كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُ أَطْلَقَ الْجِنْسَ وَأَرَادَ بِهِ النِّصْفَ الَّذِي فِي الْخَيْلِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ مُطْلَقُ الْحَيَوَانِ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ وَأَرَادَ بِهِ بَعْضَ أَفْرَادِ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَهُوَ الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ مِنْ الْجِمَالِ.

(ص) وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى إنْ لَمْ يَقْوَ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ وَإِلَّا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ كَثِيرَةٍ لَا يَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ يَقْوَى بِهِ فَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ رَبُّهَا أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ فَإِنْ رَعَى غَيْرَهَا بَعْدَ الشَّرْطِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِرَبِّ الْغَنَمِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِمُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَجْرَ لَهُ وَيَسْقُطُ حِصَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَثَلًا مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِمُشَارِكٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى وَيُحْتَمَلُ ضَمِيرٌ أَوْ تَقِلُّ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْأُولَى وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْبِسَاطِيِّ لَكِنْ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ رَعْيِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ الْقُوَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ خِلَافُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ أَيْ فَلَوْ كَانَ لَهُ مُشَارِكٌ أَوْ قَلَّتْ جَازَ لَهُ رَعْيُ أُخْرَى مَا لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ أَيْ: خِلَافَ رَعْيِ أُخْرَى بِأَنْ سَكَتَ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا.

(ص) وَلَمْ يَلْزَمْهُ رَعْيُ الْوَلَدِ إلَّا لِعُرْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْعَى مَا وَلَدَتْهُ الْغَنَمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُهُمْ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَعَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ بِرَاعٍ مَعَهُ لِئَلَّا يَتْعَبَ رَاعِي الْأُمَّهَاتِ إذَا فَارَقَتْ أَوْلَادَهَا لَا لِأَجْلِ التَّفْرِقَةِ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِمَنْ يَعْقِلُ عَلَى مَا مَرَّ.

(ص) وَعُمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ وَنَقْشِ الرَّحَى وَآلَةِ بِنَاءٍ (ش) أَيْ وَعُمِلَ بِالْعُرْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ النَّاسِ أَنَّ الْخَيْطَ عَلَى الْخَيَّاطِ وَآلَةَ الْبِنَاءِ وَنَقْشَ الرَّحَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قُضِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ قُضِيَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ فَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّهِ) وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْكَسْرِ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَدَابَّةٌ لِرُكُوبٍ إنْ عُيِّنَتْ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ الَّذِي إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ أَطْلَقَ الْجِنْسَ وَأَرَادَ بِهِ النَّوْعَ كَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُطْلَقُ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ إلَخْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَأَطْلَقَ النَّوْعَ وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ وَهُوَ الْبُخْتُ وَالْعِرَابُ مِنْ الْجِمَالِ مَثَلًا.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ التَّعْيِينِ إذَا كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الصِّنْفَانِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الْبُخْتُ أَوْ الْعِرَابُ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الصِّنْفِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَاعٍ إلَخْ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى بِكُلِّ حَالَةٍ إلَّا بِحَالَةِ الْمُشَارَكَةِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ إلَخْ) قَالَ عج وَطَرِيقَةُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا وَحْدَهَا، فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ فَقَدْ نَقَصَ الْخَمْسُ فَيُخَيَّرُ مُسْتَأْجِرُهُ بَيْنَ أَنْ يَنْقُصَهُ الْخَمْسَ مِنْ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَخْذِ مَا أَجَّرَ بِهِ نَفْسَهُ وَيَجْرِي نَحْوُهُ فِي أَجِيرِ الْخِدْمَةِ قَالَهُ ح وَهَذَا حَيْثُ عَمِلَ بِأَجْرٍ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ فَأَجَّرَهُ فَإِنْ عَمِلَ مَجَّانًا فَإِنَّهُ يُسْقِطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ لِغَيْرِهِ أَيْ: بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمُسَمَّى.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِمُسْتَأْجَرِهِ الْأَوَّلِ) هَذَا حَيْثُ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِيمَا يُشْبِهُ أَجْرُهُ أَجْرَ الْأَوَّلِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ شَهْرًا بِدِينَارٍ فَيُؤَجِّرُ نَفْسَهُ فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ يَوْمًا بِدِينَارٍ أَوْ قَاتَلَ فَيَدْفَعُ لَهُ فِي سَهْمِهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ بِهَا مُدَّةَ تَعْطِيلِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ عَمِلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلِلْأَجِيرِ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ لِلْأَوَّلِ وَهَذَا حَيْثُ عَطَّلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَجْرُ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ أَوْ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَقُولُ إذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ عَدَمَ الْقُوَّةِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ رَعْيُ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً كَانَتْ الثَّانِيَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعًا أَيْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَوْ تَقِلُّ مَعَ الْقُوَّةِ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ تَقِلُّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَقْوَى إذَا كَانَ مَعَهُ مُشَارِكٌ أَوْ قَلَّتْ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِالنِّسْبَةِ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ لِلْفِعْلِ عَلَى اسْمٍ يُشْبِهُ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ مُشَارِكٌ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَعْيِ غَنَمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدَهَا فَذَكَرَ بَهْرَامُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رِعَايَةُ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ كُلَّهَا صَارَتْ لِمُسْتَأْجَرِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى غَنَمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَعْزٍ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ تَعَبًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
(تَنْبِيهٌ) : ج قَالَ ابْنُ نَاجِي أَقَامَ شَيْخُنَا مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَدِّبَ أَيْ: وَمَنْ يُشْبِهُهُ مِنْ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ لَا يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا يُطِيقُ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَلَدِ الْغَنَمِ لَا يَلْزَمُهُ رَعْيُهُ وَوَلَدِ الْمَرْأَةِ الَّذِي وَضَعَتْهُ فِي السَّفَرِ يَلْزَمُ الْجَمَّالَ حَمْلُهُ أَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ أَوْلَادِ الْغَنَمِ ضَرَرُ الرَّاعِي وَحِينَ الْعَقْدِ لَا أَوْلَادَ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ وَالضَّرَرُ الْحَاصِلُ لِلْجَمَّالِ مَشَقَّةُ الْحَمْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مَحْمُولًا قَبْلَ وَضْعِهِ فَيُسْتَصْحَبُ.

(قَوْلُهُ آلَةُ بِنَاءٍ) مِنْ أَدَاةٍ وَفُئُوسٍ وَقِفَافٍ وَدِلَاءٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِالنَّظَرِ لِآلَةِ الْبِنَاءِ وَالْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فِي ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَبِكَسْرِ الْجِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِنَقْشِ الرَّحَى وَهُوَ مَنْ اسْتَأْجَرَ الرَّحَى مِنْ رَبِّهَا لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ) بِالْكَسْرِ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ رَبُّ الثَّوْبِ وَقَوْلُهُ وَالْأَخِيرَةُ أَيْ: الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّقِيقِ وَقَوْلُهُ وَرَبُّ الرَّحَى فِي الْوُسْطَى أَيْ: الَّذِي

الصفحة 24