كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَيَقُولُ الْآخَرُ دَفَعْته لِأَصْبُغَهُ وَهَذَا إذَا حُمِلَ قَوْلُهُ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ عَلَى صِفَةِ الصَّبْغِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ فَلَا يَنْدَفِعُ التَّكْرَارُ، وَقَوْلُهُ (فَنُوزِعَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ.

(ص) وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إنَّ كُلَّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ وَكُلُّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ صَبِيَّانِ وَفَرَسَانِ صَبِيًّا لِلتَّعْلِيمِ وَالرَّضَاعَةِ وَفَرَسًا لِلنَّزْوِ وَالرِّيَاضَةِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(ص) إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ وَرَضِيعٌ وَفَرَسُ نَزْوٍ وَرَوْضٍ (ش) زَادَ الْمَازِرِيُّ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ زَرْعَهُ الَّذِي فِي أَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فِي دَارِهِ ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ وَزَادَ غَيْرُهُ الْخَيَّاطَ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ يَخِيطُهُ لِلِّبَاسِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ وَزَادَ الْبَاجِيُّ مَسْأَلَةَ الْعَلِيلِ يُشَارِطُهُ الطَّبِيبُ عَلَى بُرْئِهِ فَيَمُوتُ قَبْلَ ذَلِكَ وَزَادَ غَيْرُهُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ فِي الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ صَنْعَةً ثُمَّ تَهْلِكُ وَفِي التَّوْضِيحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَدَمُ الْفَسْخِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرُ كَمَا إذَا نَزَلَ مَطَرٌ مَنَعَ النَّاسَ الْبِنَاءَ أَوْ الْحَرْثَ أَوْ انْكَسَرَ الْمِحْرَاثُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَالتَّلَفُ لَيْسَ شَرْطًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ التَّعَذُّرَ إنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ التَّلَفِ مِنْهُ وَمَا مِنْ قَوْلِهِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ مَوْصُولَةٌ وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ أَيْ بِتَلَفِ الَّذِي يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْ: بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا عُمُومَ فِيهَا وَقَوْلُهُ لَا بِهِ أَيْ: لَا مَا يُسْتَوْفَى بِهِ أَيْ: لَا الَّذِي يُسْتَوْفَى بِهِ أَيْ: لَا كُلُّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ وَبِجَعْلِنَا مَا مَوْصُولَةً فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا شَيْءٌ قَوْلُهُ مِنْهُ كَانَ الْوَاجِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى عَامِلِهِ فَيَقُولُ مَا مِنْهُ يُسْتَوْفَى لِيُفِيدَ الْحَصْرَ وَالِاخْتِصَاصَ أَيْ: بِتَلَفِ كُلِّ ذَاتٍ لَا يُسْتَوْفَى إلَّا مِنْهَا وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا لَكِنَّ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي كِرَاءِ الدَّوَابِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَهُ يُقَيِّدُ بَعْضُهُ بَعْضًا

. (ص) وَسِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ (ش) هَذَا عُطِفَ عَلَى صَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مَنْ بِهِ أَيْ، وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ أَوْ ضِرْسٍ فَسَكَنَ أَلَمُهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ شَخْصٍ فَيَعْفُوَ عَنْهُ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ مِمَّنْ لَهُ الْقِصَاصُ كَمَا إذَا تَرَكَ أَوْلَادًا مَثَلًا لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ فِيهِمَا أَمَّا إنْ كَانَ الْعَافِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعَفْوِهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَسِنٍّ لِقَلْعٍ أَنَّهُ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ فَسَكَنَتْ وَعِبَارَتُهُ لَا تُسَاعِدُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّهُ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ فَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ السِّنُّ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَقَلْعِ سِنٍّ فَسَكَنَتْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَسِنٍّ لِقَلْعٍ أَيْ: اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سِنٍّ لِأَجْلِ قَلْعِهَا وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَقَوْلُهُ فَسَكَنَتْ أَيْ: السِّنُّ أَيْ: أَلَمُهَا فَاكْتَسَبَ الْمُضَافُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ عَلَى صِفَةِ الصَّبْغِ) أَيْ: مِنْ كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَيْ: أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى الصَّبْغِ وَمَا اخْتَلَفُوا إلَّا فِي كَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَخْضَرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ شَمِلَ هَذِهِ الصُّورَةَ) أَيْ: صُورَةَ مَا إذَا كَانَ يَخِيطُ وَيَصْبُغُ (أَقُولُ) وَفِي عب وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ مَا هُنَا مَحْمَلًا يَفْصِلُهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَقْسَامِ.

