كُلِّ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَنْ رَجَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ قَالَ عب فَعَلَيْهَا رُبُعُ الْحَقِّ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَثْبُتَ غُرْمُ النِّصْفِ الْبَاقِي عَلَى الْجَمِيعِ

(قَوْلُهُ: تُضَمُّ فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ حَالَةِ مَا إذَا بَقِيَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَبْقَى شَيْءٌ (قَوْلُهُ: فَلَا تُضَمُّ فِي الْحَالَتَيْنِ) الْأَوْلَى فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ
الْأُولَى: مَا إذَا رَجَعَ الرَّجُلُ وَرَجَعَ النِّسْوَةُ كُلُّهُنَّ
الثَّانِيَةُ: مَا إذَا رَجَعَ الرَّجُلُ وَبَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَانِ فَقَطْ، وَلَمْ يَرْجِعَا
الثَّالِثَةُ: إذَا رَجَعَ الْمَرْأَتَانِ بَعْدَ ذَلِكَ
الرَّابِعَةُ: مَا إذَا رَجَعَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَقِيَّتَيْنِ
الْخَامِسَةُ: مَا إذَا رَجَعَتْ الْأَخِيرَةُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمَانِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: بَلْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا فَيَغْرَمَانِ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ حَيْثُ فُسِخَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهَا أَنْ تَقُولَ فَوَّتُّمَا عَلَيَّ بِشَهَادَتِكُمَا ثُمَّ رُجُوعِكُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ نِصْفَ الصَّدَاقِ لَوْ طَلَّقَنِي قَبْلَهُ فَلَهَا النِّصْفُ.

(قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ فِي الرَّضَاعِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْحُكْمُ فِي الرَّضَاعِ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِامْرَأَتَيْنِ كَمَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ فَلَوْ جَعَلَ الرَّجُلَ كَامْرَأَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِامْرَأَتَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِّ ثَالِثَةٍ لَهُمَا، وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يَظْهَرُ.

الصفحة 228