كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَرَبُّ الرَّحَى فِي الْوُسْطَى وَبِعِبَارَةِ وَنَقْشُ الرَّحَى يَعْنِي أَنَّ أُجْرَةَ نَقْشِ الرَّحَى يُعْمَلُ فِيهَا عَلَى الْعُرْفِ بَيْنَ رَبِّ الرَّحَى وَرَبِّ الدَّقِيقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّقِيقِ فَصُورَتُهَا أَنَّ الرَّحَى مُكْتَرَاةٌ لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا فَقَوْلُهُ رَبُّهُ أَيْ: رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ (ص) عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهِهِ (ش) الْعَكْسُ هُنَا حَيْثُ لَا عُرْفَ أَيْ فَالْأَمْرُ مَعْكُوسٌ فِي الْإِكَافِ وَهُوَ شَيْءٌ يُرْكَبُ عَلَيْهِ أَصْغَرُ مِنْ الْبَرْدَعَةِ وَشِبْهُهُ مِنْ سَرْجٍ وَلِجَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأُمُورِ السَّابِقَةِ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي وَهُنَا عَلَى الْمُكْرِي هَذَا حَقِيقَةُ الْعَكْسِ وَلَوْ كَانَ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا فَهِمَ الشَّارِحُ لَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ: هَذَا عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهِهِ.

(ص) وَفِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَعَالِيقِ (ش) أَيْ، وَكَذَلِكَ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ وَمِقْدَارِ الْإِقَامَةِ بِهَا وَفِي الْمَعَالِيقِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُسَافِرُ لِلسَّمْنِ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ وَفِي السَّيْرِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْخَيْطِ وَكَأَنَّهُ أَعَادَ الْجَارَّ لِلْبُعْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ وَإِلَّا فَسَدَ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا الْمَعَالِيقُ وَمَا مَعَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لِحَمْلِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ حَمْلُهَا.

(ص) وَالزَّامِلَةِ وَوِطَائِهِ بِمَحْمَلٍ وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ وَتَوْفِيرِهِ (ش) الزَّامِلَةُ الْخُرْجُ وَنَحْوُهُ فَيُرْجَعُ فِي حَمْلِهِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ حَمْلُ ذَلِكَ وَهَكَذَا يَرْجِعُ فِيمَا تَحْتَ الْمُكْتَرِيَ فِي الْمَحْمَلِ مِنْ فِرَاشٍ إلَى الْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ إذَا نَقَصَ الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يُعَوِّضَ بَدَلَهُ أَوْ أَرَادَ صَاحِبُهُ تَوْفِيرَهُ مِنْ الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَأَرَادَ الْمُكْرِي تَخْفِيفَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا نَقَصَتْ زَامِلَةُ الْحَاجِّ أَوْ نَفِدَتْ فَأَرَادَ إتْمَامَهَا وَأَبَى الْجَمَّالُ حَمَلَا عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ وَقَالَ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ فَعَلَيْهِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرَطِ إلَى تَمَامِ غَايَةِ الْكِرَاءِ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ الْمُشْتَرَطُ بِمَطَرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُ الْوَزْنِ الْمُشْتَرَطِ قَالَهُ سَحْنُونَ.

