كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

مَا سَارَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ ضَمِنَ فِي الْمَحْمُولَاتِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ لَهُ إلَّا عَلَى الْبَلَاغِ، وَأَمَّا فِي الْمَرْكُوبَاتِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ مُطْلَقًا.

(ص) كَحَارِسٍ وَلَوْ حَمَّامِيًّا (ش) أَيْ وَهَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى حَارِسٍ وَلَوْ كَانَ حَمَّامِيًّا فِيمَا ضَاعَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَوْ أَخَذَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا وَنَكَّرَ الْحَارِسَ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْحُرَّاسِ كَكَرْمٍ وَنَخْلٍ وَدَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَحْرُسُهُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ خِيَانَةٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَمِنْ التَّفْرِيطِ إذَا قَالَ الْحَارِسُ جَاءَنِي إنْسَانٌ يُشْبِهُك فَدَفَعْت إلَيْهِ الثِّيَابَ وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَتَى إنْسَانٌ لِيَأْخُذَ ثَوْبًا فَتَرَكَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ صَاحِبُهُ، وَأَمَّا الْخُفَرَاءُ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا ضَاعَ شَيْءٌ فِي دَارٍ يَضْمَنُونَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ وَلَا ضَمَانَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطُوا كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ.

(ص) وَأَجِيرٌ لِصَانِعٍ (ش) أَيْ: وَهَكَذَا لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ مَا تَلِفَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الْغَسَّالِ تَكْثُرُ عِنْدَهُ الثِّيَابُ فَيُؤَاجِرُ آخَرَ يَبْعَثُهُ الْبَحْرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَغْسِلُهُ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَنَّهُ ضَامِنٌ.
وَقَالَ ابْنُ مُيَسَّرٍ هَذَا إذَا آجَرَهُ عَلَى عَمَلِ أَثْوَابٍ مُقَاطَعَةً كُلُّ ثَوْبٍ بِكَذَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ آجَرَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَدَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا يَعْمَلُهُ فِي دَارِهِ أَوْ غَابَ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَأَجِيرٌ إلَخْ عُطِفَ عَلَى حَارِسٍ.

(ص) وَسِمْسَارٍ (ش) أَيْ: وَلَا ضَمَانَ عَلَى سِمْسَارٍ طَوَّافٍ فِي الْمُزَايَدَةِ أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِمَا بَاعَهُ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَالتِّبَاعَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَبِيعِ وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ الضَّمَانِ بِالْمُشْتَهِرِ بِالْخَيْرِ وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ (إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَأَمَّا الْجُلَّاسُ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ يَأْخُذُونَ السِّلَعَ عِنْدَهُمْ كَالصُّنَّاعِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ ضَمَانِ السِّمْسَارِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَصَارَ كَالصَّانِعِ.

(ص) وَنُوتِيٌّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ وَهُوَ خَادِمُ السَّفِينَةِ كَانَ رَبَّهَا أَمْ لَا إذَا غَرِقَتْ بِسَبَبِ فِعْلٍ سَائِغٍ فِعْلُهُ فِيهَا مِنْ عِلَاجٍ أَوْ مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ، وَأَمَّا إنْ غَرِقَتْ بِفِعْلٍ غَيْرِ سَائِغٍ فَيَضْمَنُ الْأَمْوَالَ وَالدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُمْ وَإِلَّا قُتِلَ بِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

