كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

(ش) يُرِيدُ أَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ عَلَى الصَّانِعِ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الضَّمَانِ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَتَرْدِيدُ الزَّرْقَانِيِّ فِي الْفَسَادِ لَا مَحَلَّ لَهُ.

(ص) أَوْ دَعَا لِأَخْذِهِ (ش) عُطِفَ عَلَى شَرْطِ نَفْيَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّمَانَ ثَابِتٌ عَلَى الصَّانِعِ وَلَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ حَتَّى يَصِيرَ إلَى يَدِ رَبِّهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّانِعُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُودِعِ.
(ص) إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ (ش) أَيْ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فَقَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ فَإِنْ قُلْت سُقُوطُ الْأُجْرَةِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ لَا عَنْ نَفْيِ الضَّمَانِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ اكْتَفَى بِذَلِكَ وَرَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَفْيَ الضَّمَانِ.
(ص) وَإِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ (ش) هَكَذَا قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الضَّمَانَ عَلَى الصَّانِعِ بِمَا إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْمَصْنُوعَ قَالَ: وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ وَرَآهُ صَاحِبُهُ مَصْنُوعًا عَلَى صِفَةِ مَا شَارَطَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَرَكَهُ عِنْدَهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الْإِجَارَةِ إلَى حُكْمِ الْإِيدَاعِ فَقَوْلُهُ بِشَرْطِهِ أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ بَيْنَهُمَا.

(ص) وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي صُدِّقَ لِلرَّاعِي وَكَذَا فِي نَحَرَ أَيْ: أَنَّ الرَّاعِيَ إذَا خَافَ مَوْتَ شَاةٍ فَذَبَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ إذَا جَاءَ بِهَا مَذْبُوحَةً وَكَذَا يُصَدَّقُ فِيمَا هَلَكَ أَوْ سَرَقَ وَلَوْ قَالَ ذَبَحْتهَا ثُمَّ سُرِقَتْ صُدِّقَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالضَّمِيرُ فِي مَنْحُورَةٍ لِلرَّاعِي لَا لِرَبِّهَا وَفَحْوَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ وَمَنْ نَسَبَ لِلْمُدَوَّنَةِ الْيَمِينَ فَقَدْ غَلِطَ بَلْ ظَاهِرُهَا عَدَمُ الْيَمِينِ، ثُمَّ إنَّ الرَّاعِيَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَأَكَلْتهَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ: ذَبَحْتهَا خَوْفَ الْمَوْتِ وَأَكَلْتهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَكْلَهَا، فَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ صُدِّقَ وَكَذَا إذَا جَعَلَ لَهُ أَكْلَ بَعْضِهَا حَيْثُ أَتَى بِالْبَاقِي وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَالْمُلْتَقِطُ مِثْلُ الرَّاعِي يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي اللُّقَطَةِ وَانْظُرْ إذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ خَوْفَ الْمَوْتِ وَأَكَلَ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّاعِي فَلَا يُصَدَّقُ أَمْ لَا.

(ص) أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ (ش) هُنَا صِفَةٌ مَحْذُوفَةٌ أَيْ: أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَجَّامَ إذَا ادَّعَى قَلْعَ الضِّرْسِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْلُوعَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا سَمَّاهُ لَهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْحَجَّامُ عَلَى مَا قَالَهُ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَلَا مَفْهُومَ لِلضِّرْسِ بَلْ السِّنُّ أَوْ النَّابُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّ الضِّرْسَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْوَجَعَ يَقَعُ فِيهِ.

(ص) أَوْ صَبْغًا (ش) هُوَ بِالنَّصْبِ عُطِفَ عَلَى خَوْفٍ أَيْ: وَهَكَذَا يُصَدَّقُ الصَّانِعُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَغَ الثَّوْبَ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرًا مَثَلًا وَادَّعَى أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ وَقَالَ رَبُّهُ إنَّمَا أَمَرْته أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ بِخَمْسَةٍ فَقَطْ مَعَ يَمِينِ الصَّانِعِ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بِعَشْرَةٍ وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَبِعِبَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَأَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَالَ سُرِقَ مِنِّي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى صُورَةٍ يَنْدَفِعُ بِهَا التَّكْرَارُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّانِعُ يَخِيطُ وَيَصْبُغُ فَيَقُولُ رَبُّهُ دَفَعْته لَك لِتَخِيطَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ.

(قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ تَسْقُطْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا سَقَطَتْ (قَوْلُهُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ) أَيْ: الْمُفَادُ بِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ.
(قَوْلُهُ اكْتَفَى بِذَلِكَ) أَيْ: بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ فَقَوْلُهُ وَرَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَفْيَ الضَّمَانِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ سُقُوطُ الْأُجْرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الْكَلِمَةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ قَدْ حَصَلَتْ بِقَوْلِهِ اكْتَفَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْأُجْرَةَ ضَمِنَ كَمَا فِي شَرْحِ عب.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكَافِي فِي الصَّانِعِ تَضِيعُ عِنْدَهُ السِّلْعَةُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ أَنَّهَا لِلصَّانِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ عَبْدَهُ فَأَنْكَرَهُ فَصَالَحَ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى هُوَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ صَحِيحًا أَوْ مَعِيبًا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ عِنْدَهُ قَدْ أَخْفَاهُ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَفِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُكْتَرِي يَتَعَدَّى عَلَى الدَّابَّةِ فَتَذْهَبُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ هِيَ لِلْمُكْتَرِي اهـ. .

(قَوْلُهُ فَنَحَرَ) أَيْ: أَوْ ذَبَحَ وَجَاءَ بِهَا مُذَكَّاةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ أَيْ: الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِيَ) أَيْ: بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ لِثَوْرٍ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فَمَنْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا ثُمَّ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتِهِ فَنَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ وَيُصَدَّقُ) فَإِنْ تَرَكَ التَّذْكِيَةَ حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَالْآتِي بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ قَلْعِ ضِرْسٍ (قَوْلُهُ حَيْثُ أَتَى بِالْبَاقِي) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْمَكَانَ قَرِيبٌ يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ) وَانْظُرْ هَلْ بِيَمِينٍ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَبَغَ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ صُبِغَا مَعْنَاهُ إنْ ادَّعَى صَبْغًا أَيْ: قَدْرًا مِنْ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ) أَيْ: إنْ أَشْبَهَ (قَوْلُهُ فِي الصِّفَةِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ أَخْضَرَ أَوْ أَحْمَرَ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنَّهُ اُسْتُصْنِعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ) وَجْهُ التَّكْرَارِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ صَبْغًا مَعْنَاهُ ادَّعَى الصَّانِعُ الصَّبْغَ وَادَّعَى رَبُّهُ خِلَافَهُ وَهَذَا صَادِقٌ بِذَلِكَ

الصفحة 29