كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْأَمْرِ ثُمَّ كَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يَزِيدَ الْآنَ، وَإِلَّا فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَلَفَ مِنْهُ سَلَفًا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ وَقْفٌ أَوْ لِوَلَدِي لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ مِنْ بَيِّنَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا مُعَيَّنًا بِيَدِ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ وَقْفٌ أَوْ هُوَ لِوَلَدِي فَقَدْ سَقَطَتْ مُنَازَعَةُ هَذَا الْمَطْلُوبِ وَتَصِيرُ بَيْنَ الطَّالِبِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلِيِّ الصَّغِيرِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا.

(ص) وَإِنْ قَالَ: لِفُلَانٍ فَإِنْ حَضَرَ ادَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَغَرِمَ مَا فَوَّتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى مَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ دَارِ أَوْ غَيْرِهَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَا حَقَّ لِي فِيهِ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ حِينَئِذٍ تَتَوَجَّهُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُقَرِّ لَهُ، وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى غَيْبَتِهِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى حُضُورِهِ وَتَصْدِيقِهِ، وَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَجِبُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ وَأَخَذَ الشَّيْءَ الْمُقَرَّ لَهُ بِهِ فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ حَقٌّ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَهِيَ يَمِينُ تُهْمَةٍ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَغَرِمَ الْمُقِرُّ مَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ فَإِنْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ أَوَّلًا، وَهُوَ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ وَيُثْبِتُ حَقَّهُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

(ص) أَوْ غَابَ لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ سَابِقًا: فَإِنْ حَضَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يَلْزَمُ الْإِعْذَارُ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنَّ الْمُقِرَّ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّ إقْرَارَهُ حَقٌّ لِاتِّهَامِهِ أَنَّهُ أَرَادَ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَحِينَئِذٍ تَنْتَقِلُ الْحُكُومَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا حَضَرَ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَيَصِيرُ تَحْتَ يَدِهِ حَائِزًا لَهُ إلَى حُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ غَابَ إلَخْ ظَهَرَتْ الْمُقَابَلَةُ لِقَوْلِهِ حَضَرَ، وَقَوْلُهُ: وَانْتَقَلَتْ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لَزِمَهُ يَمِينٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَزِمَهُ يَمِينٌ فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَ بِيَدِهِ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ: (ص) فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ (ش) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ وَعَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَعَلَى هَذَا فَالْمُقَرُّ لَهُ حَيْثُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُقِرِّ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً وَنَكَلَ، وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي، وَهَلْ يَأْخُذُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ح أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمُقِرُّ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ وَأَمَّا إنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ، وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي فَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَمَفْهُومُ صَدَّقَ الْمُقِرَّ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ سَقَطَ حَقُّهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ الْمَازِرِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عِنْدَنَا أَوْ يُسَلَّمُ لِمُدَّعِيهِ؛ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَبَيْتُ الْمَالِ لَمْ يَحُزْ حَتَّى يُدَافِعَ الْإِمَامُ عَنْهُ الْمُدَّعِيَ كَمَا قِيلَ فِيمَا أَخَذَهُ السَّلَّابَةُ فَأَخَذَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِمُدَّعِيهِ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَالْإِيَاسِ مِمَّنْ يَطْلُبُهُ أَوْ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ أَقْوَالٌ انْتَهَى تت وَأَصْلُهُ لِلشَّارِحِ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ وَالْمُدَّعِي فِيمَا يَظْهَرُ فَإِذَا انْتَفَى مِلْكُ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ بَقِيَ لِلْمُدَّعِي.

(ص) وَإِنْ اسْتَحْلَفَ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ كَالثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِهَا، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْ يُقَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ: وَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْيَمِينِ أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلَّفِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إذَا كَانَ الْمُحَلِّفُ هُوَ الْحَاكِمَ ذَكَرَهُ الْبَدْرُ، وَأَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا ضَرُورَةَ تُلْجِئُهُ إلَى أَنْ يَقُولَ مَا أَسْلَفَنِي اهـ. لَكِنَّ الَّذِي فِي النَّصِّ مَا لِلْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى أَسْلَفَنِي، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُعْسِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذَا خَافَ أَنْ يُحْبَسَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَذَلِكَ، وَإِعْسَارُهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ، وَأَنَّهُ حَقِّي

(قَوْلُهُ: مِلْكٌ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ أَيْ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ح) وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ عج أَنَّهُ بِيَمِينٍ فِي الْأَوَّلَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ لَهُ وَيَمِينَهُ أَنَّهُ لَهُ كَشَاهِدٍ حَيْثُ كَانَ عَدْلًا وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا فِي غَيْبَتِهِ حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ بِالْمِلْكِيَّةِ بَلْ بِالْإِعَارَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الرَّهْنِ كَذَلِكَ فَإِنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِيَّةِ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا كَمَا قَالُوا (قَوْلُهُ: كَمَا قِيلَ فِيمَا أَخَذَهُ السَّلَّابَةُ) قَدْحٌ فِي الْقِيَاسِ عَلَى السَّلَّابَةِ أَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهِ لِغَيْرِ مَنْ يَدَّعِيهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَّابَةِ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِهِ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي مِنْ مَسْأَلَتِنَا، وَانْظُرْ هَلْ تَجْرِي تِلْكَ الْأَقْوَالُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَاضِرِ أَيْضًا حَيْثُ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْمُدَّعِي أَمْ لَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَيَقْدَحُ فِي الْقِيَاسِ الْقَدْحُ الْمَذْكُورُ، وَأَرَادَ أَنَّ قَيْدَ أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالِاسْتِثْنَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السَّلَّابَةِ فَحِينَئِذٍ يَقْدَحُ فِيهِ إلَخْ، وَإِنْ أُرِيدَ الْقِيَاسُ فِي مُجَرَّدِ أَخْذِهِ بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ فِي الْمَقِيسِ فَلَا قَدْحَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَالْجُمُعَةِ) أَيْ مَعَ الْأَمْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَالْجُمُعَةِ نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ مَعَ عَامِلِهِ عَلَى حَذْفِهَا قَوْلُهُ: حَاضِرَةٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ غَائِبَةٌ غَيْبَةً مِثْلَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً بَعِيدَةً سُمِعَتْ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا قَالَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْجُمُعَةِ يَقُومُ بِهَا، وَلَوْ حَلَّفَهُ عَالِمًا بِهَا وَانْظُرْ مَا الَّذِي يُوَافِقُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ شَارِحِ الْمُدَوَّنَةِ: التَّنْظِيرُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ذَهَابًا وَإِيَابًا) الْمُنَاسِبُ ذَهَابًا فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: تَفْصِيلًا أَيْ الَّذِي أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ حَاضِرَةٌ أَوْ

الصفحة 240