(ص) لَا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ (ش) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ لَا تَرْعَ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَيَرْعَى فِيهِ فَيُهْلِكُ بَعْضُ الْمَاشِيَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ التَّعَدِّي مَا لَمْ يَكُنْ صَبِيًّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) لَيْسَ الْمُرَادُ حَاصِلَ مَا تَقَدَّمَ بَلْ الْمُرَادُ حَاصِلُ الْفِقْهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حَيْثُ ضَمِنَ فِي تَلَفِ الْمَحْمُولَاتِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ) مَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ لَا سَبَبَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ فِيهِ وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلَ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ الْأَجْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ؟ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْمَرْكُوبَاتِ حَيْثُ تَلِفَ الْمَرْكُوبُ وَيَقْرَأُ ضُمِنَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ ضَمِنَ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ كَحَارِسٍ وَلَوْ حَمَّامِيًّا) أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ رَبُّ الثِّيَابِ ثِيَابَهُ رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الْأُجْرَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ وَمَا لَمْ يُجْعَلْ حَارِسًا لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ كَمَا إذَا كَانَ مَشْهُورًا بِالْحَرَامِ وَجُعِلَ حَارِسًا لَأَنْ تُتَّقَى سَرِقَتُهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا ظَهَرَ كَذِبُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُفَرِّطْ الْحَارِسُ، وَأَمَّا لَوْ نَامَ فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ أَوْ تَرَكَ الْعَسَّ فِي وَقْتٍ يَعُسُّ فِيهِ الْحَارِسُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ كَكَرْمٍ وَنَخْلٍ) أَيْ: كَحَارِسِ كَرْمٍ وَنَخْلٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْخُفَرَاءُ) بَالِغَيْنِ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمَوْجُودُ فِي تت الْخُفَرَاءُ جَمْعُ خَفِيرٍ بِالْخَاءِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ) قَالَ عج وَقَدْ يُقَالُ تَضْمِينُهُمْ مِنْ
الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ
، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْإِمَامُ مَنْ الْتَزَمَ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إجَارَةٌ فِيهِ أَجْرٌ وَالْمَعْرُوفُ لَا أَجْرَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ أَشْهَبَ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ حَاصِلَ كَلَامِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَقُولُ بِالضَّمَانِ حَيْثُ كَانَ الْأَجِيرُ يَغِيبُ عَلَيْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ تَحْتَ يَدِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَكِنْ جَزَمَ بِهَذَا الْقَيْدِ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالْأُجَرَاءُ وَالصُّنَّاعُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ أُمَنَاءُ لَهُ فَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ يَدِهِ مِمَّا لَوْ غَابُوا عَنْ الصَّانِعِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ.

(قَوْلُهُ أَوْ يَعْلَمُ) فَقَدْ نَصَّ أَشْهَبُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ تت عَنْ أَشْهَبَ فَجَزَمَ بِجَعْلِهِ تَقْيِيدًا لِلْمَشْهُورِ وَكَذَا يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفَادَ قَوْلُهُ تَحْتَ يَدِ الصَّانِعِ الْإِشَارَةَ إلَى مُوجِبِ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الصَّانِعِ الْأَسْفَلِ قَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ: وَيُعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ.
(قَوْلُهُ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ إلَخْ) ، فَإِذَا سُئِلَ عَنْ رَبِّ الْمَتَاعِ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ كَذَا رَأَيْته لِكَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِنَا قَالَ: وَيَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ اسْتَرَابَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يُعَاقِبَ بِالسِّجْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجُلَّاسُ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَوَافٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ نَصَبَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ النَّاصِبَ نَفْسَهُ يَضْمَنُ وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ وَهَذَا كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ فَيَفْصِلْ فِيهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ خَيْرُهُ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مِنْ عب وَانْظُرْ هَذَا الْقَيْدَ هَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ) أَيْ: وَلَا أُجْرَةَ لِلنُّوتِيِّ وَلَوْ وَصَلَتْ غَايَةَ الْمَسَافَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إخْرَاجِ الْمَالِ، أَمَّا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْوُصُولِ يُمْكِنُ صَاحِبَ الْأَحْمَالِ أَنَّهُ يَخْرُجُ أَحْمَالَهُ أَيْ: بِحَيْثُ لَوْ بَادَرَ لِإِخْرَاجِهَا فَتَوَانَى فَغَرِقَتْ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ أَوْ رِيحٌ إلَخْ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمَوْجَ وَالرِّيحَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لَا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ)

الصفحة 27