كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَنَحْوَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ أَمِنَهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لَا إنْ خَالَفَ إلَخْ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ؛ إذْ لَا يُعْطَفُ بِلَا الْجُمَلُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ أَعْنِي حَارِثٌ أَيْ لَا رَاعٍ إنْ خَالَفَ وَقَوْلُهُ أَوْ صَانِعٍ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَجُوزُ الرَّفْعُ فِيهِمَا بِالْعِطْفِ عَلَى أَمِينٍ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ أَمِينٌ.
(ص) أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ (ش) أَيْ: وَهَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَنْزَى عَلَى الْمَاشِيَةِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا فَعَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْإِنْزَاءُ إطْلَاقُ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى لِلطَّرْقِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَنَّ الرَّاعِيَ يُنْزِي.
(ص) أَوْ غُرَّ بِفِعْلِهِ (ش) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُغَرَّ بِفِعْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَفْهُومَ شَرْطٍ أَوْ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا غُرَّ بِفِعْلٍ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّيْءِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَ مَرْعَى شَرْطٍ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا يَوْمَ التَّعَدِّي فَقَوْلُهُ يَوْمَ التَّلَفِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ.

(ص) أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ لَا غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا كَانَ لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ فَلَا يَضْمَنُ الْكِتَابَ إذَا دَفَعَهُ الْمَنْسُوخُ لَهُ لِيَنْسَخَ لَهُ مِنْهُ؛ إذْ لَا صَنْعَةَ لَهُ فِيهِ وَكَذَا إذَا دَفَعَ لَهُ سَيْفًا يَصُوغُ لَهُ عَلَى نَصْلِهِ وَدَفَعَ مَعَهُ الْجَفْنَ فَضَاعَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، وَكَذَلِكَ ظَرْفُ الْقَمْحِ إذَا ضَاعَ مِنْ عِنْدِ الطَّحَّانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ (وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ كَأَحَدِ الْخُفَّيْنِ يَحْتَاجُ إلَى إصْلَاحٍ فَيَدْفَعُ الْفَرْدَتَيْنِ إلَى الصَّانِعِ فَتَضِيعُ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهُ فِيهَا.
(ص) وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ بِلَا أَجْرٍ (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي ضَمَانِ الصَّانِعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِمَّا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ وَإِنْ صَنَعَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ أَوْ حَانُوتِهِ وَسَوَاءٌ عَمِلَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَغْرِيرٌ كَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ وَإِحْرَاقِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ وَوَضْعِ الثَّوْبِ فِي قِدْرِ الصَّبَّاغِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهَا وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى مَا إذَا عَمِلَهُ الصَّانِعُ فِي بَيْتِ نَفْسِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعْمَلُهُ فِي بَيْتِهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَجْرٍ عُطِفَ عَلَى بَيْتٍ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الصُّنَّاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ رَدُّوا الْمَتَاعَ الَّذِي عَمِلُوهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَخَذُوهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا إذَا أَقَرُّوا بِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَالَ وَلَا رَدَّ فَلِرَبِّهِ وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ.
(ص) إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ وَغَابَ عَلَيْهَا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ دَفْعِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِضَمَانِ الصَّانِعِ لِمَصْنُوعِهِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ يَنْصِبَ نَفْسَهُ لِلصَّنْعَةِ لِعَامَّةِ النَّاسِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِشَخْصٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا أَنْ يَغِيبَ عَلَى الذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ، أَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا بِأَنْ عَمِلَهَا فِي بَيْتِ رَبِّهَا وَلَوْ غَائِبًا أَوْ بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَلَا ضَمَانَ فَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَعْمَلَهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ فِي بَيْتِهِ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مَصْنُوعُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ دَفَعَ شَخْصٌ غُلَامَهُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ وَقَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِذَلِكَ وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى هُرُوبَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي الصَّنْعَةِ تَغْرِيرٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا فَالضَّمِيرُ فِي وَغَابَ عَلَيْهَا رَاجِعٌ لِلذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ أَوْ الْأَشْيَاءِ الْمَصْنُوعَةِ وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ عِنْدَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّهُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُوَازِيَةِ وَالْوَاضِحَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَآخُذُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَبِعِبَارَةِ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ هَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا غَيْرَ مَصْنُوعَةٍ وَقَوْلُهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَيْ: فَلَا ضَمَانَ سَوَاءٌ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ هُوَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ مَا إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهِ لَا لِقَوْلِهِ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ أَيْضًا لِمَا بَيَّنَّاهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ الصَّانِعُ هُنَا مَصْنُوعَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ وَمَا مَرَّ يَوْمَ التَّلَفِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لَا ضَمَانَ فِيهَا بِالْأَصَالَةِ وَهَذِهِ الضَّمَانُ فِيهَا أَصْلِيٌّ.

(ص) وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: زَمَانًا أَوْ مَكَانًا فَالْأَوَّلُ كَالرَّعْيِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ النَّدَى عَنْ النَّبَاتِ قَبْلَ نُزُولِ الشَّمْسِ الصَّغِيرَةِ وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ لَا تَرْعَ بِمَوْضِعِ كَذَا أَخَافُ وُحُوشَهُ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ) ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَيَوْمُ التَّعَدِّي كَذَا قَالَ عج وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُهُ لِلْجَمِيعِ وَيُوَافِقُهُ بَهْرَامُ فِي مُخَالَفَةِ الْمَرْعِيِّ الْمُشْتَرَطِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي غُرَّ بِالْفِعْلِ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْعِثَارِ أَمْ لَا وَهَلْ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ حَمْلَ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ وَيُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَفْسَخُ الْعَقْدَ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْمَصْنُوعِ مُحْتَاجًا لِذَلِكَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ أَمِينٌ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ أَنَّ عَمَلٌ فَاعِلُ مُحْتَاجًا لَا نَائِبُ فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِلَا أَجْرٍ) رُدَّ بِهِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَا فَعَلَهُ بِأَجْرٍ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رُؤْيَتِهِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الرُّؤْيَةُ غَرِمَ وَقْتَ آخِرِ رُؤْيَةٍ وَكَذَا إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ إنَّمَا تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ آخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ تَعَدَّدَتْ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ.
(قَوْلُهُ هُوَ خَاصٌّ إلَخْ) أَرَادَ أَنَّ تَرَتُّبَ السُّقُوطِ عَلَى الْبَيِّنَةِ إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّ بِدَعْوَى أَخْذِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ بَاقٍ عِنْدَهُ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا رُئِيَ عِنْدَهُ أَيْ: وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يَدْعُهُ لِأَخْذِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ قَامَتْ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُرَتِّبَ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ النَّافِيَةِ لِضَمَانِ الْقِيمَةِ الَّتِي كَانَ حَقُّهَا أَنْ تُعْتَبَرَ يَوْمَ الدَّفْعِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِخْبَارِ بِسُقُوطِهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الدِّقَّةِ قَالَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ إلَخْ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ

الصفحة 28