(قَوْلُهُ فَبِهَلَاكِهَا) أَرَادَ الْهَلَاكَ وَلَوْ حُكْمًا كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ وَسُكُونِ أَلَمِ سِنٍّ وَعَفْوِ قِصَاصٍ كَمَا يَأْتِي وَمَرَضِ صَبِيِّ تَعَلُّمٍ وَمَنْ بِهِ مَرَضٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ فَسْخُهَا بِمُجَرَّدِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ بِهِ وَلَا إلَى تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَفِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فِيمَا سَيَأْتِي بَعْضُ مُخَالَفَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا صَبِيٌّ تَعَلَّمَ) أَيْ: أَوْ بَالِغٌ وَقَوْلُهُ تَعَلَّمَ أَيْ: لِصَنْعَةٍ وَالْمُرَادُ إلَّا صَبِيُّ تَعَلُّمٍ وَرَضِيعٌ مَاتَ كُلٌّ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَفَرَسُ نَزْوٍ) أَيْ: يُنْزَى عَلَيْهَا مَاتَتْ أَوْ أَعْقَتْ مِنْ مَرَّةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، وَأَمَّا مَوْتُ ذَكَرِ نَزْوٍ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِشُمُولِ الْفَرَسِ لِلذَّكَرِ، وَأَمَّا الْحِصَانُ فَخَاصٌّ بِالذَّكَرِ وَقَوْلُهُ وَرَوْضٍ أَيْ: رِيَاضَةٍ أَيْ تَعْلِيمِهَا حُسْنَ السَّيْرِ فَمَاتَتْ أَوْ انْكَسَرَتْ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَحْصُدَ زَرْعَهُ) أَيْ: الْمُعَيَّنَ أَيْ: أَوْ يَحْرُثَ أَرْضَهُ الْمُعَيَّنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ كُلَّهَا يُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ.
(قَوْلُهُ يَدْفَعُ لَهُ الثَّوْبَ) أَيْ: وَيَتْلَفُ الثَّوْبُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ) أَقُولُ حَيْثُ إنَّ صَاحِبَ التَّوْضِيحِ أَفَادَ مَا ذُكِرَ فَصَحَّ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مَنَعَ النَّاسَ الْبِنَاءَ) أَيْ: فَتَعَذَّرَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْكَسَرَ الْمِحْرَاثُ أَيْ: الَّذِي يَحْرُثُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمِحْرَاثَ مُسْتَأْجَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ مُسْتَوْفًى مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ حَيْثُ كَانَ مُعَيَّنًا وَلَكِنْ حَيْثُ كَانَ مُرَادُنَا بِالتَّلَفِ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ إلَخْ الصَّادِقُ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَالْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاعِدَةِ) أَيْ: وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهَا أَيْ: الَّتِي هِيَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِكُلِّ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا هَذِهِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ لُزُومُ جَمِيعِ الْأَجْرِ (قَوْلُهُ كَلَامُهُ الْآتِي) أَيْ: فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْحَصْرِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْقَلْعُ لَا ذَاتُ السِّنِّ وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَاتَ السِّنِّ هِيَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَحْثَ بَاقٍ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَدْلُولِ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَرَدَ عَلَيْهَا الِاعْتِرَاضُ (قَوْلُهُ فَاكْتَسَبَ الْمُضَافُ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى السِّنِّ إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ

الصفحة 30