(ص) كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ قَائِلَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً كَاللَّيْلِ وَالْقَائِلَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَائِلَةٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي اللُّبْسِ لَزِمَ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامِ لُبْسِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِمَّا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْمَكَانِ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ هُنَا فِي الزَّمَانِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَنْ اكْتَرَى عَلَى مَتَاعِ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ وَفِي الطَّرِيقِ نَهْرٌ لَا يُجَازُ إلَّا عَلَى الْمَرْكَبِ وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ كَالنِّيلِ وَشِبْهِهِ فَجَوَازُ الْمَتَاعِ عَلَى رَبِّهِ وَالدَّوَابِّ عَلَى رَبِّهَا وَإِنْ كَانَ يُخَاضُ فِي الْمَخَائِضِ فَاعْتَرَضَهُ حَمْلَانِ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَحَمْلُ الْمَتَاعِ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَتِلْكَ جَائِحَةٌ نَزَلَتْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ النَّهْرُ شَتْوِيًّا يَحْمِلُ بِالْأَمْطَارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْتُ الْكِرَاءِ قَدْ عَلِمُوا جَرْيَهُ وَعَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ الْمُسْتَأْجَرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ طَاحُونَةً (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْأُولَى قَطْعًا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ عَلَى الْأُولَى الرَّحَى؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِيهَا النَّقْشَ وَعَلَى الثَّانِيَةِ الْقَمْحُ؛ لِأَنَّهُ صَنَعَ فِيهَا الطَّحْنَ (أَقُولُ) وَذَهَبَ شب إلَى الثَّانِيَةِ جَاعِلًا الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ الدَّقِيقَ وَذَهَبَ عب إلَى الْأُولَى جَاعِلًا الشَّيْءَ الْمَصْنُوعَ الرَّحَى وَكَلَامُ شَارِحِنَا فِي حَلِّ عَكْسِ إكَافٍ وَشِبْهِهِ يُقَوِّي الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عُرِفَ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَهُوَ الْمُكْتَرِي وَهُنَا عَلَى الْمُكْرِي وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَبَّ الرَّحَى مُكْرٍ لَكِنْ قَالَ شب فِي شَرْحِهِ إنَّ رَبَّ الرَّحَى مُكْتَرٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الرَّحَى اكْتَرَى مَنْ يَطْحَنُ لَهُ قَمْحَهُ وَنَحْوَهُ عَلَى رَحَاهُ انْتَهَى أَيْ فَصَارَ رَبًّا لِلدَّقِيقِ، وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ رَبَّ الرَّحَى صَارَ رَبًّا لِلشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ أَرَدْت بِهِ الرَّحَى أَوْ الدَّقِيقَ فَحَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْجَمْعُ فَيُقْرَأُ قَوْلُهُ فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ الَّذِي هُوَ الْبَنَّاءُ وَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ رَبُّ الرَّحَى لِيَطْحَنَ لَهُ عَلَيْهَا قَمْحَهُ.
(أَقُولُ) وَيَبْقَى الْكَلَامُ حِينَئِذٍ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ طَاحُونًا مِنْ رَبِّهَا يَطْحَنُ عَلَيْهَا لِلنَّاسِ أَوْ لِرَبِّهَا وَلِلنَّاسِ فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لِهَذَا الْجَمْعِ جَاءَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ لَكِنْ يُقَالُ مَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ حِينَئِذٍ.
(تَتِمَّةٌ) اخْتَلَفَ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنَائِعِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى صَنْعَتِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ الْبِسَاطِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ التَّتِمَّاتِ كَالْخَيَّاطِ لَمْ يُجْبَرْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْحَاجِيَّاتِ أُجْبِرَ كَالْفَرَّانِ انْتَهَى (قَوْلُهُ شَيْءٌ يُرْكَبُ عَلَيْهِ أَصْغَرُ مِنْ الْبَرْذَعَةِ) هَذَا مَا عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَيْ: يَرْكَبُ عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ الْبَرْذَعَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُجْعَلُ تَحْتَ الْبَرْذعَةِ أَوْ فَوْقَهَا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْبَرْذَعَةُ أَيْ: بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالذَّالِ الْمُهْمَلَةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُكْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّقِيقِ فَهُوَ يُؤَيِّدُ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا.

(قَوْلُهُ فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ) أَيْ مِنْ السَّيْرِ مَنْ هُوَ بَنَى أَوْ جَدَّ أَوْ تَوَسَّطَ وَقَوْلُهُ وَالْمَنَازِلُ أَيْ: مَوَاضِعُ الْمَنَازِلِ وَلَوْ أَرَدْنَا بِأَحْوَالِ السَّيْرِ كَثْرَةً أَوْ قِلَّةً لَاسْتَلْزَمَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي مَوَاضِعِ النُّزُولِ هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَقَوْلُهُ وَالْمَعَالِيقُ جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ وَهُوَ مَا يُعَلِّقُهُ الْمُسَافِرُ مَعَهُ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ وَوِطَائِهِ) وَكَذَا الْغِطَاءُ وَسَكَتَ عَنْهُ مَعَ أَنَّهُ مِمَّا يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِيهِ لِفَهْمِهِ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِخِلَافِ وَطَائِهِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ) أَيْ: تَبْيِينٌ لِقَوْلِهِ حَمْلًا عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ.

(قَوْلُهُ كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ إلَخْ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا كَمَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ إلَّا أَنَّ الْكَسْرَ أَفْصَحُ (قَوْلُهُ وَشِبْهُهُ) أَيْ: كَسَيْلٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُخَاضُ) أَيْ: النَّهْرُ وَقَوْلُهُ فِي الْمَخَائِضِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مَعْدُودًا فِي الْمَخَائِضِ أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْمَخَائِضِ وَكَأَنَّهُ جَمْعُ مَخَاضَةٍ (قَوْلُهُ فَاعْتَرَضَهُ حِمْلَانِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا فِي ضَبْطِ بَعْضِ شُيُوخِنَا أَيْ سَيْلٍ كَثِيرٍ (قَوْلُهُ شَتْوِيًّا) أَيْ: يَكُونُ فِي الشِّتَاءِ وَقَوْلُهُ يُحْمَلُ بِالْأَمْطَارِ أَيْ: يَكْثُرُ بِالْأَمْطَارِ

الصفحة 25